كيان الاحتلال الصهيونى. الذيل الذي يهز الكلب الأمريكي

أضيف بتاريخ: 17 - 04 - 2018

بين تخبُّطٍ أوروبيٍّ وذعرٍ صهيونيٍّ وجنونٍ أمريكيٍّ، وصلابةٍ روسيَّةٍ واستعدادٍ إيرانيٍّ وتقدمٍّ سوريّ، صفيحُ الإقليمِ يزداد لهيباً، والعالم يضبط ساعته على خُطى أقدامِ الجيشِ العربي السوري في (الغوطة الشرقية)..

ما أن تمكَّنَ الجيش العربي السوري من حسم أكبر معاقلِ الإرهاب الدولي في الغوطة الشرقية، حتى شهدنا بدءَ انهيار وتنازل الوكيل الإرهابي، مقابل صعود القوى الأصيلة الراعية، في مشهدٍ تصدرته عودة هستيرية لحملة من التلفيق الدعائي للمسرحيات “الكيميائية” مع محاولة جديدة من التنظيمات الإرهابية لاستجداءِ تغطية دولية لم تجاري تقدم الجيش العربي السوري، قبل أن يقوم طيرانُ “كيان الاحتلال الصهيوني” بالظهور من عباءةِ فشلِ تلك المسرحيات، مستهدفاً مطار التيفور العسكري من فوقِ الأراضي اللبنانية، ليتبعه فجر 14/ نيسان/ 2018 عدوانٌ ثلاثيّ أمريكي بريطاني فرنسي إجراميٌّ غاشم على الأراضي السورية..

والسؤال:
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “ترامب” الذي كان قد أطلق وعوداً خلابةً خلال حملته الانتخابيَّة، بالذهاب إلى تسوية السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، واعداً بحل سياسي بخصوص ملف الأزمة السورية، ما الذي دفع به إلى الانحدار بسياسة واشنطن على شفا هاوية من مهلكة إقليمية ودولية، وهو الذي كان قد أعلن بخطابه في “أوهايو” عن قرب انسحاب بلاده من سورية قبل أن تنفي خارجيته الأمر، فأيُّ تخبُّطٍ يشهده القرار السياسي الأمريكي، خصوصاً تجاه ملفات الشرق الأوسط وعلى رأسها ملف الحرب السورية؟!

بعد تقلَّدَ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “ترامب” منصبه الرئاسي، ومن خلال العديد من المحطات، بدى واضحاً مشهد اجتراره إلى بيت الطاعة الصهيوني، وذلك تحت تأثير أكبر المعاقل الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعرف باسم “جماعات المصالح” و”مجموعات الضغط” (اللوبيات)، وهي مجموعاتٌ لطالما امتهنت استمالة القرار الأمريكي بهراوة مصالحها، الذي دائماً ما أبدى استعداده بدوره للتورط بالعديد من مستنقعات الدماء حول العالم، والتي كان آخرها في سورية، في سبيل حماية أمن ومصالح الوجه الآخر للشيطان الأمريكي، وهو كيان الاحتلال الصهيوني..

يتساءل الكاتب “جون جي ميرشايمر” في مطلع كتابه (أمريكا المختطفة) عن السبب الذي يدفع الولايات المتحدة الأمريكية للتغاضي عن أمنها دفاعاً عن مصالح دول أخرى؟ مضيفاً: “يستطيع المرء أن يفترض أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية قائمة على قاعدة مصالح إستراتيجية مشتركة أو على أساس ضرورات أخلاقية مُلزمة.. غير أن أيّاً من ذينك التفسيرين لا يستطيع تسويغ المستوى المادي والدبلوماسي المرموق للدعم الذي توفره الولايات المتحدة لإسرائيل”! مستعرضاً هول الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني الذي يضيق بنا المقام هنا عن ذكره مفصلا، ومنه استخدام الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1986م لحق النقض في مجلس الأمن ضد القرارات التي تدين كيان الاحتلال لأكثر من 32 مرة، وبأن مستوى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل منذ حرب تشرين 1973م فاق أي مستوى دعم لدولةٍ أخرى، والذي يراه تحركاً لسياسة واشنطن يسير بعكس المصالح القومية للولايات المتحدة الأمريكية..

وعن دور الكيان الصهيوني في استهداف واشنطن لسورية يقول: ..

ويضيف أنه: ..

وبخصوص ملف (غزو العراق) يقول الكاتب “جون جي ميرشايمر”: ويضيف: ويشير أيضاً: . وفي ذلك الوقت نشر رئيس وزراء الكيان الأسبق “يهود باراك” في “النيويورك تايمز” زاوية رأي محذراً من أن الخطر الأكبر الآن كامن في اللافعل، كما نشر سلفه “بنيامين نيتنياهو” مادة مشابهة في “الوول ستريت جورنال” بعنوان (تأييداً لإطاحة صدام)، كما قيل في “هارتس” أن جيش كيان الاحتلال وقيادته يتطلعان بلهفة إلى نشوب حرب في العراق..
نستنتج مما سبق وبشهادة أحد الكتاب الأمريكين، مدى الثقل والسطوة الذي تمارسه مجموعات الضغط “اللوبيات” على القرار السياسي الأمريكي، والتي تأتي في مقدمتها منظمة “الآيباك” نواة النفوذ الصهيوني في (الكونغرس) التي يقوم أساس نفوذها على دعم الحملات الانتخابية في (الكونغرس) للأشخاص الموالين لكيان الاحتلال، وعلى الموظفين العاملين في (الكونغرس) الموالين لها، وهي تأتي في مقدمة العديد من اللوبيات” التي تتموضع في جميع مفاصل اتخاذ القرار الأمريكي بما فيه (وسائل الإعلام) ومنها: “وول ستريت جورنال” و “صَن تايمز” و”الواشنطن بوسن” و”نيويورك تايمز” ومجلات مثل: “كومنتري” و”الويكيلي ستاندر” وكذلك(مراكز الأبحاث الموجة) ومنها: “معهد المشروع الأمريكي” و”معهد أبحاث السياسة الخارجية” و”مركز التخطيط الأمني” و”الوينب” و”المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (الجنسيا)” والقائمة تطول..

مقاطعة مع ما سبق، وفي العودة إلى تفاصيل مشهد العدوان على سورية الذي وصل حد العدوان الثلاثي الأمريكي البريطاني الفرنسي المباشر على سورية، يمككنا التماس الأبعاد المثقلة التي ساهمت في دفع سياسة واشنطن إلى كل هذا الانغماس الدموي في سورية خصوصاً والعالم العربي عموماً، تحت نظريات هيمنية صنعها أشد الموالين للكيان الصهيوني في الإدارة الأمريكية، أمثال “المحافظين الجدد”، كما يمكننا التماس تمادي ومحاصرة هذه المثقلات لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية “ترامب” الذي اتّهم في أيامه الأولى بدعم الاتحاد الروسي له عند فوزه في الانتخابات الرئاسية، بسبب عدم اتفاق مبادئ سياسته التي كان قد أعلنها خلال حملته الانتخابية مع مصالح كيان الاحتلال الصهيوني والتي كانت أقرب منها إلى برنامج “هيلاري كلينتون”..

رغم عدم مشاركة كيان الاحتلال الصهيوني المباشرة في العدوان الثلاثي على سورية 14/4/2018م، إلا أنه وبحسب “فوكس نيوز” ما أن بدأ العدوان حتى سارع كيان الاحتلال للإعلان عن أن استخباراته قدمت للولايات المتحدة الأمريكية بنكاً من الأهداف السورية، وبحسب ما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” إبان العدوان الثلاثي المباشر، فإن جيش كيان الاحتلال كان قد رفع حالة التأهب في المنطقة الشمالية تحسباً لأي رد سوري محتمل، مما يشير إلى الاندفاع الصهيوني العالي في توريط الولايات المتحدة ومعها من اجترتهم إلى اشتباك مباشر مع محور المقاومة، يهدف إلى تغيير قواعد الاشتباك التي أرساها حلف المقاومة، وقد كان ذلك قبل أن تقوم الدفاعات الجوية السورية في قلب المعادلة بعد فترة وجيزة من إعلان ساعة الصفر الأمريكية، لتعود ضابطةً لها على توقيت انتصار دمشق..

في ظل معركة مفتوحة لم تبدي معالم استقرارها حتى الآن، وفي ظل تنامي وتعاظم المحور المقاوم الذي استطاع حتى اليوم إنجاز أكبر الانتصارات المحلية والإقليمية والدولية، نعتقد أن تلك “اللوبيات” الصهيونية لن تألوا جهداً في محاولاتها لدفع “الكلب” الأمريكي واستمالته لجهة إبقاء المواجهة مفتوحة مع نظيره الدب الروسي، وإذا ما نظرنا إلى ردود الفعل داخل كيان الاحتلال تجاه العدوان الثلاثي على سورية، التي تراه بعين فشلٍ لم يرقى لطموحها وأهدافها ومقاصدها، وإذا ما تابعنا اطراد الغارات الصهيونية المنفردة على الدولة السورية، نستطيع القول أن كيان الاحتلال الصهيوني أشبه بالذيل الذي هزّ الكلب الأمريكي وزبانيته، والذي لن يطول مداه حتى ينقطع!.

مهند ديب