عفرين بين المشاعر الوطنية والواقع

أضيف بتاريخ: 22 - 02 - 2018

ينقل موقع «المونيتور» عن الأكاديمي الفرنسي فابريس بالانش، الباحث المقيم في معهد هوفر الأميركي الذي أجرى بحثاً لمدة ثلاثة أسابيع في شمال سورية أن «سياسات أميركا الحالية سوف تقود لهزيمتها في سورية، وأن الجنود الأميركيين سوف يطردون خارجاً»، واستند الباحث الفرنسي في خلاصته هذه إلى لقاءات كثيرة أجراها هناك مع العرب الذين يعيشون تحت السيطرة الكردية، حسب تعبيره، وبشكل أساسي في المدن العربية الرقة، تل أبيض، منبج، وأن الوضع لديهم وصل إلى نقطة الغليان بسبب السياسات الأميركية التي تقدم الدعم للكرد بشكل أساسي، وتمييزي طبعاً لاستخدامهم ضد أبناء بلدهم، وكمرتزقة للمشروع الأميركي، وبسبب الحاجات الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطنين، ويشرح بعض السكان المحليين للباحث الفرنسي أن المساعدات غير موجودة للسكان هناك، وأن «أميركا بخيلة للغاية، والسعوديون مهتمون باليمن»، ولا مياه كافية لري المحاصيل، والقصف دمر قنوات الري، والكهرباء تقدم جزئياً من بعد الظهر حتى الحادية عشرة ليلاً فقط، والفلاحون لم يعد بإمكانهم رعاية المحاصيل.
وبعد العملية العسكرية التركية فإن كثيرين من العرب يقولون إنهم يريدون الاستقرار ويتطلعون لحياة طبيعية كما في حلب، ويكشفون للباحث الفرنسي أن «هذه الحرب ليست حربنا» أي الحرب بين السوريين الأكراد والجيش التركي.
إن المنطق السليم، والحكمة تتطلب من القيادات السورية الكردية أن تدرك الآتي مرة أخرى:
* لا أفق لمشروع انفصالي كردي في شمال سورية، والرهان على الأميركي، هو رهان على الوهم.
* لا حاضن وطنياً لهذا المشروع، ومواجهة العدوان التركي لا تكون عسكرياً فقط إنما بسحب الذرائع من تركيا عبر إدخال الجيش العربي السوري، وعودة مؤسسات الدولة السورية، لأن المواطن السوري يبحث عن الأمن والاستقرار ولا يدعم مشاريع واهمة جديدة تحت أي لافتة.
* مشاعرنا وعواطفنا هي بالتأكيد مع أهلنا في عفرين ولكن المستقبل لا يبنى بالعواطف وحدها، إنما بالعقل والحكمة، وبالبحث عن المخارج السياسية التي تجنب المدنيين السوريين من كرد وعرب ويلات حرب لا فائدة منها.
* إن الواقع يفترض البحث عن الحلول، وأعتقد أن كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام حينما قال: «إننا على قناعة أن تركيا يمكن أن تحمي مصالحها الأمنية المشروعة من خلال الحوار مع الحكومة السورية» هو المخرج الوحيد الذي يمكن أن يدفع القوى الدولية، وخاصةً الولايات المتحدة إلى خارج اللعب على التناقضات بين سورية وتركيا، ذلك أنه لا مصلحة أبداً في الاشتباك بين جيشي البلدين سوى المصلحة الأميركية الإسرائيلية، وأعتقد أن القيادة السورية التي أدارت هذه الحرب الشرسة تدرك تماماً الفرق الكبير بين المشاعر الوطنية، وواقع لعبة الأمم الكبرى التي تجري على الأرض السورية، وأن مشاعر السوريين الكرد الوطنية في غرب الفرات، يجب أن تكون نفسها في شرق الفرات، وأغلب الظن أنه يجري تفكيك هذا المشروع الانفصالي خطوة خطوة، إضافة إلى مواجهة احتمالات أي مشروع تركي توسعي على الرغم من تأكيدات حكومة أنقرة أنها مع وحدة أراضي سورية، وأنها لا تريد البقاء في الأراضي السورية، ولكن تجربة العراق ليست مبشرة، كما أن ما يجري على الأرض من ربط لبعض المناطق السورية بالسلطات التركية لا يؤشر إلى حسن النوايا، والحل الوحيد هو كما قال لافروف بالحوار المباشر بين البلدين وهو ما قد تكون موسكو تسعى إليه في المرحلة القادمة، لأن الحوار هو المخرج الوحيد لكل الأطراف، أما استمرار الحروب ونارها فهي مصلحة أعداء شعوب ودول المنطقة.
بسام ابو عبد الله. الوطن السورية