بين خواطر المترشحين “البريئة” وفقدان السيادة الانتخابية، قد تصبح انتخابات تونس تهديدًا جيوسياسيا وتتحول إلى عقاب تشريعي عام

أضيف بتاريخ: 26 - 09 - 2019

منذ أن دخل العامل الارهابي الاستراتيجي ساحة السياسة ومنذ ان أصبح للإرهاب وظيفة انتخابية، فضلا عن وظائفه الاقتصادية والأمنية والسياسية العامة، لم تخل انتخابات واحدة من مجمل الانتخابات التي خيضت بعد 2011 من تهديد هذا المسار الانتخابي بمختلف انواع التهديدات التي تنصب دفعة واحدة على حياة الناس ومعيشتهم.

في بعض الأحيان نشعر ان الانتخابات تطلق يد الفوضى ولا توقفها، أو ربما تنظمها وتمركزها بشكل أكثر خطورة من خواطر المترشحين هنا وهناك. في كل ذلك، لا يمكن للدولة ان ترمي رشاشا لكل مواطن حتى يصدقها العموم ولا يمكنها أيضا ان تسلم أمرها لفوضى ألف حاكم وحاكم مفترض يريد أن يفهم الناس ان كل شيء ممكن وأنه عليهم أن ينتشوا بالفرضيات جميعا ويتعودوا على نسيان اي شكل من أشكال هذه الدولة.

نعم كان يجب ان تكون الدولة شكلا راقيا للوعي وكيانا ضامنا للحياة مهما كان القصور الهيكلي الذي أصبحت عليه سياساتها التي تخضع لسياسات رأس المال المعولم، ولكن هيهات في هذا السياق الإمبراطوري الغاشم وفي هذا السياق البسيكو-سياسي الذي يرى فيه الكل أهلية ما لحكم الكل بنفسه.

منذ ذلك اليوم الذي انطلقت فيه حملة الانتخابات الرئاسية المسبقة عن اجالها والذي تم فيه التوقيع الرسمي على موجة جديدة من الإرهاب البنائي باستشهاد نجيب الله الشارني، كان واضحا ان الأمر لن يتوقف، بمزاجنا، عند ذلك الحد. فالدولة اصبحت مزيفة مع حكم الصبيان والشيوخ واجهزتها أصبحت حارس ليل معرض لكل شيء ولا يضمنه أحد. هي فعلا لم تقم بما يثبت عكس ذلك للناس، لكنها بقيت في نفس الوقت حلما… فالمانيا حلم وروسيا حلم وكندا حلم وفنلندا حلم والسويد حلم والدنمارك حلم وسويسرا حلم وايسلندا حلم… الخ.

هنا لاشيء يدعو لاطالة الكلام. نعم يقينا ثمة ما يتربصنا. وما فشل بالسلاح ارادوه بالسياسة وفشلت، وما فشل بالسياسة يريدونه بالانتخابات التي تقول كل المؤشرات انها ستفشل في تحقيق اي شيء لعموم المتخاصمين على إثبات نسب 2011.

في يوم من الأيام تم استباق نهاية ولاية بن علي الأخيرة بشيء من الانتفاض سرعان ما تم الانقلاب عليه. هي دروس لم تفصح عن حقيقتها حتى الآن.

نحن نقول بكل بساطة ووضوح، القروي وسعيد وهمان سينقشعان بسرعة وسيخلفان رمادا أسود. وسنبني من جديد على ضوء الدروس.

ستحجب العقول لمدة أخرى حتى يتبين.

صلاح الداودي