صعود راية التحرير العالمي مجددا بدماء المحرر الشرق أوسطي والأممي الشهيد قاسم سليماني

أضيف بتاريخ: 07 - 01 - 2020

يشهد العالم من أميركا الجنوبية إلى غرب آسيا ومن المشرق العربي إلى أقصى الشرق الأوراسي حراكا غير مسبوق تتعالى فيه رمزيات خالت الإنسانية التي تقع تحت ظلام التعمية والدعاية الصهيو-أمريكية انها على وشك نسيانها.

في الواقع، مازالت أميركا كما هو معلوم حتى الآن، وذلك واضح في عقيدتها الأمنية والعسكرية الاستراتيجية، مازالت تؤمن بأن الحرب تصنع السلام وأنه عليها أن تمارس الحرب لتحقيق هذا السلام المزعوم. ومازالت تعتبر أن الحرب والحرب المطلقة والحرب الشاملة والحرب المحدودة… والحرب مفهوما وكل حرب هي المقام الأعلى للاستراتيجيا والحرب في تراجم الممارسة الأمريكية تقوم على السلاح وتنهض على التدمير وتتاسس على الهيمنة والاحتلال وتشرع لنفسها الإرهاب وسائر الجرائم.

نحن لسنا في حاجة في هذا المقام إلى رواية الحروب الأمريكية كمؤرخي حرب أو كمؤرخي أحداث. ولا أحد من من العقلاء الشرفاء الأحرار في هذا العالم يستطيع إنكار كون أميركا قوة حرب وهي تقدم نفسها إلى العالم على هذه الهيئة وتتصرف على هذا الأساس. بينما في مقابل ذلك تقوم العقيدة السياسية الاستراتيجية للمحرر الشهيد سليماني الذي بات رمزا مكثفا جامعا للثائرين في كل أرجاء الأرض على الفكر المقاوم لا على السلاح الاستعبادي؛ السلاح المقاوم الدفاعي والثوري وليس الاحتلالي. وبلغة أخرى مختصرة، حمل الشهيد عاليا عاليا عاليا رسالة خاصة إنسانية هي لسان وبيان حضارة المقاومة. وكانت تلك رابطتها الداخلية والخارجية وتلك فلسفتها الرسالية. انها قوة مقاومة، مقاومة قوة الحرب. وخوض الحروب بفكر مقاومة لا الذهاب إلى الحروب لبسط النفوذ والقوة الاغتصابية على الآخرين.

ولهذا كان الشهيد القائد قاسم بطلا قوميا وامميا حاملا لرسالة حضارية خالدة هي عقيدة راسخة. ولذلك تحديدا تمت جريمة اغتيال الجبانة بصفته محاربا نبيلا ومحررا شرق أوسطي ولا أدل على ذلك من جغرافيات وزمانيات مراسم تشييع جثمانه الطاهر فوق كل أرض وتحت أي سماء واينما وجب أن يكون لملاحقة العدو الصهيوأميركي وادواته أينما حل.

تبرز من خلال ذكريات وخواطر الشهيد قاسم سليماني ميزة لامعة شديدة الخصوصية اذا لم تتوفر في الجندي لا يمكن أن يكون محاربا ولا يمكنه أن يكون محررا وهي ميزة النبل. نحن نرى ذلك أيضا في دمه حيث نكاد نقول ان أقسى واكسح هجوم استراتيجي على أميركا هو استشهاد قاسم سليماني. ونكاد نقول، اذا لم يكن قدرا، وهو قدر، فهو استدراج استراتيجي سيعلي حتما جناح الشهيد أعلى وأسمى وأغلى وأبقى. إنه قاسم سليماني، انه جناح البراق المحلق فوق القدس الشريف.

من هنا فصاعدا ستعجز مراكز دراسات الحرب الأمريكية على إقناع نفسها والعالم بعقيدة حربية قابلة للتسويق. وسينتهي التفاخر بالأفول وستبدو أغلب المعارك معارك ظاهرية تبدو وكانها واقعية. وتكون المعركة الكبرى ذات العمق الشامل لما يظهر وما لا يظهر وما يجمع السياسة بالعسكر ويجمع التكتيكي بالاستراتيجي، ستكون معركة إنهاء أميركا كقوة حرب.

يعني إنهاء أمريكا كقوة حرب ما يلي:

– إنهاء أميركا الحربية أو أميركا-الحرب
– إنهاء حروب أمريكا
– تغيير طبيعة أميركا
– إخراج أمريكا من الحروب
– تغيير سلوك أمريكا
– إنهاء سياسة الحرب أو تغيير سياسة أمريكا الحربية
– إنهاء حكم ترامب
– إنهاء حكم نتنياهو
– إنهاء العمالة لامريكا
– توسيل الأمريكان الهروب.

هذا الانهاء يتطلب حتما:

– الرد الردعي الحاسم متعدد الأبعاد
– نزع قوة الحرب الأمريكية وخاصة سلاح الجو
– تعطيل قرار الحرب الأمريكي على العالم من داخل نظام الولايات المتحدة وخاصة قرار الرئيس
– تعطيل أدوات الحرب وخاصة القواعد وما تبقى من مجاميع وظيفية
– تفليس مصادر تمويل ميزانيات الحرب وتجارة الحرب
– تحييد السلاح وإضعاف قيمته التجارية واخراجه من الخدمة وخاصة منظومات الدفاع الجوي الأمريكي.

لقد صدق ابن خلدون حينما اعتبر ان من علامات أفول الدول وانهيارها أن تصاب حروبها بلعنة رد الاعتبار وأن تترهل نخب جيوشها عن الإبداع وتقع في التكرار. صدق وانطبق ذلك انطباقا تاما على أميركا، من أفغانستان والعراق إلى سوريا واليمن إلى فنزويلا وإيران…الخ. هذا دون أن نحصي مباشرة عدد الاغتيالات ومحاولات الاغتيال التي نفذتها والانقلابات ومحاولات الانقلاب التي أشرفت عليها.

عندما تصبح أميركا دولة لاحربية، وقتها فقط ينتهي صراعنا معها وينتهي دورها إلى جانب كيان العدو الصهيوني وغيره، وهي معركة واحدة ومتوسطة الأمد وللغالبية الساحقة من القوى الكبرى في العالم مصلحة في لعب دور فيها ولكل شعوب الأرض كل المصلحة الكبرى.

سيأخذ ذلك ما ياخذ من وقت وتضحيات وتحولات استراتيجية كبرى وسيتطلب ما يتطلب من حركة وعي عالمي ومقاوم ومن مقاومات ثقافية واقتصادية وشاملة. ولكن مصير العالم والإنسانية لا شك يمر عبر التحرر والتحرير على نفس الدرجة التي انتجت فرزا متقدما جدا بين العدو والصديق.

صلاح الداودي