الأحداث في إيران رد طبيعي على السياسات النيولبرالية للرئيس روحاني

أضيف بتاريخ: 04 - 01 - 2018

– المستشار للأمن القومي الإيراني والخبير الإستراتيجي محمد صادق الحسيني –

*ما يجري هو تداعيات فشل السياسة الاقتصادية النيوليبرالية للرئيس روحاني التي ربطت نفسها عبر الاتفاق النووي من خلال تضخيم الإنجاز الإيراني الذي تحقق وجعله كأنه الحل السحري لكل مشاكل إيران الاقتصادية والاجتماعية.
*من حيث الزمان والمكان يريدون حصراً الآن توجيه وحرف الأنظار العالمية عن فلسطين والقدس الى طهران وإيران.
*الآن مجلس الشورى والقائد الأعلى وكل أطراف النظام سيأخذون الأمور بأيديهم ويتخذون قرارات وخطوات تجبر الرئيس روحاني وحكومته على اتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية في إطار ما يسمى “الاقتصاد المقاوم”.
*تم تضخيم الأحداث وجلب صور من خارج إيران ومن الأرجنتين وسوريا على سبيل المثال ونشرها على وسائل الإعلام وكأنها في مدن إيرانية.
* ظن الثلاثي الإمبريالي والصهيوني والرجعي السعودي انهم سيحدثون صدمة وتبدأ حركة ولعبة أحجار الدومينو وأن تنتقل هذه الأحداث من مشهد الى طهران والى المحافظات والمدن المختلفة لكن العكس هو الذي حصل.
* العقوبات هي ألتي أخرت او تستطيع ان تؤخر إيران ولا الالتحاق بالاقتصاد النيوليبرالي المنهار أصلا سينقذ إيران. فأصلاً برغم العقوبات أصبحنا دولة نووية.

تتصدر الأحداث في ايران منذ اسبوع صورة المشهد الإعلامي العالمي وقد لا يكون ذلك لكبر حجمها واتساعها بل قد يبدو أنه ليس صدفة أن يجري ما يجري هذه الأيام وفي إيران بالذات حيث الأهمية الجدية لهذا الحدث تتجلى من حيث الربط بين الزمان والمكان. وللإطلالة والإضاءة على ما يجري تحدثت “الصنارة” الى المستشار للأمن القومي الإيراني والخبير الإستراتيجي محمد صادق الحسيني الذي لم يخفِ انتقاداته للممارسات السياسية والإقتصادية للفريق الحاكم الوم في ايران. وعن التزامن والترابط “الزمكاني” قال الحسيني : “الزمان والمكان ليسا صدفة. والسؤال مُحق فلماذا الآن ولماذا في إيران؟ الآن لأن هناك محاولة لقلب صورة المشهد الإقليمي الحقيقية والأصلية التي تعبر عن الواقع كما هو وأن هناك حشداً مليونياً جماهيرياً ونخبوياً وغرف عمليات إيرانية وحزب أللهيّة وفلسطينية من جميع الفصائل الفلسطينية دون استثناء, وسورية وعراقية ومن حشد شعبي وأنصار الله للتوجه الى القضية المركزية التي هي فلسطين والقدس. وتحديداً هذه المرة هناك غرفة عمليات حقيقية لإسقاط صفقة القرن الترامبية مع هذا الجلف الداشر محمد بن سلمان. وإيران هي القاطرة وهي البنك المركزي لهذا الأمر, هي الجائزة الكبرى التي تنتظرها الشعوب مثلما حاول أن يقطفها جورج بوش الإبن “جائزة كبرى” الإرهاب ونحن نسميها الجائزة الكبرى للمقاومة والبنك المركزي لها. لذلك اختيار إيران لهذا التحرك جاء رداً على ما قاله قاسم سليماني عن اتصالاته التليفونية مع قادة الفصائل الفلسطينية في غزة وفي مقدمتها الجهاد والقسّام, وان كافة المقدرات تحت تصرف المقاومة الفلسطينية لاسترجاع القدس وتحرير فلسطين. ومن حيث الزمان والمكان يريدون حصراً الآن توجيه وحرف الأنظار العالمية عن فلسطين والقدس الى طهران وإيران. في محاولة لإرباك وإشغال غرف عمليات المقاومة من طهران الى بيروت وصنعاء وكل مواقع المقاومة لإسقاط صفقة القرن وقرار ترامپ بنقل السفارة الى القدس وهذه عملياً هي محاولة للحلف الأمريكي والصهيونية العالمية للهرب الى الأمام وللتخلص من مشكلاته الداخلية العديدة وكذلك تقديم أوراق حسن السلوك للصهيونية العالمية التي أتت به كما أتت بغيره من الرؤساء الأمريكيين. لذلك كانت إيران في هذا الزمان وهذه اللحظة وهذا المكان موطئ إشعال الفتنة.

الصنارة: مع ذلك فإن حجم التظاهرات يثير بعض التساؤلات حتى وإن كان أقل من زخم تظاهرات سنة 2009.
الحسيني : نعم الحجم أقل وأكبر مظاهرة لا يتعدى عدد المشاركين فيها الـ 500 متظاهر. ولم يشارك فيها طلاب الجامعات والنخب والمثقفون والتيارات السياسية في حين انه سنة 2009 كانت المشاركة الشعبية أوسع. لكن هي اليوم حادة في الإعلام وحادة في الحراك وان لم تكن بالحجم الكبير وقد تم تضخيمها وجلب صور من خارج إيران ومن الأرجنتين وسوريا على سبيل المثال ونشرها على وسائل الإعلام وكأنها في مدن إيرانية وكذلك صور قديمة وتم إحراق أعلام قليلة ومراكز للنظام والتعبئة والشرطة كل هذا صحيح وتم قتل نحو 20 من قبل ملثمين مدربين ويلبسون لباساً موحداً في كل المدن الإيرانية وهذا ما تم رصده وكشفه من خلال الڤيديوهات التي تم تسجيلها ومتابعتها وكل ذلك تحت إدارة “أمير الظلام” أو “آية الله مايك” مايكل دي أندريا مسؤول ال CIA الذي أوكل اليه الملف الايراني ومهمة إسقاط النظام الإيراني بعد مجيء ترامب. وبسبب التضخم الإعلامي استطاعوا من خلال غرف عمليات مركزية بمحاذاة الحدود الإيرانية في اربيل او في جيهات في أفغانستان إضافة لغرف عمليات مشتركة في ستراسبورڠ وجدة وبمشاركة ضباط مخابرات إسرائيليين وأمريكان وممثلي محمد بن سلمان الاشراف على هذه العمليات في خطة معدة سلفاً منذ أن اجتمعوا في باريس مع تركي الفيصل مندوب النظام السعودي وتحضير المؤامرات التي تنظم الآن وتُعجن من خلال عدد ضئيل من عناصر داعش أو أطراف تابعة لتنظيم وفكر داعش ممن لفظتهم الحرب في العراق وسوريا وهذا كان بفعل التضخيم التنظيم الإعلامي لامبرطوريات الإعلام الغربية الإمبريالية.
الصنارة: لكن هذا التضخم الإعلامي ما كان ليفعل فِعله لو لم يكن له عامل مساعد على الأرض الإيرانية. خاصة أن البداية كانت بشعارات اجتماعية اقتصادية لكن سرعان ما تم ربطها بشعارات سياسية ضد النظام وحتى ضد غزة وفلسطين وسوريا.
الحسيني: هذا صحيح. كان ضرورياً وجود عامل محلي لكي يطلقوا الشرارة. وجاءت تلك اللحظة التي كانوا ينتظرونها ويترقبونها للدخول على الخط, ونقل المعركة الى إيران كما صرح بذلك الأجنبي البعيد الأمريكي والأجنبي القريب بن سلمان . التقوا عند نقطة بيئة ملائمة هي خروج مظاهرات لمواطنين إيرانيين تحت شعارات مطلبيه صحيحة وعادلة بسبب فشل السياسة الاقتصادية النيوليبرالية للرئيس روحاني وفريقه السياسي الاقتصادي, وتداعيات هذه السياسة على فئات شعبية فقيرة كادحة من عمال زراعيين وفقراء وفئات محدودة الدخل, وعندما انطلقت في اللحظة الأولى في مشهد كان شعارها “الموت لروحاني” واستغلوا هذه الكلمة “روحاني” التي تعني رجل الدين وليس حصراً شخص الرئيس روحاني فحولوها من الموت (لروحاني) الى الموت لكل رجال الدين وكانت هذه فرصتهم لكي يحوّلوا المظاهرات المطلبية الشعبية الى مظاهرات سياسية ضد النظام ظناً منهم أن مثل هذا يمكن ليس فقط قلب الصورة ويحرف الموجة عن القدس وفلسطين كما اشرنا, بل يقلب الصورة ايضاً من باب إحداث صدمة على الساحة الإيرانية الداخلية وأن تفاجأ الحكومة بوجود مظاهرات ضدها وهي التي اتت بشعبية عالية في الانتخابات الرئاسية وكذلك البرلمانية والبلدية وكذلك إحداث مفاجأة وصدمة للجهات الأكثر تطرفاً في الشارع الإيراني المدعوم من تيّار الحرس الثوري والقوى الأخرى التي تريد الانطلاق من نجاحات سوريا والعراق الى فلسطين. ظن الثلاثي الامبريالي والصهيوني والرجعي السعودي انهم سيحدثون صدمة لهذه القوى وتبدأ حركة ولعبة أحجار الدومينو وأن تنتقل هذه الأحداث من مشهد الى طهران والى المحافظات والمدن المختلفة لكن العكس هو الذي حصل. وفشلت خطتهم لأنهم لا يعرفون إيران فهذه هي حماقتهم عندما يتدخلون في الشأن الإيراني. فالإيراني يعيش مئات السنين في أي مجتمع آخر ولا يذوب به بل يبقى إيرانياً بصفاته وسلوكه وعاداته ومأكله ومشربه الى خياراته. تصور أنه في هذه الأزمة حتى وزير خارجية الشاه الجالس في لوس أنجلوس “ساهمي” وجه نداءً للشعب الإيراني قال فيه: “لا تعتمدوا على الأجانب ولا تثقوا بهم ولا تبنوا عليهم. حتى لو كنتم مختلفين مع النظام”. هذا يعني فشلاً ذريعاً جداً استخباراتياً وأمنياً وعقلياً للثلاثي الدنس.

الصنارة: كيف تقيمون موقف بعض القوى والأحزاب الإيرانية ومنها حزب تودة التي حذرت وقالت انه يجب الفصل بين المطالب المحقة للشعب وبين ربطها بالشأن السياسي العام وحذرت من ما أسمته”خطف الانتفاضة الشعبية” تحت مظلة الأمريكان ونتنياهو ونظام الشاه؟
الحسيني: نعم هذا الذي حذر منه الكثيرون وانتبهوا إليه ودعوا الى عدم الوقوع في مستنقعات الفتنة رغم الصراع بين التيارين الإصلاحيين والمحافظين خاصة ان الذي انبرى “للدفاع والتباكي” هو نتنياهو وترامب والسعودية وليس غير . الآن تنعكس الصورة تماماً وفي هذه اللحظة التي نتحدث فيها تجري مظاهرات مليونية في كل إنحاء إيران ويحمل المتظاهرون الأعلام الإيرانية التي احرقها البعض وأصبح العشق للوطن الإيراني والأمة الإيرانية والتوحد أمام الأجنبي الغادر الذي يحاول قتل أبناء الشعب الإيراني غيلَةً وغدراَ في الطرقات في المظاهرات وإسالة الدماء وإذ بالشعب الإيراني يتوحد من كل الطوائف والشرائع والملل والنِحل والأقوام من كرد وعرب وتركمان وسنة وشيعة ومسيحيين كل الفسيفساء الإيرانية استعادت اللُحمة الإيرانية والمواطَنة الإيرانية والتلاحم الشعبي وأيضاً ولاية الفقيه أصبحت عزيزة أكثر من ذي قبل حتى البعض الذي كان مختلفاًَ حولها أو بسببها بدأ يقول هذا النظام وهذه المؤسسة أفضل لنا من أي شيء آخر لأننا إذا ارددنا أن نعود الى أمريكا والى الشاهنشاهية وكلب الحراسة الأمريكي وبرموزه المختلفة فإننا سنخسر حتى وظائفنا وما تبقى من إمكانيات العيش الكريم. ورغم كل ما حصل حولها ظلّت إيران بعيدة عن محيط النار التي كانت تهددها بالربيع العربي الذي لا هو ربيع ولا هو عربي. بل هي دمار للأمتين العربية والإسلامية. هذا الأمر ثبت فشله وهو فشل ذريع للمخابرات السعودية والإسرائيلية والأمريكية والبريطانية بالرغم من كل غرف العمليات.

الصنارة: وزير العمل الإيراني حذر هذا الاسبوع أن هناك 10 ملايين فقير في إيران, والرئيس روحاني قال ان من حق الإيرانيين التظاهر من أجل تحسين ظروف حياتهم. مقابل ذلك كان الرد ليس بالانفتاح تجاه الشعب وتوظيف ما حققته إيران من استرداد لأموالها واستثماراتها لرفع مستوى المعيشة . وشاهنا انه رفعت شعارات سياسة محضة ضد غزة وفلسطين وسوريا وهو ما ساهم في كشف الأمور. لكن ما هي الخطوة الاجتماعية الاقتصادية تجاه الناس الذين رفعوا شعارات معيشية مطلبية. ولماذا كان الرد في قطع الانترنيت ووسائل التواصل ليس الإعلان عن خطوات ملموسة سياسية واقتصادية تتجاوب مع مطالب الناس؟
الحسيني: المطالب الشعبية رحب بها وتبناها الكثيرون من المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم القائد والمرشد العام السيد على الخامنئي وسيلقي اليوم الجمعة خطابا يقول فيه للمسؤولين عليكم مسؤولية كبرى في إنقاذ معيشة الناس. لأن معيشتهم في خطر ومطالبهم واقعية وحقيقية ومشروعة وسيدعو كل اركان النظام لتبني هذه المطالب والعمل على حل المشاكل الملحة للناس.
لكن ما تم عمليا ليس قطع الانترنت بل التليغرام وذلك لأن احدى قنوات التليغرام استخدمت كوسيلة لتعليم الناس كيف يستعملون المولوتوڤ وقنابل محلية وحرق المراكز والمقرات وأخذت تنشر صوراً للتعبئة ضد المسؤولين وأين يسكنون وكيفية ملاحقتهم. هذا التليغرام تحول الى سلاح معادٍ في خدمة المخططات الإسرائيلية والسعودية والأمريكية من خلال غرف عملياتهم في اربيل وغيرها. ما عدا ذلك من وسائل التواصل لا تزال موجودة وتعمل.
نعود الى الأهم وهو الموضوع الاقتصادي. ما يجري هو تداعيات فشل السياسة الاقتصادية النيوليبرالية للرئيس روحاني التي ربطت نفسها عبر الاتفاق النووي من خلال تضخيم الانجاز الإيراني الذي تحقق وجعله كأنه الحل السحري لكل مشاكل إيران الاقتصادية والاجتماعية. مع أن سماحة السيد القائد الخامنئي كان قد حذر المسؤولين وغير المسؤولين وكذلك مئات الأساتذة الجامعيين حذروا من ربط المصير الإيراني بدولة هي بالأساس مدينة بـ 21 ترليون دولار. الاقتصاد العالمي منذ عشر سنوات في ركود وهناك 63 ترليون دولار مديونية ثلثه دين على الاقتصاد الأمريكي. والرئيس ترامپ جاء ليقول:” أمريكا أولاً”. ومنع أبناء العالم الثالث من زيارة أمريكا حتى لا يذهب عمال الى هناك وليحافظ على أماكن العمل والوظائف للأمريكيين. وخصوصاً إيران عندما وضعها على رأس القائمة خاصة. ترامپ يريد أن يستعيد القوة الأمريكية خاصة الاقتصادية منها. لكن “أنت كحسن روحاني انت كمسؤول إيراني أو في أي بلد عربي أو أي بلد عالم ثالث آخر عندما تربط اقتصادك عبر منهجية النيوليبرالية وخاصة الاقتصاد الأمريكي الغارق فمن يربط نفسه بالغارق سيغرق معه. هذا هو السبب الرئيسي الذي انعكس في الشارع عدم قبول وتنديد ومظاهرات وغضب. يجب أن تراعي هذه الأمور وتحل”. الآن مجلس الشورى والقائد الأعلى وكل أطراف النظام سيأخذون هذه الأمور بأيديهم ويتخذون قرارات وخطوات تجبر الرئيس روحاني وحكومته على اتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية في إطار ما يسمى “الاقتصاد المقاوم”. فلا العقوبات هي ألتي أخرت او تستطيع ان تؤخر إيران ولا الالتحاق بالاقتصاد النيوليبرالي المنهار أصلا سينقذ إيران. الرهان هو على اقتصاد وطني مقاوم داخل الدولة والمجتمع في النظام الإيراني. يجب ان نُبدع في اقتصادنا الخاص بنا لا هو ملتحق ولا هو خائف يترقب بسبب العقوبات. فأصلاً برغم العقوبات أصبحنا دولة نووية. وحصلنا على كل المكاسب العلمية الكثيرة من النانوتكنولوجي الى حد علم الفضاء وبرغم العقوبات تقدمنا وأصبحنا دولة متقدمة ومتحضرة وأقامت الديمقراطية بأفضل أشكالها وأفضل من ديمقراطيات واشنطن ولندن وباريس فما بالك بالسعودية. إذن ليس الخوف من العقوبات ولا الارتهان
للاقتصاد العالمي الغارق من عشر سنوات. هذه هي القضية الحقيقية لما يجري في إيران.

الصنارة: هل الاتصال بين الرئيسين الفرنسي ماكرون والإيراني روحاني جاء للإطمئنان على الاستثمارات الفرنسية في إيران؟
الحسيني: نعم. والمبادرة للاتصال جاءت من ماكرون نفسه الذي يحاول استعادة دور فرنسا التاريخي المنافس للأمريكيين في منطقتنا العربية والإسلامية هذا ما فعله في لبنان خاصة في قضية سعد الحريري وهذا ما يفعله في بعض دول الخليج وفي مقدمتها السعودية وهذا ما يفعله اليوم في ايران ليقول لأمريكا ان الدول الأوروبية التي كنت تعتبرينها دائماً تابعاً لك لم تعد كذلك لا في الموضوع النووي ولا في أي موضوع آخر. فأوروبا الغربية تحاول ان تجد متنفسا عن الاقتصاد الأمريكي لعلها في هذا تتقدم أفضل فأفضل . هو يبحث عن سوق وعلاقات الى حد ما مستقلة عن الإملاءات الأمريكية وأيضا يبحث عن مصالحه المباشرة ولشركائه كل ذلك بالاتفاق مع الرئيس روحاني.

الصنارة: إضافة الى الدومينو الداخلي, يبدو أن هناك خطة لدومينو عالمي, فبعد إيران الدور الآتي على روسيا ومن هذا المنطلق إهتمت القيادة الروسية والرئيس پوتين بشكل خاص بالعلاقة الإستراتيجية مع إيران حليفها الإستراتيجي.
الحسيني: هذه نقطة مهمة وإستراتيجية في ما يجري. كل هذا التفصيل الذي تحدثنا عنه من اقتصاد عالمي ومحلي وما بينهما ومحاولة الاستقلالية الفرنسية عن أحادية القطب الأمريكي وسعي الكثيرين في العالم لإيجاد عالم متعدد الأقطاب سببه هذا الشَرَه الأمريكي الذي لا يتوقف في تحشيد استراتيجي ضد إيران والصين وروسيا في محاولة لعزل القارة البرية وعدم السماح لهم بالدخول الى البحار. الولايات المتحدة تريد من خلال أوكرانيا ان تغلق آخر منفذ لروسيا الى البحر الأسود ومن الأزمة السورية إبعاد الروس عن المياه الدافئة في الشرق في البحر المتوسط, وان يمنعوا روسيا وإيران من التمركز في قمة دول الطاقة العالمية الغاز والنفط ومن التواصل مع هذه المنطقة البحرية. هذا صراع عالمي وتاريخي قديم بين القوة البرية الأولى في العالم-روسيا والقوة البحرية الأولى في العالم أمريكا التي ورثتها عن البريطانيين والفرنسيين. في حين أن الروس والصين هما القوة البرية الأولى واليوم يوجد بينهم تلاحم مع الإيرانيين الذين أصبحوا قوة بحرية أيضا منافسة للأحادية القطبية الأمريكية في العالم. وبالتالي هذا الحراك الأمريكي داخل إيران هو جزء من عملية تحشيد أمريكية من خلال قواعد للأمريكان في قطر والبحرين ومحاولة عزل مصر وجعلها غير تابعة للقوة العالمية المناهضة للقوة البحرية العالمية بل قوة ملحقة بهذه القوة الأمريكية. كل هذا ضمن التحشيد الاستراتيجي ضد محور كبير عالمي يريد التخلص من الأحادية الأمريكية بالإضافة الى تشكيل قواعد عسكرية وتوسع هذه القواعد من السيلية في قطر الى كل مكان في المنطقة ومحاولة نشر اكبر عدد ممكن من هذه القواعد عبر باب المندب وسوقطرا وجيبوتي والصومال. فالأمارات لها سبع قواعد تابعة لأمريكا وإسرائيل وهي دولة 10% فقط من سكانها امارتيون والباقي أجانب وهي تعمل لصالح اسرائيل بأمر عمليات أمريكي وهكذا السعودية كان دخولها لليمن للسيطرة واحتلال اكبر عدد ممكن من عناصر النهضة العالمية وتسخيرها في اللحظة المناسبة في صالح السيطرة الأمريكية والإمبريالية العالمية. كل هذه الصراعات والتحركات تأتي في إطار التحشيد الأمريكي ضد هذا المحور الذي يضم روسيا والصين وايران ودول البريكس.

الصنارة: ألا ترى أنّ في ذلك ايضًا جزءًا من محاولة الانتقام من محور المقاومة؟
الحسيني: يأتي هذا ضمن التحشيد ضد الثلاثي الذي اشرنا له والبر يكس والقوة الأورو آسيوية التي بدأت تتبلور ضد القوة البحرية العالمية, هم يريدون الانتقام من محور المقاومة الذي بات يهددهم في عقر دارهم في فك الكماشة في الجنوب اللبناني والجنوب السوري وفي أي لحظة ممكن ان يتحول هذا الى دخول الى الجليل او الجولان رداً على أي خطأ قد يرتكبه الأمريكان استراتيجي كبير او إسرائيل قاعدتهم في اليابسة الفلسطينية تجاه محور المقاومة.
بسبب هذا الجشع الإمبريالي النيوليبرالي الذي لا ينتهي إلا بمحاصرته وإسقاطه ليعلن الانهيار والقبول والإذعان بأنه فشل في هذه المهمة التي بدأها منذ الربيع العربي المدمر ومحاولة نشره في هذه المنطقة. ومحور المقاومة نقل مركز الثقل من الغرب الى الشرق وهذا الخوف الكبير الذي تعيشه أمريكا من نقل مركز العالم من الغرب الى الشرق يعني من القوة البحرية الى القوة البرية التي دخلت الى نفوذ بحرها ولتنافسها عليه هذا هو التحدي الأكبر الذي تعيشه أمريكا ويعيشه شخص ترامپ الذي هو بطبعه مرابٍ بطريقة التعامل والمذهب وطريقة العمل وهذا سينكسر على صخور قاسبون وإيران ألتي حاولوا انتصرت ووأدت الفتنة في اول فرصة قريبة سيكون اعلان فشلهم الكامل عبر خطاب مهم جداً يلقيه السيد القائد الامام علي الخامنئي.