كيان العدو يدفع بـ”صاحب المِطرقة الحديدية” إلى واجهة جيشه

أضيف بتاريخ: 16 - 01 - 2019

عُين أفيف كوخافي، المعروف بابتكاره أساليب عنف جديدة ضد الفلسطينيين، وبموقفه المتشدد من إيران والنظام السوري، رئيساً لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، في ظل تحديات ومتغيرات كثيرة تواجهها إسرائيل… فكيف تكون معالم المرحلة المقبلة؟

عيّن رئيس الوزراء وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، الجنرال أفيف كوخافي رئيساً لهيئة أركان الجيش، خلفاً لغادي أيزنكوت الذي شغل المنصب لما يقارب أربع سنوات، وجرت مراسم التعيين في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب، فيما من المقرر أن يزور رئيس هيئة الأركان الجديد مدينة القدس المحتلة، ليستهل منصبه وفق تقاليد الجيش التي تحتم عليه زيارة الحائط الغربي للمسجد الأقصى، ثم زيارة النصب التذكاري لرموز إسرائيل وجيشها، بالإضافة إلى مقر رئاسة الدولة.

ما المهم: استغل نتنياهو احتفال تنصيب رئيس هيئة الأركان الجديد لإرسال رسائل مختلفة، ولعلها كانت مفتاحاً لفهم ظروف تعيين كوخافي، وحظيت إيران بنصيب الأسد منها، إذ دعا نتنياهو إيران إلى “الانسحاب من سوريا في أسرع وقت”، وأشار إلى أن تل أبيب مصممة على المضي قدماً في توجيه الضربات ضد الأهداف الإيرانية دون توقف.
يشار إلى أن أحد أبرز مواقف كوخافي هو تشدده ضد إيران، وتأييده القضاء على النظام السوري عبر استهداف قائده بشار الأسد بسبب تعاونه المستمر مع إيران، والسماح لها بالعمل على الأراضي السورية.
ويأتي تعيين كوخافي على رأس الجيش الإسرائيلي في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية معقدة، تَعرّض نتنياهو لبعضها في خطابه خلال مراسم التعيين، إذ قال إن إسرائيل تعاملت خلال السنوات الأربع الماضية مع “تحديات كبيرة”، كان أهمّها، وفق قوله، “تفجر الأوضاع الأمنية في غزة بأشكال مختلفة، إلى جانب الأزمة السورية وتداعياتها، والأوضاع الأمنية في لبنان”.

بالإضافة إلى ذلك، يجيء تعيين رئيس هيئة الأركان الجديد في إسرائيل، في الوقت الذي أثارت فيه سياسة الجيش في سوريا أزمة في العلاقات بين روسيا وإسرائيل، إلى جانب قرار الانسحاب الأميركي من الأراضي السورية واستعداد إسرائيل لملء الفراغ، يُضاف إلى ذلك استمرار مسيرات العودة السلمية في غزة، وتواصل العمليات الفردية النوعية التي تستهدف المستوطنين وعناصر جيش الاحتلال في الضفة الغربية.

المشهد: تسلّم رئيس هيئة الأركان الجديد في الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي مهام منصبه، وخلال مراسم أقيمت في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، قلّده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وعقيلة كوخافي رتبة جنرال على كتفه، فيما سلمه رئيس هيئة الأركان المنتهية ولايته غادي أيزنكوت رئاسة الهيئة.
وأوصى رئيس هيئة الأركان المنتهية ولايته غادي أيزنكوت بإبقاء الجيش وسط الإجماع الرسمي والوطني، فيما أثنى على كوخافي قائلاً إنه “يتمتع بمزايا القائد الفذ القادر على مواجهة الصعاب والتحديات” . وأعرب عن أسفه لعدم إكمال المهمة بإعادة المفقودين، وأكد أن “الجيش الإسرائيلي سيواصل هذه المهمة”.

بدوره، قال رئيس هيئة الأركان الجديد، وهو رئيس الأركان الثاني والعشرون للجيش الإسرائيلي، إنه يتولى القيادة وينظر إلى منصبه على أنّه عمل مقدس وأنه حق عليه، حسبما نقل موقع “مكان” الحكومي.
وقال كوخافي إنه سيعمل بكل ما أوتي من عزم لتعزيز قوة الجيش “الذي يُعَدّ جداراً واقياً لإسرائيل”، وأضاف : “سأعمل جاهداً على تعزيز قدرة الجيش على توجيه الضربات القاصمة للعدو وتجاوز التحديات الآنية والمستقبلية، والاستمرار في بناء جيش قاهر، ومتجدد” وفق تعبيره.

الخلفيات والدوافع: قبل نحو شهرين من إعلان استقالته من منصبه، وقع اختيار وزير الدفاع السابق في إسرائيل أفيغدور ليبرمان، على أفيف كوخافي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الأركان، ليتسلم رئاسة هيئة الأركان خلفاً لغادي أيزنكوت الذي انتهت فترة ولايته بعد قضائه أربع سنوات في منصبه.
ويحدد قانون الجيش الإسرائيلي فترة أربع سنوات لبقاء رئيس هيئة الأركان في منصبه، وتُعتبر رئاسة الأركان المرتبة القيادية العليا لديه، ويخضع صاحبها لإمرة رئيس الحكومة مباشرةً ويرتبط بوزير الدفاع الذي يتمتع بحق اختيار الشخص الملائم لشغل هذا المنصب.
ووقع الاختيار على كوخافي بعد مداولات استمرت ثلاثة أشهر، إذ استشار وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان عدداً من السياسيّين الحاليين والسابقين، وعقد اجتماعات مع عدد من قيادات الجيش السابقين، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.

وذكرت مصادرفي ديوان وزير الدفاع السابق في حينه، أن ليبرمان قرر تعيين كوخافي رئيساً لهيئة الأركان، “لأنّه الأكثر ملاءمة لشغل هذا المنصب، ولأنّه عسكري مُجرّب وواضح في سياسته”.
واستبق عدد من المحللين العسكريين في إسرائيل تعيين كوخافي بترجيح فوزه في نيل ثقة ليبرمان، بخاصة أن منافسه الأبرز كان يائير غولان، الذي أثار جدلاً واسعاً قبل أشهر، عندما قال عشية ذكرى المحرقة اليهودية، إنه يلاحظ “إجراءات تثير الاشمئزاز في المجتمع الإسرائيلي”، وشبهها بالإجراءات التي كانت تحصل في أوروبا وألمانيا، وهو ما كان يرجح استبعاده.
بين السطور: يقول أستاذ العلاقات السياسية في الجامعة المفتوحة في إسرائيل ياجيل ليفي، في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” تحت عنوان “لنراقب أفيف كوخافي”، إن حدثين مهمين في تاريخ رئيس الأركان حديث العهد من شأنهما أن يكشفا معالم سياسته في قيادة الجيش خلال الفترة القادمة.
ويشير ليفي إلى أنّ الحدث الأوّل يعود إلى عام 2002، حين برز أفيف كوخافي قائداً للواء المظليين الذي نجح في فرض السيطرة على مخيم بلاطة في مدينة نابلس بالضفة الغربية. في حينه ابتكر كوخافي أسلوباً عسكرياً جديداً عُرف بـ”المشي من خلال الجدران”، الذي يعني إطلاق يد الجنود لاقتحام منازل الفلسطينيين عنوة من خلال هدم جدرانها من أجل التنقل داخل المخيم، بدلاً من السير في طرقاته الضيقة لمحاصرة المقاومين، وساهم أسلوب المطرقة الحديدية لهدم الجدران في حينه بترويع المدنيين ووفاة بعضهم، إلى جانب تدمير مئات المنازل.
ويقول إن أسلوب كوخافي هذا كشف جوانب من شخصيته، إذ كانت قراراته نابعة من منطلق القوة فحسب، فقد هدم منازل مئات الفلسطينيين ونفذ عمليات قتل جماعي للمقاومين واستهداف للمدنيين، ثم قرر الاستمرار في العملية على الرغم من موافقة الفلسطينيين على الاستسلام، “في حينه قدّم كوخافي انتصاراً عسكرياً واضحاً، ولكن تداعياته كانت كبيرة، تمثلت في مضاعفة كراهية المجتمع الفلسطيني لإسرائيل، وهذا ما لم يكن يعمل له حساباً”.
ويلفت إلى أنّ كوخافي أطلق يد جنوده في مخيم بلاطه، وسمح بالقتل وهدم المنازل بشكل ممنهج، ومنح وحدته الشرعية لممارسة العنف. وقال إنه “كان يجب في حينه أن يراعي وجود المدنيين، لأن ما يحافظ على أمن إسرائيل هو التعايش مع هذا المجتمع لا استهدافه”.
وأضاف أن الحدث الثاني يعود إلى عام 2006، حين أطلق الجيش الإسرائيلي عدواناً على غزة، و”بعد انتهاء العملية وجه عدد من الخبراء انتقادات إلى أسلوب كوخافي الذي كان قائداً لوحدة المظليين”، وقال إن “كوخافي هدد إيال فايستمان كاتب المقال، وطلب عدم نشره، مُلوّحاً برفع دعوى قضائية، وجرى ذلك كله على لسان كوخافي نفسه لا عن طريق القنوات المعنية في الجيش”.
وخلص أستاذ العلوم السياسية إلى أن على وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني أن تمضي قدماً في تسليط الضوء على سلوك رئيس هيئة الأركان الجديد وفرض الرقابة على قراراته، “من أجل ضمان بقاء الجيش تحت رقابة الديمقراطية وسيطرتها”.
وانضم كوخافي إلى الجيش الإسرائيلي عام 1982 جندياً في لواء المظليين، وعُيّن قائداً للوحدة الشرقية في لبنان عام 1997، فيما عُيّن قائداً لوحدة المظليين في الجيش عام 2001، حيث كان أحد أبرز قيادات جيش الاحتلال الذين تصدوا لانتفاضة الأقصى، فيما قاد وحدته خلال معركة مخيم بلاطة عام 2002، وبرز حينها في أعقاب محاصرة المخيم وقتل عشرات الفلسطينيين.
وعُيّن قائداً لوحدة “غزة” في جيش الاحتلال عام 2003، وقاد قوات الجيش في عدة عمليات في القطاع من ضمنها أمطار الصيف، التي جاءت عقب نجاح كتائب القسام في أسر الجندي جلعاد شاليط، ثمّ عُيّن عام 2010 رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، وحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” تلقى كوخافي انتقادات كثيرة خلال ترؤسه شعبة الاستخبارات العسكرية، إذ اتُّهم بعجزه عن اكتشاف أنفاق المقاومة الفلسطينية التي دخلت أراضي إسرائيلية، وأدت إلى تنفيذ عمليات نوعية.
وعام 2014 شغل كوخافي منصب رئيس المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، فشارك في عمليات ضد بعض الجماعات المقاتلة في سوريا، في مسعى لمنع زحفها إلى منطقة الجولان.
وفي 2016 عُيّن نائباً لرئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي.
Trt