تونس الموجهة والفاشلة: إنهيار أم تمرد أم عجز؟

أضيف بتاريخ: 23 - 09 - 2018

هو عجز يظهر بمظهر الانهيار عند بعض أطراف الحكم السياسية وفي مجالات اقتصادية وخارجية محددة وعجز يخرج في صورة التمرد على بعض أطراف ومؤسسات الحكم من جهة وعلى بعض السياسات من جهة أخرى. غير ان كل هذا يقع على أرضية مهد لها رعاة الانتقال التبعي وفرضوها من خلال مديري مصالحهم الحاكمين بدفع منهم وباسمهم عن طريق التوجيه الخارجي ومن أجل جعل بلدنا دولة فاشلة تابعة تعيش على فتات القروض الأجنبية المنهوبة من دم الشعب التونسي اصلا وتحت الحماية والوصاية على حساب دم التونسيين واخوة التونسيين من الجيران والابعدين إذا لزم الأمر. نحاول هاهنا النظر في ذلك على المستويين الاقتصادي والأمني ونحاول رسم نظرة عامة على مخارج رئيس الجمهورية المرتقبة في حوار تلفزي معه يوم غد الاثنين، اذا كان لديه ما يقال ويفعل طبعا.

تتفاقم تبعية تونس الأمنية والدفاعية نتيجة ما أقدمت عليه عن طريق رئيس الجمهورية الحالي السبسي ورئيس حزب مشروع تونس الحالي مرزوق من امضاء اتفاقية ما يسمى الحليف غير العضو من خارج حلف النيتو وعدم أخذها مسافة مما يسمى الحلف الاطلسي الذي يدعي مكافحة الإرهاب هو ووكلاء المنطقة والحال ان أمر صناعتهم للبؤر الارهابية وتشكيلهم لمعسكرات العدوان الارهابي بات مكشوفا على طول الجغرافيا المقصودة بالتفكيك والاخضاع. هذا علاوة على موضوعات الهجرة غير النظامية وجريمة الاتجار بالبشر وغيرها من الجرائم المنظمة نتيجة تهيئة بيئة الفوضى الضرورية منذ العدوان الإرهابي العسكري الغربي على ليبيا بما فيه من أدوار لعبت من عدة دول وشبكات عربية وغير عربية بما في ذلك الدور التونسي. وعليه، وهو أمر قديم جديد في الواقع، تتجه السياسات الأمنية والعسكرية الأوروبية والأمريكية وفق عقائدها الاستراتيحية إلى مزيد وضع تونس وحدودها تحت السيطرة والتبعية التي تصل حد تدخل المارينز في التراب الوطني التونسي حسب ماذكره موقع انترست مؤخرا، فضلا عن التحكم الاستخباراتي. هذا ويرجح مزيد تدخل القوى البحرية الأوروبية (سوفيا) بدعوى مكافحة الهجرة من خلال توسيع الرقعة الجغرافية لهذا التدخل طبقا لتقرير اللجنة الاوروبية لتقييم ومتابعة السياسة الاوروبية في مجال مقاومة الارهاب الصادر في 26 حزيران 2018 والذي يشير إلى امكانية استصدار قرار من مجلس الأمن للعمل في مياه تونس الاقليمية مستندا أيضا إلى اتفاق الشراكة من أجل الحركية الموقع في مارس 2014. وبلغة أخرى وبوجه عام، فإن اتجاه الامور إلى مزيد إطلاق اليد الاستعمارية ومخططاتها في المنطقة هو الارجح طالما هذه هي سياسة محور الارهاب والانتداب هذا وهذه هي سياسة محور التبعية والتطبيع هذا بحكوماته وبلدانه وشبكاته وطالما تراكم أميركا وأوروبا وكيان العدو وتوابعه في المنطقة الفشل تلو الفشل والهزيمة تلو الهزيمة في المشرق العربي وفي اقليم غرب اسيا وخاصة على مستوى محور المقاومة الممتد في اقليم واسع ومتنوع.

اما على الصعيد الاقتصادي فإن كل المؤشرات الاقتصادية فائقة السلبية وعالية التهديدات خاصة اذا ارتبطت بما يسمى برنامج الإصلاحات الكبرى التي تمليها الصناديق الدولية وهي في حقيقتها مفاسد عظمى ستعمق رهن وارتهان البلد وانهيار مقدراته راهنا ومستقبلا، وعلى وجه الخصوص في واقع زحف مفاعيل التفويت والتفريط وولاء الحكومات للمشغل الغربي واللوبيات المحلية ونذكر أساسا ما يسمى اتفاقية الشراكة المعمقة مع الاتحاد الاوروبي والتي يجمع الخبراء الموثوقون انها ستنزع سيادة البلد بشكل نهائي وستقضي على فرص النهوض ويؤكدون انها قيد التنفيذ كسياسة امر واقع لاسيما باسسها القانونية والتشريعية وباجراءاتها التنفيذية الى جانب التعهدات، بدلا عن تبني سياسات اقتصادية ومالية وطنية بديلة في مجالات قيمة الدينار والمديونية والتوريد الفوضوي والشراكة غير المتكافئة …الخ. زيادة على سياسة حق الاعتراض وحق الرفض والتفاوض التي يؤكد عليها العارفون الخبراء من نوع السيدات والسادة جنات بن عبد الله وجمال الدين العويديدي واحمد بن مصطفى وغيرهم، في هبة فكرية وطنية طليعية تستحق كل الاحترام.

وعلى ذلك نظن أن ما يريده الاستعمار ليس أقل ولا أكثر من أحزاب استعمار. وكلما اتجه مركز ثقل التوجيه نحو الداخل لا الخارج ولو طفيفا دفع أعوانه نحو ثنائية: اما بخطابين متنافرين واما بازدواجية في الخطاب. ينطبق أيضا على المعارضة بالتالي، عندما تتم محاولة جذبها بين بين وجلب من تبقى في الحكم من أطرافه إلى الحضيرة هي نفسها بسياسة شد الأطراف وضرب الشقوق بعضها ببعض حتى الاستواء – الاستسلام وعدم التفكير في النظر إلى الداخل. ونسأل: هل ينتهي السبسي أم يعود من جديد؟ هل رفع الغرب عنه الغطاء مقابل خطة هذا الغرب الاقتصادية في تونس؟ وماهي الأوراق المحلية والدولية التي سيستعملها السبسي اذا قرر البقاء؟ أم سنشهد تمرد الشاهد والغنوشي بأكثر وضوح (مع الكتلة المستقيلة من النداء والمتجمعة حول بقايا شقوق أخرى)؟

رأينا ان السبسي مطالب إذا اراد بقاء الحكم كما يريد، مطالب بابعاد الشاهد بأي طريقة وبالعمل مع الغنوشي على تحقيق ذلك. اما إذا انصاع (اي السبسي) إلى الأمر الواقع فذلك يعني ان أمرا خطيرا يجري بصفة التمرد على الخيارات الأمنية والعسكرية للبلد التي تعمل على التخلص من التأثير الحزبي لائتلاف الحكم بالذات مقابل سلوك الشاهد ومن معه في تسريع وتيرة تنفيذ إملاءات الاستعمار الاقتصادية والتي ستتوضح في الأسابيع القادمة. ونرجح ان السبسي لن يستسلم وربما يأتي بالاتحاد وغيره إلى خطته. وهنا نسأل: ما هو ثمن بقاء الشاهد بدعم نهضاوي؟

نرى ان الحذر واجب من متعهد زمرة الطابور الخامس الجديد يوسف الشاهد وطابوره كتلة ما يسمى الائتلاف التي تترجم بطريقة أخرى كتلة دعم التوافق مع كتلة النهضة، اذا لم ينتفض السبسي على الغنوشي. ان أخطر ما في الأمر على تونس رهن مؤسساتها السيادية في هذه الحال بالذات وهي الحالة المصطنعة الأسهل بالنسبة إلى الاستعمار. هذا إذا التفت شعب تونس إلى بلده ومصيره وأخذ موقفا من عموم من حكم تونس وخاصة نظام الحكم الحالي بكل مؤسساته وهي كلها الخطر الأكبر اليوم وغدا.

صلاح الداودي