الثامن في سوريا والخامس في اليمن: هل تكسر القمة العربية معادلة الإرهاب مقابل الإرهاب والاحتلال مقابل الاحتلال؟

أضيف بتاريخ: 28 - 03 - 2019

نقصد بذلك مواصلة دعم واستخدام الإرهاب التكفيري مقابل القبول بالإرهاب الصهيوني ودعمه والتطبيع معه. ونقصد، بعبارات أخرى، مواصلة الاحتلال الأميركي والصهيوني لفلسطين وسوريا ومناطق أخرى مقابل الاحتلال والعدوان السعودي الإماراتي لليمن. ونسمي ذلك وحدة الإرهاب وتحالف الاحتلال في حرب ارهابية استعمارية شاملة ومفتوحة على منطقتنا وعموم الأمة العربية والإسلامية مقابل تحويل نسبي احيانا للمعادلة من إرهاب مقابل استثمار مزعوم واحتلال مقابل استعمار غير مباشر.

في الواقع والحقيقة وحتى نصغر الصورة بشكل أشد وضوحا، يعني مزيد ابعاد سوريا عن القرار العربي ومواصلة محاصرتها والمشاركة في العدوان عليها، يعني حرفيا دعم الاحتلال الأمريكي والاحتلال الصهيوني كشكل من أشكال الإرهاب والمشاركة فيه ودعم الإرهاب السعودي والإماراتي والتركي والقطري كشكل من أشكال الاحتلال والمساهمة فيه. وينطبق ذلك بديهيا على العدوان على اليمن واحتلال أجزاء منه كما ينطبق على ليبيا ولبنان والعراق وفلسطين المحتلة.

لا يمكن في رأينا كسر هذه المعادلة في الوقت الحاضر في واقع تورط اغلب الأطراف العربية الرسمية في لعبة الاحتلال الإرهابي التي هي عينها لعبة الإرهاب الاستعماري، الا اذا كانت القمة العربية المزعومة ستحكم على نفسها. وهي غير قادرة على ذلك لان قرارها عند الأميركي والأوروبي والصهيوني. غير ان دول وشعوب المواجهة هي التي تقرر كل يوم كيفية إنهاء هذا الدمار بقوة الصمود والمقاومة والانتصار. وهي التي تلقي بحبل النجاة للمجرمين الخونة العملاء، وآخر الفرص إمضاء ترامب على تأبيد اغتصاب الجولان العربي السوري الذي سوف يحرر وبالقوة حتما. هذا من الجانب السوري، واما من جانب اليمني فانكشاف تورط الأميركي والصهيوني والبريطاني والألماني والفرنسي… إلى جانب السعودية والإمارات وغيرهما في تذبيح الشعب اليمني بشكل يومي منذ ما يزيد الآن عن اربع سنوات وتفلت النظام الوهابي الإرهابي السعودي من اتفاقات ستوكهولم الأخيرة وتصميمه المتصاعد على النصر ودحر العدوان.

لهذه المناسبة، مناسبة إمضاء ترامب، ذكر مبعوث سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة السيد بشار الجعفري الملقب بأسد الدبلوماسية، ذكر بما يلي في صيغة تصحيحية: “أصحح عبارة وردت على لسان بعض الأعضاء… الجولان اسمه الجولان السوري المحتل وليس مرتفعات الجولان… الجولان ليس مرتفعات بل فيه مدن وجبال وسهول وكل شيء”. ولهذه المناسبة أيضا وجب التذكير أيضا بالتالي:

الجولان أرض عربية سورية تقع في أقصى جنوب غرب سوريا على امتداد حدودها مع فلسطين المحتلة، وتقدر مساحته الإجمالية بـ 1860 كم2. احتل الكيان الجولان خلال عدوانه على الدول العربية في 5/6/1967. أصدر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة القرار رقم (242) الصادر في 22/11/1967 أكد فيه بأن (الجولان أرض سورية محتلة)، كما أصدر القرار رقم (338) الصادر في 22/10/1973 تأكيداً على القرار السابق وفرض الالتزام به أثناء حرب تشرين 1973. أقر الكنيست الصهيوني في 14/12/1981 ما يسمى بـ “قانون الجولان” وهو قرار ضم الجولان حيث تم بموجبه “فرض القانون والقضاء والإدارة الصهيونية على الجولان. لم يعترف المجتمع الدولي بالقرار ورفضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قراره رقم (497) بتاريخ 17/12/1981 والذي اعتبر فيه أن قرار الاحتلال بضم الجولان لاغياً وباطلاً وليس له أي أثر قانوني على الصعيد الدولي. تبلغ مساحة المنطقة التي احتلت في أعقاب عدوان 1967 (1250) كم2. تبلغ مساحة المنطقة المحررة عام 1974 حوالي (100) كم2. وتبلغ مساحة المنطقة المتبقية تحت الاحتلال (1150) كم2. عدد قرى الجولان (164) قرية و(146) مزرعة، ومدينتان هما القنيطرة وفيق. عدد القرى التي وقعت تحت الاحتلال (137) قرية و(112) مزرعة بالإضافة إلى مدينتي القنيطرة وفيق. عدد المستوطنات في الجولان (45) مستوطنة منتشرة على أنقاض القرى العربية السورية التي دمرها العدو عدد المستوطنين في الجولان 20 ألف مستوطن. عمل الاحتلال على تدمير ما يزيد عن (131) قرية و(112) مزرعة ومدينتين في الأعوام 1971-1972 وتم تهجير سكان “سحيتا” إلى “مسعدة”، ودمر الاحتلال القرية وحولها إلى معسكر. يوجد في الجولان المحتل (76) حقل ألغام وينتشر فيها نحو مليوني لغم من الأنواع الفتاكة والقنابل العنقودية من مختلف الأنواع، بعضها داخل القرى العربية المأهولة أو حولها كبلدة مجدل شمس. ويوجد في الجولان المحتل (60) معسكراً للجيش الصهيوني تقريباً، أحد هذه المعسكرات في مجدل شمس وتحيط به البيوت من الجهات الأربع. يعتبر العدو الجولان السوري المحتل مقاطعة من مقاطعاته ويدمجه منذ 2016 فيما يسمى جبهته الداخلية ويناور فيه وينظم إليه الزيارات والخ.

ومع دخول العدوان الأميركي السعودي على اليمن عامه الخامس، نكتفي بتصريح بليغ على لسان الرئيس اليمني مهدي المشاط لصحيفة الاخبار اللبنانية بتاريخ 25 مارس/آذار 2019:

«في حال التصميم على إغلاق كل نوافذ االسلام، فإن أقسى الخيارات وأكثرها إيلاماً لم نستعملها إلى حد الآن… بحسابات العقل والمنطق والسياسة والمصلحة، يمكننا القول إن المرحلة مرحلة سلام، بل ويفترض أن يكون قد بدأ مخاض السلام قبل فترة مبكرة، وليس بعد مرور كل هذه الفترة. اليوم، إذا ما قارنا وضعية العدو حالياً، بوضعيته لن أقول قبل العدوان، بل قبل سنة فقط، سندرك أن كل نتائج هذه المقارنة تحتّم عليه الانصياع للسلام، وأن الاستمرار في الحرب لن يكون في مصلحته بالمطلق. هذا طبعاً بحسابات السياسة والعقل والمنطق، كما أسلفت، ولكن بحسابات التجربة العملية مع تحالف العدوان بكل مكوناته، إن الدخول في فصل جديد من الحرب يصبح هو التوقع الأقرب للحقيقة. وفي كل الأحوال، نحن بالنسبة إلينا نمارس حقنا الطبيعي في الدفاع عن شعبنا وأرضنا، ونناضل من أجل حريتنا وسيادتنا واستقلال بلدنا وأمنه واستقراره، ومتى ما توقف الاعتداء توقف الدفاع. لذلك، مضينا منذ اليوم الأول بيد على الزناد وأخرى ممدودة للسلام، وما زلنا على هذا المنوال، وفي أعلى درجات الجاهزية والاقتدار لمواجهة كل الاحتمالات.”

حقيقة، هل يمكن لقمة الجامعة قلب المعادلة؟ حتما لا. ولكن، ستجد نفسها مضطرة لخفض سقف العدوان الإرهابي والاحتلالي بحثا عن مخارج لانظمتها المجرمة والعميلة لا أكثر ولا أقل.
صلاح الداودي