أين ستضع صفقة القرن تونس، أرض صفقة أم أرض مقاومة؟

أضيف بتاريخ: 28 - 05 - 2019

هل ستضعنا صفقة القرن مع بيع فلسطين أم مع تحريرها، هل ستضعنا مع المقاومة أم مع نزع سلاح المقاومة، هل سنكون مع إعطاء الشرعية لكيان العدو المحتل أم سنكون مع نزعها عنه وعدم الاعتراف به… وهكذا حتى التساؤل هل سنكون مع أنفسنا أم مع الصهاينة؟

لنترك جانبا مبحث الإنسان ومبحث الأرض ومبحث المقدسات الإسلامية والمسيحية ووضع القدس… الخ، ولننظر إلى المسألة فقط من زاوية الخطوة التي ستطرح في مؤتمر ما يسمى ورشة الازدهار.

تتلخص صفقة القرن بالمفهوم الاقتصادي العام وبعيدا عن تفاصيل التسريبات الكثيرة والكثيفة في التمكين الاقتصادي للصهاينة والتمكين السياسي لحواضن اليهودية السياسية التي ينطبق عليها قانون يهودية الدولة الصهيوني ويطالب بوضعها تحت تدخل سلطته ويطالبها بالولاء له تحت طائلة هذا القانون وتحت طائلة قانون صهيوني ثان يسمى قانون الولاء بالثقافة، وكل ذلك مقابل الوعد باطعام الفلسطينيين. وعلى ذلك تكون العلاقات الاقتصادية الرسمية بالنسبة إلى الكيان وبالنسبة إلى المطبعين معه أهم من أي علاقات أخرى وتكون العلاقات الديبلوماسية غير الرسمية كافية ويتم تأمين كل ذلك بالاختراق الأمني حتى إذا اتخذ الأمر شكل حرب اختراق اقتصادية وأمنية ونفسية ناعمة ومالية واستخبارية.

وبقدر حرص كيان العدو على ضرب أي إمكانية لبناء منظومة مقاومة أو تيار مقاومة في البلدان التي يستهدفها بالتطبيع بقدر عمله على تفليس هذه البلدان ومحاصرتها الاقتصادية وخنقها المالي عن طريق كل الشبكات الدولية التي له فيها اليد الطولى ويكون التطبيع بذلك مساومة على السيادة وابتزازا اقتصاديا وامنيا يجمع قطع الارزاق وقطع الاعناق بارساء بنية دعم له ودفاع عنه محلية تضع تونس تحت رحمة اللوبي الصهيوني العالمي.

في هذا الواقع تمول دول عربية الاحتلال وتدفع نحو كل احتمالات معاقبة كل من يرفض الاستسلام بما في ذلك السلطة الفلسطينية غير مهتمة بالنهب والاستنزاف الذي تتكبده لتغطية كلفة الصفقة التي تدفعها لحساب أمريكا وكيان العدو.

انه بالتحليل الأخير وفي كل الأحوال تطبيع على المقاس الصهيوني لا يناسب حتى طروحات التنازل القديمة ولا يبقي مكانا حتى لموضوع الدولتين وسواه. هذا ويعتبر رئيس الموساد في هذا الصدد وزيرا لخارجية الكيان مع الدول العربية. وبدل العمل التقليدي على محاولة ارضاء الفلسطينيين يتجه الصهاينة لمحاولة ارضاء بعض العرب الذين لا يقيمون علاقات رسمية معهم مقابل تسييدهم على شعوبهم وفي حالة الرفض يكون الاخضاع وفضح العلاقات بعد التهديد به. وأكثر من ذلك، يتجه بعض العرب نحو ارضاء الكيان ليس إلا وبأي مقابل كان.

قد يؤدي ذلك تونسيا إلى تفاقم وضع دعاة التطبيع أنفسهم موضع العداء لشعب تونس ومصلحة الدولة التونسية وهذا تهديد مباشر وخطير بتحويل تونس إلى أرض صفقة وساحة مواجهة وساحة انقسام وطني حول فلسطين وبالتالي تظهر كل مخاطر الاحتراب الاهلي الذي قد يدفع اليه هؤلاء المطبعين.

وعليه، ننبه إلى ضرورة دعم مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار التي يعمل العدو على وقفها ونتمسك بعروبة القدس وتجريم التطبيع وتحرير الجولان العربي السوري المحتل وفك الارتباط مع العدو الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة. ونلفت أيضا عموم التونسيين إلى كون صفقة القرن امتداد امبريالي لجريمتي وعد بلفور وسايكس بيكو تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وإدماج العدو الصهيوني في المنطقة في صفقة اقتصادية تسقط حق العودة وتهدد الفلسطينيين بالتوطين خارج ديارهم وتنهي مسيرة الثورة والتحرير حتى إزالة العدو من الوجود. ونطالب القوى الوطنية برفض مؤتمر البحرين ثقة بقدرة الفصائل الفلسطينية على الوحدة لمواجهته واسقاطه وإسقاط مخرجاته.

صلاح الداودي