صفعة بوتين: الاذلال المهين لنتنياهو في موسكو

أضيف بتاريخ: 18 - 11 - 2017

معاريف:
يوسي ملمان

هذا الأسبوع، وجهت روسيا صفعة مدوية لإسرائيل، ينبغي أن يتردد صداها خصوصًا بالنسبة الى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صرح بأن “روسيا لم تتعهد بأنها ستحرص على انسحاب القوات الإيرانية من سوريا”، وأضاف “التواجد الإيراني شرعي”، قال ذلك بعد أن نشرت تقارير تتحدث عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافقا على أن كل القوات الأجنبية لن تبقى في سوريا. الآن جاء وزير الخارجية الروسي وأعلن أن القوات الإيرانية لن تغادر، على الأقل ليس بالمستقبل القريب.

بالإضافة الى ذلك، كانت هناك تقارير تتحدث عن التوصل لاتفاق بين ممثلي روسيا، الولايات المتحدة والأردن، وبناءً عليه سيتم نشر قوات تابعة لجيش الاسد على حدود سوريا مع الأردن وإسرائيل، وجميع القوات الإيرانية أو حلفائها سيتم إبعادهم عن الحدود. بعد التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام وتسريبات لجهات سياسية وجهاز الأمن ظهر انطباع انه تم التوصل لاتفاق مبدئي لإبعاد تلك القوات لمسافة بين 5 لـ 20 كيلومتر عن الحدود، الالتزام بالوقوف عند هذه المسافة ليست هي الإنجاز وما يُرضي إسرائيل، أبعد من ذلك. إسرائيل تطالب الولايات المتحدة وسوريا منذ أشهر بأنه في أي اتفاق حول مستقبل سوريا مع انتهاء الحرب الأهلية لن يكون للإيرانيين وحلفائهم أي موطئ قدم في المجال الذي يبعد 40 لـ 60 كيلومتر عن الحدود.

إسرائيل بذلت جهودًا سياسية كثيرة، في كل قناة ممكنة، من أجل التوصل لاتفاق يُبعد إيران وحلفائها للمسافة التي تريدها هي، لقد وظفت من أجل ذلك المنظومة الدبلوماسية والاستخباراتية: رئيس الحكومة، وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، رئيس “الموساد” يوسي كوهن، رئيس جهاز الاستخبارات المنتهية ولايته هرتسي هليفي، رئيس مركز الأمن القومي الجديد مائير بن شابات ورئيس الأركان غادي ايزنكوت.

نتنياهو تحمل مسؤولية القطاع الروسي بنفسه، فقد توجه إلى موسكو للقاء بوتين (الزيارة السادسة خلال عامين ونصف) وتحدث معه مرتين عبر الهاتف. بعد كل لقاء أو حوار أكد نتنياهو ومقربيه على أن هناك كيمياء بين الزعيمين تساهم في تعزيز المصالح القومية لإسرائيل، وأن بوتين يستمع ويفهم ضرورة الأمن لإسرائيل.

ليبرمان التقى عدة مرات بوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، يوسي كوهن توجه للولايات المتحدة للتحدث مع الجنرال هربرت ماكماستر، مستشار الأمن القومي، ورئيس الـ CIA مايك بومبيو، وأجرى أيضًا اتصالات سرية مع مسؤولين مختلفين في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. وهذا ما فعله أيضًا رئيس جهاز الاستخبارات ورئيس الأمن القومي؛ حتى رئيس الأركان توجه بشكل مستعجل نهاية الأسبوع الماضي للقاء في بروكسل مع جنرالات أمريكيين بهدف إقناعهم بتمثيل مواقف إسرائيل ومطالبها في المحادثات مع روسيا.

لكن كل ذلك دون جدوى؛ استثمار نتنياهو لبوتين فعليًا سمحت بتأسيس آليات تنسيق، منعت حتى الآن وقوع اشتباك عسكري جوي وبري بين القوات العسكرية الروسية في سوريا وبين سلاح الجو الإسرائيلي، لكن ليس أكثر من ذلك.

إسرائيل تواجه صعوبة في تحقيق أهدافها، والإهانة التي تلقتها من جانب روسيا كبيرة جدًا. اتضح أن كل اللطف الذي يظهره نتنياهو لبوتين – لن نقول التذلل – لم يُجدِ نفعًا حين نتحدث عن المصالح، فالروس، الذين أرسلوا لسوريا قوة جوية، بحاجة لإيران وحلفائها الشيعة من أجل ان يكونوا قوات على الأرض لمواصلة القتال المتوقع ضد التنظيمات المتمردة، ومن أجل توطيد نظام بشار الأسد.

بشكل لا يقل عن العمل في المجال الحدودي الذي ستوجد به القوات الإيرانية وبعثاتها، في الجيش قلقون أيضًا من الاستعداد الإيراني لبناء قاعدة دائمة، تشمل مطارًا، واستخدام ميناء البحر المتوسط. إيران تخطط لاستيعاب جنودها في تلك القواعد، نشر صواريخ واقامة منشآت استخباراتية بحيث تغطي أغلب مناطق إسرائيل وتجمع معلومات عنها.

أحد أسباب الفشل المدوي لسياسات إسرائيل هي أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، قبل حوالي سبع سنوات، لم تضع استراتيجية واضحة، لم تحدد أهدافها وكيف يمكن تحقيقها. النهج الإسرائيلي كان تكتيكيًا فقط: الحفاظ على الهدوء على الحدود، عدم التدخل فيما يحدث بسوريا، واستغلال الفوضى في الهجوم ضد نقل سلاح لحزب الله؛ لقد كان هذا خطأ نحن ندفع ثمنه وسندفع مستقبلًا أيضًا.

من أجل تلك الاهداف المحدودة عزلت إسرائيل نفسها عن أي تأثير على ما يحدث في سوريا. قبل حوالي أربعة أشهر سألت ليبرمان “لماذا لا يوجد لإسرائيل ممثل في المحادثات بين الولايات المتحدة الأردن وروسيا؟”، إجابته كانت “لدينا طرق لنقل رسائلنا ورغباتنا”. الآن يتضح أنه ليس لدينا شيء.

بوتين حقيقة لا يهمه نتيناهو؛ ولذلك فإن الصداقة بين نتيناهو وترامب لا تخدم في الشأن السوري. الولايات المتحدة – برئاسة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وتحت رئاسة ترامب أيضًا – تركت سوريا للتأثير الروسي الحصري، وسياساتها المترددة تشهد أن الشرق الأوسط ليس ضمن اهتماماتها الأساسية.

الآن لم يتبقّ لرئيس الحكومة سوى تكرار قوله “إسرائيل ستهتم بمصالحها بنفسها”، هذا صحيح، إسرائيل قادرة على القصف في سوريا، التسبب بأضرار لنظام الأسد تجعل أمر إعادة بناء بلاده أمرًا صعبًا؛ لكن في حال فعلت ذلك، فستجد نفسها في مواجهة سياسية مع روسيا، وعسكرية مع إيران.

ملاحظة: الآراء والألفاظ الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها