السباق إلى المواجهة مع الكيان الإسرائيلي وسيلة وحيدة لإيقاف صفقة القرن التي تفترض ضربة استباقية لتمريرها

أضيف بتاريخ: 19 - 03 - 2018

قد يبدو في العنوان بعض التفاؤل والايجابية، ولكن الأمر ليس كذلك. وكأن السؤال ليس من من الفلسطينيين يجب أن يضرب الكيان الإسرائيلي أولا، وإنما من هو الهدف الأول للعدوان الأمريكي-الصهيوني. وفي مطلق الاحوال لا مفر من التصعيد في الأشهر المقبلة ولا مناص من ان هذا التصعيد أصبح شأنا من شؤون وجود المقاومة وبقاء فلسطين وهو محكوم بالإيجاب قطعا مهما كانت النتائج قياسا إلى تصفية القضية.

لاتبدو تصريحات محمود عباس هذا المساء في حق حركة حماس على خلفية محاولة تفجير موكب رئيس حكومة التوافق الحمدالله مجرد رد فعل اهوج رغم التوتر الحاد الذي ظهر في نبرته وفي مضمون تصريحاته، بل اقتناص لفرصة ذهبية للنفاذ إلى ماوراء المصالحة بصرف النظر عن المصالحة ذاتها. وبالمقابل، لاتبدو التصريحات المضادة التي وردت في بيان حركة حماس قبل حين خالية من رؤية مسبقة على خلفية ضرورة إيقاف صفقة القرن بصرف النظر عن المصالحة. وبالتالي فإننا أميل إلى ترجيح احتمال تسابق كليهما أي فتح وحماس، في ظل الاستحالة العملية للمصالحة بعرقلة إقليمية ودولية صهيونية، تسابق كليهما نحو استخدام أقصى ما يستطيعه الآخر من أجل الاشتباك مع العدو الصهيوني والأطراف الساعية لإجبار الفلسطينيين غصبا على القبول بصفقة القرن. هو سباق نحو الدفع إلى الاشتباك فرضته الضرورة وانسداد الأفق فلسطينيا وإقليميا ودوليا وليس استراتيجية نابعة من إرادة سياسية واضحة.

اما إذا أردنا أن نذهب إلى ماوراء حماس من جهة وماوراء فتح من جهة أخرى فسنجد تسابقا آخر على طرفي النقيض بين من يدفع مع حماس لمواجهة صفقة القرن مقاوميا ومن يقف مع عباس لتلطيف صفقة القرن والذهاب بها إلى تسوية مع العدو الصهيوني. هذا ولا يبدو لنا من الصواب اتهمام أحدهما بالقبول بهذه الصفقة. إذ يتمثل الفارق بينهما في مدى ابتلاع الطعم، طعم الحلول المرحلية مع كيان العدو، وهو أمر دابت عليه فتح خاصة بعد أوسلو وانتقل الى حماس بعد سنوات السلطة على غزة وبعد وثيقتها الأخيرة التي تعترف مرحليا بحدود 1967.

في الواقع، تدرك فتح كما تدرك حماس أنه لن يبقى أحد للقدس اذا لم يتقدم الفلسطينيون للمواجهة. ويدرك كل منهما أن الساعة اقتربت: مسيرات العودة الكبرى ثم ذكرى النكبة (العودة) وتاريخ احتلال سنة 1948 واعلان الصهاينة كيانهم وهو التاريخ الذي سيتطابق مع الضغط الأمريكي بإجراءات نقل سفارته إلى القدس المحتلة.

قبل يوم كان وزير الحرب الصهيوني ليبرمان يقول على القناة الثانية العبرية ان محمود عباس يدفع نحو تفجير الوضع مع حماس وجر جيش الاحتلال إلى هذه المواجهة، بعد ذلك تم ضبط موظف قنصلي فرنسي بصدد تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية، هذا دون اعتبار التقديرات الصهيونية اليومية بحتمية تصاعد العمليات ضد الكيان وتحميل الصهاينة حماس كل شيء، ورغم تأكيد جيش الاحتلال من ناحية وحماس من ناحية ثانية عدم رغبتهما في التصعيد (رغم ان الإعلام الصهيوني يقول ان المخابرات المصرية سربت استعداد حماس لقصف الكيان بالصواريخ لمدة 6 أشهر متتالية).

إن ميلنا الضروري إلى عدم اعتماد تصريحات العدو ووسائل اعلامه، لا يجعلنا نهمل هذه الجوانب من الأحداث والتصريحات التي تثبت بطريقة أو بأخرى وقوف كيان العدو في كل ركن لاستثمار التوتر الكبير بين فتح وحماس وافتعاله حينا وتاجيجه حينا آخر.

ثم إن آخر التصريحات القادمة من واشنطن عن اجتماع بن سلمان وترامب واتهامهما المستمر لإيران، وأكثر من ذلك ولاول مرة، حشر روسيا أكثر فأكثر في الملف السوري والملف اليمني بالذات، يشي بان أمرا ما يحضر لغزة أيضا.

صلاح الداودي