الصفقة الموعودة وحرب القرن؛ الأرض الموعودة الجديدة والحركة المقدسية العالمية؟

أضيف بتاريخ: 17 - 12 - 2019

لقد اكتملت صورة صفقة القرن بعد إذ تسربت رويدا رويدا حتى اكتملت أو كادت. سنعرض أركانها في التالي وحسب مسودة قناة الميادين دون مقدمات ومن ثم نهتم بما يعنينا في التعليق عليها:

* تتضمن دولة فلسطين الجديدة
طبقا لمسودة بنود صفقة القرن توقيع اتفاق ثلاثي بين كل من “إسرائيل” ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس وإقامة دولة فلسطينية يطلق عليها “فلسطين الجديدة” على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة من دون المستوطنات “الإسرائيلية” القائمة.
* بقاء الكتل الاستيطانية كما هي بيد “إسرائيل”، لتنضم إليها المستوطنات المعزولة.
* لن يتم تقسيم القدس وستكون مشتركة بين “إسرائيل” وفلسطين الجديدة وينقل السكان العرب ليصبحوا سكاناً في فلسطين الجديدة وليس “إسرائيل”.
* تكون بلدية القدس شاملة ومسؤولة عن جميع أراضي القدس باستثناء التعليم الذي تتولاه فلسطين الجديدة التي تدفع لبلدية القدس اليهودية ضريبة الأرنونا والمياه.
* لن يُسمح لليهود كما تنص المسودة بشراء المنازل العربية كما لن يُسمح للعرب بشراء المنازل اليهودية ولن يتمّ ضمّ مناطق إضافية إلى القدس وستبقى الأماكن المقدسة كما هي اليوم.
* تقوم مصر بمنح أراض جديدة لفلسطين بغرض إقامة مطار ومصانع وللتبادل التجاري والزراعة دون السماح للفلسطينيين بالسكن فيها.
* يكون حجم الأراضي وثمنها متفقا عليه بين الأطراف بواسطة الدول المؤيدة التي سيتمّ تعريفها لاحقاً، بينما سيتمّ شق طريق أوتستراد بين غزة والضفة الغربية والسماح بإقامة ناقل للمياه المعالجة تحت الأرض بين غزة والضفة.
* وافقت على المساعدة في تنفيذ الاتفاق ورعايته اقتصادياً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج المنتجة للنفط وسيتمّ رصد مبلغ 30 مليار دولار على مدى 5 سنوات لمشاريع تخص فلسطين الجديدة.
* تتكفل إسرائيل بثمن ضمّ المستوطنات وبينها المستوطنات المعزولة.
* تقوم الولايات المتحدة الأميركية بدفع 20% والاتحاد الأوروبي 10%، بينما ستدفع دول الخليج 70%.
* تتوزع النسب بين الدول العربية حسب إمكانياتها النفطية.
*يمنع على فلسطين الجديدة أن يكون لها جيش والسلاح الوحيد المسموح به هو سلاح الشرطة.
* يتمّ توقيع اتفاق بين “إسرائيل” وفلسطين الجديدة على أن تتولى “إسرائيل” الدفاع عن فلسطين الجديدة ضد أيّ عدوان خارجي بشرط أن تدفع الأخيرة ثمن هذه الحماية في حين يتمّ التفاوض بين “إسرائيل” والدول العربية على قيمة ما سيدفعه العرب للجيش “الإسرائيلي” ثمناً للحماية.
* عند توقيع الاتفاقية يحصل التالي:
– تفكك حماس جميع أسلحتها ويشمل ذلك السلاح الفردي لقادتها ويتمّ تسليمه للمصريين.
– يأخذ رجال حماس بدلاً عن ذلك رواتب شهرية من الدول العربية.
– تفتح حدود قطاع غزة للتجارة العالمية من خلال المعابر” الاسرائيلية” والمصرية وكذلك يفتح سوق غزة مع الضفة الغربية وكذلك عن طريق البحر.
– بعد عام من الاتفاق تقام انتخابات ديمقراطية لحكومة فلسطين الجديدة وسيكون بإمكان كل مواطن فلسطيني الترشح للانتخابات.
– بعد مرور عام على الانتخابات يطلق سراح جميع الأسرى تدريجياً على ثلاث سنوات.
– يتم في غضون خمس سنوات إنشاء ميناء بحري ومطار لفلسطين الجديدة وحتى ذلك الحين يستخدم الفلسطينيون مطارات وموانىء “إسرائيل”.
– تبقى الحدود بين فلسطين الجديدة و”إسرائيل” مفتوحة أمام مرور المواطنين والبضائع كما هو الحال مع الدول الصديقة.
– يقام جسر معلّق يرتفع 30 متراً عن سطح الأرض ويربط بين غزة والضفة. وتوكل المهمة لشركة من الصين وتشارك الصين في تكلفته بنسبة 50% واليابان 10% وكوريا الجنوبية 10% وأستراليا 10% وكندا 10% وأمريكا والاتحاد الأوروربي مع بعضهما 10%.
* يظل وادي الأردن في أيدي “إسرائيل” كما هو اليوم بينما تتحوّل الطريق 90 إلى طريق باربع مسارات.
* تشرف “إسرائيل” على شق طريق 90 ويكون مسلكان من الطريق للفلسطينيين ويربطان فلسطين الجديدة مع الأردن ويكونان تحت إشراف الفلسطينيين.
+ في حال رفضت حماس ومنظمة التحرير الصفقة فإن الولايات المتحدة سوف تلغي كل دعمها المالي للفلسطينيين وتعمل جاهدة لمنع أيّ دولة أخرى من مساعدتهم.
+ إذا وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على شروط هذا الاتفاق ولم توافق حماس أو الجهاد الإسلامي، يتحمّل التننظيمان المسؤولية. وفي أي مواجهة عسكرية بين “إسرائيل” وحماس، ستدعم الولايات المتحدة “إسرائيل” لإلحاق الأذى شخصياً بقادة حماس والجهاد الإسلامي حيث ان أميركا لن تقبل أن يتحكم عشرات فقط بمصير ملايين البشر.
+ في حال رفضت “إسرائيل” الصفقة فإن الدعم الاقتصادي لها سوف يتوقف.
= تنقل الوصاية على المسجد الأقصى إلى السعودية بدل الأردن.

لن نعلق، بعد هذا العرض السريالي المطول لا مطولا ولا على كل شيء في الشكل وفي المضمون وحسب التزمين وحول الفاعلين والفرضيات والسيناريوهات وإلى آخر ذلك. غير أن التعليق الموجز مثلا على ثمن الرفض الفلسطيني قد يكون مهما حيث تهدد أميركا ومن معها بتصفية قادة الشعب الفلسطيني ومنع أي دولة من دعم الفلسطينيين واعلان الحرب على المقاومة إلى جانب كيان العدو. وهذا كما هو واضح سيناريو حرب إقليمية كبرى وبالتالي عالمية. وقبل ذلك وحسب متابعتنا الحثيثة لإعلام العدو ومراكز دراساته فإن مخططات التصفية بهذا المعنى بالذات جاهزة ومتخذة كقرارات وكذلك شأن دخول الأمريكان على خط الحرب مباشرة وخاصة عند دخول دول محور المقاومة ميدان المعركة الفاصلة.

يستحق التعليق أيضا موضوع نقل الوصاية على المسجد الأقصى. وهذا سر من الأسرار الكامنة في قلب كل مطبع مع العدو على وجه الأرض. وليس ذلك بسبب الأردن في الأساس وإنما بسبب البحث عن الأرض الموعودة الجديدة للاستقرار النهائي أي للاستعمار النهائي أي للاستدمار والاستخلاء والاستفراغ والاحتلال النهائي بعبارات أخرى، بعد رحلة البحث عن الأرض الموعودة الأولى وهي فلسطين وعدم احلالها لا في أوروبا ولا في أميركا الجنوبية. ربما أيضا تكون هناك أراضٍ عربية وإسلامية أخرى موعودة في المستقبل داخل العقل الصهيو-أميركي.

نعلق اخيرا وبايجاز وبوجه عام على المستوى الاقتصادي من الصفقة من شقين متلازمين وعلى طريق الإنجاز مهما بدا لنا. يتعلق الأول بما يجري الاختصام ومن بعد ذلك الاتفاق عليه نيابة عن قبرص التركية وليبيا صهيونيا- تركيا-قطريا-يونانيا٠٠٠ في خصوص الغاز والخط التركي وخط شرق المتوسط وما يعمل به ويطور العمل عليه صهيونيا-اردنيا-مصريا-اماراتيا-بحرينيا-سعوديا٠٠٠ في النفط الغاز ومشروع نيوم.

ومع كل ذلك وكما في العنوان، نحن لا نتسائل حقيقة عن وجود تيار مقدسي عالمي إنساني ومقاوم ولا عن تيار وطني وحدوي ومقاوم في المنطقة العربية والإسلامية ولكننا نتوخى الايحاء الرمزي أكثر من التنظير في هذا العصر من صهيونية الخلاص أو الصهيونية الأخيرة التي تلفظ أنفاسها في واقع صهيونية الزوال الاستراتيجي لكيان العدو. نحن هنا ننظر بطبيعة الحال من زاوية شؤون المقاومة ونزع الاستعمار والصهيونية وليس من زاوية شؤون الاحتلال والتبعية والتطبيع أي اننا نرى قضايا الزوال الصهيوني تبرز أكثر فأكثر بدل بروز ما كانوا يسمونه قضايا الحل النهائي ونرى ان الصهيونية المقاتلة الإرهابية وكذا الصهيونية السياسية والاقتصادية والثقافية وما بعد الصهيونية بصدد الاحتضار.

وقياسا على أسطورة سيزيف التي تستلزم منطقيا تصور سيزيف سعيدا جدا حتى يتحمل كل ذلك العبث الشاق وهو يصعد في كل مرة الصخرة أعلى الجبل فتنزل كل مرة، لا نرى سوى الهاوية للصهاينة وزبانيتهم في أسطورة صهيون. وبتصور بنود هذه الصفقة لا يمكن منطقيا الا أن يكون صهيون في حالة احتضار خاصة وان رأس الرهان الصهيوني على المستوطنات أو المستعمرات-المغتصبات منذ الجيل الصهيوني الأول وخاصة في هذه الصفقة الموعودة هو الحامل الاستراتيجي الحقيقي لزوال الكيان من الوجود أي ان، ولنعدها لنثبتها، المستوطنات والأرض بعبارة أخرى، هي الحامل الموضوعي الحقيقي لزوال الكيان من الوجود؛ كل أرض وأي أرض.
صلاح الداودي.