حرب دموية باردة على سلطة قذرة في تونس الخضراء…

أضيف بتاريخ: 17 - 07 - 2020

إما مجلس سياسي أعلى وإما فلن يتبقى لنظام الحكم التونسي الحالي سوى الحل الصهيوني! حكومة بالتناوب على رئاسة الحكومة بقسمة المدة النيابية وحسب الأولوية

يعلم الجميع اولا أن إعادة الانتخابات في تونس مرة وثانية وثالثة دون تغيير النظام السياسي والنظام الانتخابي ونظام الحكم برمته لن يغير شيئا، لا بل سيحكم على البلاد برحيها زجاجا زجاجا وتتحلل أبعد من غبار الغبار.

ويعلم الجميع ثانيا أن حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جدا دون تمهيد لتغيير فعلي لن يجد حتى بقايا الخراب ليفرزه مهما كان من يحكم ومهما كان من يعارض إذا لم يكن مجلسا سياسيا حكوميا بعيدا تماما على كلا الفريقين المتصارعين إجمالا.

ويعلم الجميع ثالثا وأخيرا ان مبادرات الإنقاذ تأخرت جدا وربما انعدمت الآن ولم يتحمل أحد المسؤولية لايجاد حل منذ أشهر خلت، فلا الرئاسة فعلت ولا البرلمان فعل ولا طرف ثالث رغم أن ما وقع كان أكثر من متوقع. ولقد ساهمنا بعدة مقترحات لتمهيد مسرح للانفراج والتغيير والإصلاح والبناء مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات وعلى قواعد انتقال بديل وعميق معقولة ومبتكرة. على قواعد حكم وطنية وسيادية ونظيفة وعلى قواعد ديمقراطية معمقة ومتقدمة؛ ديمقراطية قاعدية موسعة.

إننا الآن، وبعد أن ارتأينا ان ما يجري هو هدم السلطة بواسطة السلطة، وهو الانقلاب على الشعب والانقلاب على الوطن… هذا ما يحدث في تونس اليوم، نسأل من الضامن للانقلاب وما هو الحل؟

عندما تكون المآزق أكثر من المخارج من السياسي إلى الدستوري، يكون الأمن القومي الشعبي أو حتى الأمن القومي السياسي أو حتى الأمن القومي الدستوري محتما للتحرك السريع.

نأمل أن يكون ما تبقى من أيام من الأيام العشرة كافيا لتفادي الانهيار الذي حذرنا منه أكثر من مرة حقيقة لا تهويلا. وإذا لم يكن ذلك ممكنا والأقرب أن الاستباق في هذه الحالة هو عين العقل، فنحن نطالب صراحة بترك الشكلانيات الدستورية جانبا أو تحمل مسؤولية مخالفتها قبل الاضطرار إلى ممارسة دور المسهل والقابل والمشارك والدافع إلى الانقلاب التدريجي والسلمي والسلس أو الضامن للانقلاب على الوطن (فلا ثورة في الأمر)، والذي نأمل أيضا أن لا يتحول إلى انقلاب برك من الدماء.

وبعد مراجعة مجموعة من التصريحات والفيديوهات لمختلف الأطراف في المدة القليلة الماضية إلى تاريخ هذا اليوم ومراجعة الفصول الدستورية المطلوبة والوقائع والأحداث وقراءة التكتيكات والاوزان والاستعدادات واستقراء الاستطلاعات ورصد ومتابعة ردود الأفعال في المؤسسات وفي الأوساط الشعبية ومعاينة بعض الأفعال والاستقصاء حول بعض الكواليس والخطط والتحضيرات واستشراف ما بعد السيناريوهات وغياب استنباط الحلول حتى الآن، تيقنا من أن كل عناصر وتقنيات الدفع نحو الانقلاب تمت صناعتها وترسيخها بوعي ودون وعي وتم ترتيب المسارح والبيئات بشكل متقدم.

وحيث لا يوجد حجب للسلطة نافذ بقوة النضال ولا يوجد مكان لإدارة أو لتجاوز اغتصاب السلطة بقوة القانون ولا مكان لافتكاكها بقوة غالبية الشعب ورضاه ولا مجال لانتقال السلطة لا في حالة ثالثة ولا في حالة رابعة حتى، ولا إمكانية لتطبيق الدستور بجدوى واقعية تصب في مصلحة البلد.

وحيث ان كل الأطراف المتموقعة والمتموضعة في مختلف مؤسسات الدولة تعلم ذلك. وحيث لا يمكن المراهنة على القوة العامة بشكل آمن ولا تحميل القوات الحاملة للسلاح الأمنية منها والعسكرية مسؤولية فض هذا الاشتباك غير المسبوق، فإنه يتعين على عقل الدولة حفظ كيانها الطبيعي والمعنوي وحفظ أمنها وحدودها ومؤسساتها والسلم لاهلها فورا إما بتجميد سياسي مؤقت للبؤر الحاضنة لحافة الانقلاب حتى إيجاد مخرج سياسي بالحوار وإما حل مجلس النواب وتعيين رئيس حكومة جديد مباشرة دون مشاورات أو تكليف وزير من الطاقم الحالي بمهام رئيس الحكومة أو إشراف رئيس الجمهورية مباشىرة على أعمال الحكومة المستقيلة إلى حين انجاح حوار ما تمهيدا لانتخابات مبكرة أو إجراء انتخابات مبكرة جدا قبل الاجال أي مسبقة عن كل اجالها الدستورية وليس سابقة لاوانها أو حتى تشكيل مجلس سياسي أعلى يضم رئيس الجمهورية ورؤساء الكتل يعوض البرلمان والحكومة ويتولى مسؤولية الإشراف على حكومة تصريف الأعمال ويشرف هذا المجلس على قيادة حوار وطني شامل للتفاهم على نظام جديد وانتخابات جديدة في غضون ستة أشهر، وفي هذه الحالة فقط يمكن الخروج من حقيقة استغلال مؤسسات الدولة القائمة لتدمير الدولة، وحتى في صورة تخلف طرف أو أكثر فلن يمنع ذلك البلاد من العمل على الإنقاذ طالما تم إفراغ مسارح الفوضى والانهيار من فرص العبث والدمار.

أما في صورة ثبوت وتأكيد إمكانية الإنقاذ في غضون أيام مقبلة ومن ثم في غضون شهر وهذا أيضا يتوقف على حل لاحق ودائم في أشهر لاحقة، فيتوجب محاورة الجميع وطمانة الشعب ومختلف القوى الماتمنة على كيان الطابع الجمهوري المدني للدولة والسياسة عامة.

مؤسسات الحكم الثلاث تتحمل المسؤولية لوحدها كاملة.

والله ولي التوفيق.

صلاح الداودي