انتصار دمشق: اعتلاء الحق على ابجدية الصمود..

أضيف بتاريخ: 22 - 05 - 2018

منذ “قابيل” و”هابيل” وإلى الأبد، وللصراع الإنساني الدائري غاية تتجلَّى وتتمظهر عبر الأزمنة والتاريخ، وهي فرز الحقِّ عن الباطلِ، وليس استيلاده منه كما يصوره دعاة الفهم “البراغماتي” في التباس أذهانهم وتخلقات أوهامهم، لأن للتاريخ “حتميَّةُ حقٍّ”، عصية الفهم قصية المنال على متنكريها ومزيفيها، ومثلما نرى “الطبيعة” تصونُ ذاتها واستمراريتها عبر قوانين فيزيائها الكامنة في صيرورتها، والتي تحتم عليها تلفظِ وإبادة كل ما يضيرها، كذلك نرى “التاريخ” يصون بقوانينه وحكمته ومنطقه صيرورة الحقِّ واستمراريته وخلوده الأزلي، بتلفظ كل ما يضيره ويحيده عن حقَّه، لأن الباطل والحق أبداً لا يجتمعان في صراع، وإن كان التاريخُ أحياناً يصاب بنوبة من المكر والخداع كما يقول “هيغل”، لكن هذه النوبة ليست أبدية، وربما كانت أشبه بشبه جملة معترضة في كتابه، ولا غروَ بأنَّ إرادة الحقَّ تجيءُ نهاية قابضة ظلالَ المُحالِ، فاردةً بنور يقينها دروب الواقعِ والمصير، لأنَّ الحقَّ هو المصير، ولا معوَّل إلا على المصير والعواقب، والزبد يذهب جفاءً وما ينفع الناس يمكث في الأرض..

ولكلِّ حَقٍّ وفي كلَّ زمنٍ من الصراع، رجالٌ أنبياء، يأتونه شُهداءً من خلف النهاياتِ، على ساحاتٍ اختارها الله أن تشطرَ شعرة التماسِ الباطل بالحق، فكانت ساحتنا (دمشق) “عرين الأسد” وقلب العروبة النابض، ليجيءَ رجالنا أنبياء أولياء، مسطرين ملاحمَ من دمٍ وروحٍ بأعظم وأكبر البطولات، مقابل أساطيرَ افتراضية غربيَّة حملت راية الباطل المتوهَّمِ التي عمَّدتها ببترولِ “الأعراب”، وأرادت عنوة لي عُنُقِ التاريخِ، بسوادٍ أعظم، يبهتُ الحقَّ في الأذهان، ويخطف المعنى ويشظِّيهِ على مسرحِ تعاظم الأحداث..

غير أن (دمشق) كانت كما ستبقى أبداً، عصيَّةً صامدةً أمام الغزاة، محميَّةً أبيَّةً بأرواحِ الشهداء، وهي تسطر بدمائهم فوق كل ذرة تراب وعند كل موطئ قدم، سرديَّةً خضراء استعصت على كلِّ خريف.. بعنوان: هنا اعتلى الحقُّ أبجدَّية الصُّمود.. هنا (دمشق) “عرين الأسد” وقلب العروبة النابض.
مهند ديب