كيف العمل ضد الإستعمار الجديد المعولم ومتعدد التبعيات؟

أضيف بتاريخ: 29 - 07 - 2018

عاودنا التأكد يوم أمس بمناسبة التصويت بمنح الثقة لفائدة وزير الداخلية الجديد ان بلدنا العزيز تونس في وضع الرهينة المثالية باتم معنى الكلمة. وان وكلاء سياسة الرهن هذه هم أنفسهم بمثابة الرهينة التي تستدرج بقية الرهائن بكل وسائل المافيا القذرة إلى وكر الجواسيس.

يبدو لنا جليا في إطار وظرف ووقائع التصويت على وزير جديد للداخلية بدل رحيل الحكومة ومحاولة المرور غصبا من طرف المدعو يوسف الشاهد رئيس الحكومة، اننا حيال مرحلة تتسم أساسا ببداية تشكل السلوك المافيوزي الاجرامي الفعلي لشبكات تفريخ المرتزقة والعملاء محليا ودوليا.

بالمقابل، كلما تم التقدم في سياسات الخراب وكان مجلس النواب مسرحا لها إلا وسارع بعض من أصابهم الكمد الشديد على ما وصلنا إليه إلى اقتراح انسحاب كتلة الجبهة الشعبية من البرلمان على انها جزء من النظام لأنها حسب رأيهم فشلت في المعارضة بمعنى قلب موازين القوى وتغيير الأوضاع.

في الواقع، هي كتلة معارضة داخل البرلمان وهي جزء من مشهد انتظام السلطات الدستورية وليست من النظام ولا من المنظومة ولا من السلطة الحاكمة في شىء ولا بد أن تواصل الاضطلاع بدورها وتبذل جهدها المكثف المحترم الذي دأبت عليه. ولكن ضعفا كبيرا يجتاحها كلما مضى الوقت وهي تفضح وتنقد وتقترح دون تقديم مشاريع ومبادرات باسم الشعب حتى إذا لم تنل أي حظ من المرور. وتقصيرا كبيرا يعترى عملها من ناحية الجرأة على ربط البرلمان بالتظاهر في الشارع خاصة في حالات الخطر الكبير والملفات الكبرى مثل الاتفاقيات والإصلاحات-المفاسد…الخ. فحتى تجربة الاعتراض على الميزانية لم تكن مدروسة بالقدر الكافي وافلتت في النهاية من قيادة الجبهة الشعبية أثناء الشتاء الماضي. ولذا يجدر بها أن تناضل داخل وخارج البرلمان على قاعدة البرنامج بطرق أخرى ومنها تعطيل ما تراه كارثة طويلة الأمد على البلد علاوة على معالجة خطابها وجوانب من رؤيتها وتنظيم عملها. تذكروا خطوة الشهيد محمد البراهمي وواصلوا الدرب بلا تأخير، هذا أقصى ما يمكن أن نخاطب به أعضاء كتلة الجبهة، والله الموفق.

سيكون صندوق النقد الدولي يوم 15 اوت المقبل مجددا في تونس من أجل قسط آخر من القروض. ونحن هنا نسأل الا يجدر بنا في الحد الادنى أن ننظم يوم غضب وطني ضد حكومة الاستعمار وصناديق الاستعمار؟

أليس حريا بنا أن نطالب بالدفاع المستميت عن إلغاء/اسقاط كل القوانين والاتفاقيات غير السيادية والمضادة للسيادة والمصادرة لها. أن نطالب بإسقاط كل ما يسمى اصلاحات استعمار /استباحات كبرى مجردة للسيادة والقرار ونازعة لكل مقدرات البلد. أن نطالب باستفتاء اقتصادي على الخيارات الاقتصادية والمالية الكبرى. أن نطالب بإعلان دستوري أو ميثاق فوق دستوري في شكل دستور اقتصادي سيادي مصغر يكرس نظاما اقتصاديا استقلاليا متعدد ومتنوع الوجهات والشراكات الإستراتيجية المتكافئة والتعويل الذاتي على الانماء المستقل والمعمق. أن نطالب بالسيادة الوطنية والشعبية. أن نطالب بالسيادة الاقتصادية والمالية والنقدية؟ أليست كل الحقوق السيادية والوطنية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية… تكمن في هذا؟

موجز القول انه جار ترسيخ النفوذ الأميركي والبريطاني وترسيخ النفوذ الفرنسي عن طريق ترسيخ الادوات في مؤسسات الدولة السيادية. وبين أكياس الرمل وأكياس الملاكمة تدور مناورات وهمية بالنيران في ملعب ديمقراطية الاوهام. لذلك لا بد من ان يكون الهدف الوطني الإستراتيجي ان نرى تونس من دون أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وفرنسا. وقتها فقط يسقط الخليج وتركيا والنهضة والنداء. ذلك ما نعتبره موجز برنامج الساعة الصفر طويل الأمد.

ها نحن مرة أخرى نذكر ان السياسة كما المقاومة كما أي فن، هي فن ابداع الحسم متى وجب الحسم وفن الكون أينما وكلما وجب الكون في الزمان وفي المكان المناسبين ونجدد ونشدد على الرؤية والمفهوم. هذا ولطالما صرخنا للتنبيه عليهما، اللهم فاشهد مرة ومرة.

صلاح الداودي