في انقاذ المعارضة الوطنية انقاذ للوطن

أضيف بتاريخ: 25 - 09 - 2018

إن من أخطر المحن التي قد يمر بها شعب ما، محنة فقدانه الأمل في وجود معارضة تنقذ الوطن وتكون بديلا عن الحكم. ومن هنا وفي هذه الحالة تبرز قيمة وأهمية المعارضة أكثر من الحكم وتتوضح مسؤوليتها اكثر من مسؤولية من يمثلون نظام الحكم. في هذا المستوى، تصبح المعارضة المطلوبة معارضة دولة ومعارضة حكم وليس مجرد معارضة معارضة ولا مجرد معارضة للحكم، مع فارق الاحتياط من استراتيجية حشر المعارضات في الزوايا ومحاولة شيطنتها وتقزيمها والتشهير بها باسم العبثية والفوضوية والتكفير والضعف كما فعلت أنظمة تونس ما قبل ديسمبر 2011 وأنظمة ما بعد 14 جانفي من نفس السنة.

وعليه، فان انقاذ المعارضة كخيار ضرورة حتمية للانقاذ الوطني لا يمكن أن يتم إلا على أرضية أطروحة وطنية جامعة لا على أساس أي مشروع احادي يدعي ما يشاء أن يدعي. وإن أي أمل ثوري وتحرري ووحدوي لا يرى النور إلا بتحصيل سلطة معنوية للمعارضة تجعل منها قوة معارضة أو قوة أساسية قادرة على تحقيق ثقة غالبية المنهوبين والمهدورة حقوقهم والمعدمين ومقتدرة على قلب موازين القوى وتحقيق المهمات الوطنية المطلوبة.

بالمقابل، تظل أي معارضات قائمة في صورة الامبالاة الشعبية بالمعارضة لكونها معارضة ولأسباب أخرى ذاتية وموضوعية طبيعية. نحن نظن انه من حق الشعب مهما قلت عنه، من حقه مراقبة المعارضة واختبارها مرة وأكثر، لعلها تبادر أو تغير أو تنجح في شيء ما. ومن حقه أيضا الالتفات عنها وقتما يشاء. فهو مشدود بواقعه اما إلى المقاطعة واما إلى أحزاب الحكم وماكيناتها وارتباطاتها.

يبدو لنا على الأرجح ان تونس الحالية في أكبر اختبار وأصعب ظرف على منعرج سنة 2019. وفي الحقيقة، غالبية الشعب ليست هي المعارضة وليست معارضة كالمعارضة. والشعب ليس معارضا بصفته شعبا. اما إذا عارض وانتفض في ظرف ما، فسيعارض الجميع بمن فيهم المعارضة، وهذه حالة تكاد تكون سائدة. إلا إذا نجحت المعارضة موحدة وكمشروع معارض، اذا نجحت بالحد المطلوب في تمثيل كتلة وازنة منه (أي من الشعب) في تطلعاته دون أن يكون معها بالضرورة.

تبقى أسئلة مهمة وملحة تتعلق بقواعد انقاذ هذه المعارضة لنفسها وفرض نفسها كمعارضة مشروع مقابل مشروع ومشروع مقنع مقابل مشروع فاشل، بالأحرى. هاهنا، ليس المشكل في الأفكار والأطر والآليات والحاجة والرغبة الشعبية، بل في ارادات المعارضات. هذا رأينا.
صلاح الداودي