رؤية من أجل الانقاذ الوطني العاجل ودور الجبهة الشعبية الاستراتيجي في مستقبل تونس

أضيف بتاريخ: 18 - 07 - 2018

– الإسقاط الاستباقي لإصلاحات الاستعمار قبل أي حكومة جديدة، وخاصة قبل أي انتخابات جديدة –

لم يعد يوجد أي مؤشر على الإطلاق على أي احتمال نجاح لمنظومة الحكم الحالي في إخراج تونس من أزمتها العميقة المركبة وخاصة في بعدها الاقتصادي وانعكاساته الاجتماعية. وأكثر من ذلك، لقد بات من الخطير جدا عدم التضحية من أجل انقاذ التونسيين من نظام حكم عميل يهدد الدولة والمجتمع بالجريمة السياسية ووضع البلد بالكامل تحت الوصاية لما وصل له من انسداد اما ستنجر عنه عملية سياسية قيصرية جديدة ممسوخة عن حكومات المسخ السابقة واما الانهيار بالفوضى أو بالانقلاب.

وعلى ذلك فانه من الاسلم العمل على حشد الطاقات على قاعدة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي تحت عنوان الإصلاحات البديلة ومن أجل ديمقراطية تنموية مستقلة وسياسات سيادية معمقة وعلى خطة فعل سياسي ميداني يقوم على مبدأ التضحية، إن كان بمزيد البذل حتى اذا كان بدفع ضريبة الاغتيالات والشهادة وإن كان بالاستماتة في منع تمرير إملاءات الاستعمار وتعطيل المؤسسات التي تعمل عليها باللحم الحي حتى مقابل تلفيق التهم السياسية للخط الوطني الجامع، خط الجبهة الشعبية ومن يقبل بالعمل المشترك الانقاذي معها وفي حق صفها القيادي الأول الذي يجب أن يعطي درسا تاريخيا ونوعيا في الدفاع عن مستقبل تونس ليحقق خرقا حقيقيا ونقلة نوعية تخرج شعب تونس من ثنائية الشيوخ والصبيان (سياسيا لا جيليا) ولا تكرر هذه الثنائية وتكرسها عند المعارضة الوطنية.

هذه الجبهة لم يعد لها بدورها أي دور وطني عميق إلا بالتمهيد عن طريق الشارع لتغيير النظام الاقتصادي من خلال وقف التداين واسقاط ما يسمى إصلاحات وتمزيق ما يسمى اتفاقات واستنهاض الشعب من أجل دستور اقتصادي مصغر عن طريق الاستفتاء الاقتصادي على الخيارات الكبرى أو ما شابه ثم الضغط من أجل استحقاق انتخابي وخيار انتخابي جديد وشامل ومن ثم معالجة عجز النظام السياسي وصيغ الحكم الفاشلة المجربة… والخ.

إن مراوحة الجبهة الشعبية على نفس طريقة ردود الفعل والتكتيكات والخطاب وعدم تحمل المسؤولية في الوقت المناسب وبالخيار المناسب سيجعل منها ورقة خاسرة تماما ولا رهان عليها في أي معركة في الشارع وفي أي استحقاق انتخابي. ولعل تحولها بسرعة من ورقة خاسرة إلى ورقة محروقة وشيك جدا اذا اختارت المراكمة بالموقف وحسب لانتخابات عامة قبل موعدها أو في موعدها لأن مجرد ذلك في ظل المخاطر المرتفعة الحالية سوف يجعل جمهورها ينفض من حولها وسوف تفقد مصداقيتها ولن يساعدها على رفع مستوى الالتزام بالمهام المفروضة وبعث الأمل الثوري الواقعي في التغيير.

تعتبر الجبهة الشعبية محقة ان صراعها كل صراعها يدور حول البرنامج ولذلك عينه عليها أن تحول المعركة فعلا إلى معركة برنامج بفعل نضالي متصاعد. بينما تكمن كل مشكلة ائتلاف الحكم العميل الحالي في تطبيق شروط الاستعمار بأي ثمن من أجل التأمين على الحكم، إضافة إلى التصدعات المتراكمة داخل هذا الائتلاف ومكوناته في لعبة تفكيك ودمغ رؤوس التوأم الليبرالي الوحشي المتناحر الذي سيقضي على جسد الدولة ونسيج المجتمع وروح الوطن وقيم الكرامة الإنسانية ومقومات الأمن ويقتل كل فرص الإنقاذ.

لكل ذلك نرى ان أي حكومة قادمة وأي انتخابات قادمة إذا مرت دون خط أمامي يسقط برنامج حكم الاستعمار بالوكلاء، ستكون أخطر بكثير مما يتوقع.

لا خيار غير التضحية والنضال ولا سبيل غير الجبهة بخط وطني تحرري جامع ثوري ووحدوي بلا أي تلونات لبرالية حداثوية ويسراوية معادية لقيم الشعب ولا أي ميوعة ديمقراطوية شكلانية فارغة.

صلاح الداودي. 18. 07.2018.