ما هي دلالات تقرير العدو الاسرائيلي عن ’مواقع’ حزب الله في بيروت

أضيف بتاريخ: 28 - 09 - 2018

العميد شارل أبي نادر

موقع العهد الاخباري
 

كان لافتا البيان الذي نشره المتحدث باسم العدو الاسرائيلي افيخاي ادرعي، والذي تضمن ما أسماه “معطيات حساسة” عن مواقع لحزب الله، وادعى انها في المحيط القريب جدا لمطار بيروت الدولي، وداخل تجمعات سكنية مدنية محاذية، ويأتي البيان مكملاً لكلمة رئيس وزراء الكيان الصهيوني في الامم المتحدة بالامس، حول حصولهم على معلومات موثوقة عن امتلاك ايران منشأة نووية سرية في طهران.

اللافت في المقارنة بين الادعائين، ان بيروت وطهران اصبحتا حسب العدو، موقعان للقدرات الاستراتيجية الاكثر خطورة وحساسية، للنووي في ايران وللصواريخ النوعية الدقيقة في لبنان، وكأن ايران اختارت من عاصمتها التي تحضن أغلب مؤسسساتها ومواقعها الحيوية والاستراتيجية، لتكون الموقع  النووي الذي سيكون حكماً، هدفاً أكيداً لكل من “اسرائيل” والولايات المتحدة الاميركية، ومن جهة اخرى، كأن حزب الله ايضا اختار من محيط مطار بيروت، ومن منطقة الاوزاعي الحاضنة بأغلبها لبيئته ولمناصريه، موقعا لمصانع تحويل الصواريخ العادية الى نوعية.

هكذا وبكل بساطة، يطرح العدو الاسرائيلي المعطيات والمعلومات “الاكثر حساسية ودقة وخطورة” في الصراع بين كيانه وبين محور المقاومة، لتكون حسب منطقه، تبريراً يطلقه امام الجمعية العامة للامم المتحدة، لاستهدافه طهران وبيروت… فما هي دلالات هذا الطرح اليوم؟ وكيف يمكن تفسير هدف العدو من ذلك؟

لا شك ان معركة العدو ضد نفوذ ايران وقدراتها الحالية والمرتقبة، وضد حزب الله وقدراته ايضا، هي معركة مفتوحة على مصراعيها، وحيث كانت وما زالت تخاض ميدانيا في سوريا من خلال الاستهدافات المعروفة ، تمر اليوم بوضع استثنائي، خلقته “اسرائيل” من خلال تسببها باسقاط الطائرة الروسية، وما تبعه ذلك من اجراءآت عسكرية وتقنية أمر بها الرئيس الروسي فلاديميير بوتين رداً على ذلك، وقد جاء خطاب نتننياهو بالامس، بالاضافة لتقرير المتحدث باسمه عن قدرات حزب الله، ليؤكد ان هذه المعركة مستمرة، ولن تؤثر عليها القيود التي استجدت في سوريا، والتي من الممكن ان تعيقها او تؤخرها، وانهم مستعدون لتحويلها الى طهران والى بيروت، وقدم معطياته المذكورة اعلاه حول ذلك.
 
من ناحية اخرى، يبدو ان نتنياهو مقتنع بمصداقية الامين العام لحزب الله حين اعتبر “ان الامر انتهى وانجز”، لناحية امتلاك الحزب ما يحتاجه لاكمال عناصر معادلة الردع وتوازن الرعب، لمواجهة التفوق العسكري للعدو، ولحماية لبنان من اي اعتداء صهيوني قد يتعرض له، وهذا ايضا يعتبر من الاسباب الموجبة (حسب العدو) لطرح معطياتهم الحساسة، والتي تؤسس لاعتداء او استهداف لقدرات حزب الله النوعية التي اكتملت، فذهب باتجاه التصعيد في خطابه او في طرحه، مصوبا على طهران وعلى بيروت.
 
 قد يكون العدو في هذا الطرح، يحضر لاعتداء نوعي، يستهدف فيه مواقع الحزب في بيروت او في ضاحيتها الجنوبية، وهذا واردا اليوم وغداً ومستقبلا، كما كان وحصل  بالامس، لان ذلك لم يغب ابدا عن الاستراتيجية العدوة الدائمة، ولكن…

لم يكن الرادع الذي منع العدو سابقا من استهداف اي موقع او منطقة او مركز لحزب الله او للدولة اللبنانية، هو عدم امتلاكه لمعلومات موثقة(صحيحة ام غير صحيحة)، عن قدرات نوعية لحزب الله في بيروت او في اي مكان آخر من لبنان، لان هذه المعطيات كانت دائما شبه اكيدة بالنسبة له، واساسا حزب الله كان دائما يعترف بها ويفاخر…

ولم يكن ايضا امتناع العدو عن استهداف مواقع للدولة اللبنانية او لحزب الله في لبنان، لانه كان يعالج ذلك في سوريا، واليوم سوف ينتقل الى معالجتها في لبنان لان الميدان السوري اصبح مقيدا بالنسبة له …
 
الذي منع العدو من استهداف حزب الله بقدراته في لبنان، والدولة اللبنانية بمؤسساتها، هو الردع الذي خلقته المقاومة عبر معادلة دقيقة، عملت عليها بـتأن وبصبر وبثبات وبطولة بال وبتضحية عناصرها وقادتها، والتي هي امتلاك اسلحة وقدرات نوعية كاسرة للتوازن عبر سوريا، وذلك في ظروف قاسية وصعبة، بالتزامن مع الحرب الشرسة و المعارك والمواجهات القاسية والحساسة في سوريا، حيث كانت دائما خيوط ومعطيات وعناصر تلك المعادلة هدفا للعدو في سوريا وعلى المعابر الحدودية.

هذه المعادلة اليوم والتي اكتملت “واُنجِزت”، هي التي ستمنع العدو من استهداف مواقع الحزب في بيروت او في الضاحية او في الجنوب، وهي التي ثبتت التوازن الاستراتيجي في لبنان بمواجهة العدو، منذ حرب تموز/ يوليو عام 2006 وحتى اليوم، وهي التي ستبرهن ان كلام نتنياهو هو للمزايدة وللهروب من الصفعة التي حصل عليها، مرة اولى عندما انتصرت سوريا مع حزب الله، ومرة اخرى عندما اصبح مقيدا في سوريا بعد سقوط الطائرة الروسية، ومرة اخيرة، وهي الاساسية، عندما اكتملت خيوط وعناصر معادلة الردع وتوازن الرعب لدى حزب الله.