سياسة التمدد الإسرائيلية وبلقنة بلاد الشام. من خطة يعنون إلى استراتيجية يعلون

أضيف بتاريخ: 29 - 10 - 2017

في حين تحاول فيه كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وفرنسا وتركيا من جهة أخرى، إعادة تشكيل منطقة الشام وفق رغبتهم، يلاحظ ألفريدو جليف-رحم استمرارية بين تنفيذ خطة أديد يعنون في سنة 1982 وخطة مشي يعلون في سنة 2014. بحيث يواصل إسرائيل مشروعه لبلقنة المنطقة بينما يؤيد رؤى كلّ من يعلون و يعنون. ليس سرّا عن أحد، أنّ إسرائيل كان يعمل دائما من أجل تفكيك حدود البلدان المجاورة.

شبكة فولتير
“نظرا لتعقد التركيبة العرقية في سوريا، فإن البلاد تتعرض إلى خطر تفكيك وحدة أراضيها، والذي من شأنه أن يؤدي إلى قيام دولة شيعية على طول السواحل، ودولة سنيّة في منطقة حلب وأخرى في دمشق، وإلى كيان الدروز الذي قد يرغب في إقامة دولته (ربما في منطقتنا الجولان). على كل حال، مع الإيران والأردن…قد تكون دولة كمثل هذه ضمانا للأمن والسلام في المنطقة. يعتبر هذا الهدف في متناولنا بالفعل.”

أديد يعلون، “استراتيجية إسرائيل في الثمانينات”، كيفونيم شباط/فبراير 1982، ترجمة يوسف أشكر.

JPEG – 18.3 كيلوبايت
موشي يعلون، مدير المخابرات العسكرية(98-1992)، رئيس الأركان الإسرائيلي(02-2005)، نائب حزب الليكود(2009-2013)، وزير الدفاع لمكتب نتانياهو منذ سنة 2013.
لقد أكد وزير الدفاع موشي يعلون، خلال سفره لمدة خمسة أيام إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لمقدم برنامج حصة الصباح (NPR)، ستيف إنسكيب أن ” تغيير حدود منطقة الشرق الأوسط كان مبرمجا”.

يقوم السيد يعلون باتباع عملية البلقنة بدّقة، أي “خطة يعنون” التي ينسب لها إسم عميل سابق في وزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية حيث قال: ” لقد تغيرت فعلا الحدود ” منذ أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يعد قادرا على توحيد بلاده و أنّه لم يتحكم إلا على 25% من سوريا”، مما يخلق مشكلة لإسرائيل التي يتعين عليها حلّها”. يا للأسف !

حسب الرأي العتيق للسيد يعلون، هناك دول لديها تاريخ حقيقيّ، و هناك دول أخرى التي سطّرت حدودها بشكل عفويّ في سنة 1916 من طرف فرنسا و بريطانيا، في إطار اتفاقات سايكس-بيكو التي كانت تهدف إلى تقسيم بقايا الإمبراطورية العثمانية.

يقوم موشي يعلون بطرق حقائق واضحة إلى حدّ أنها أصبحت سخيفة جدّا مثل قوله ” مصر ستبقى مصر” أو “ليست ليبيا إلاّ مجرد إبداع حديث، إبداع نتيجة للحرب العالمية الأولى. نفس الأمر فيما يخص سوريا و العراق، فهما دولتين قوميتين مصطنعتين، و ما نشاهده حاليا هو إلاّ انهيار لمفهوم الغرب”.

و ماذا عن “دولة إسرائيل الجديدة”، أليست إبداع من رجال البنك العبوديّين أسرة روتشيلد و مكتب المحاميين لويد جورج الذي أصبح فيما بعد أول وزير لبريطانيا؟

لقد كان يتمنى الصهيونيّين الذين كانوا هائمين في العالم، بعد غرس جذورهم في روسيا و اضطهادهم في سنة 1883، و فيما بعد في سنة 1903، بإقامة بشكل اصطناعي مستوطنات في دول تنتمي إلى دائرة النفوذ الأنجلو سكسوني، مثل كندا وأستراليا وشرق افريقيا، و جزء الجنوب الغربي من ولاية تكساس وأنغولا وأوغندا .

ألم يتم بالفعل، ادماج الصهيّون أصحاب المال، هؤلاء الذين يعتبرون أخطر من الصيغة الموّحدية في القرن الحادي و عشرون، إلى كل الدول التي تنتمي إلى دائرة النفوذ الأنجلو سكسوني المذكورة أعلاه، نتيجة لتحرير مصرفية العولمة؟

لقد اتّهم السيد يعلون، خلال مقابلة صحفية مع شارلي روز، الرئيس التركي أردوغان بكونه” مؤيّد معروف” للإخوة المسلمين .

ذكرت صحيفة هارتس الإسرائيلية أن يعلون “لم يوضح إذما ستتغير حدود إسرائيل، التي تمّ تسطيرها هي كذلك من قبل القوى الغربية بعد الحرب العالمية الأولى ” .

لقد وجّه السيد يعلون إهانات عنصرية أخرى ضد الشعب الفلسطيني، إلى حدّ أنه تجرّأ على استحضار إمكانية “التحويل العرقي”. كان يهدف السيد يعلون من خلال سفره للولايات المتحدة الأمريكية، إلى تهدئة العلاقات مع حكومة الرئيس أوباما بعد التصريحات المشكوك فيها لنفتالي بينات، رئيس منظمة بيت اليهود للحزب الديني المتعصب من اليمين المتطرف، ضدّ جون كيري، وزير الدولة الأمريكي الذي أنسب صعود هيمنة الدولة الإسلامية إلى عدم البت في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. كان السيد كيري قد اتّهم إسرائيل سابقا بكونها على وشك “دولة منبوذة”.

حسب ما نقلته جريدة هارتس، قامت الحكومة الأمريكية” بإذلال السيد يعلون علنا”، و هذا من خلال رفضها بالتقائه ببعض من أهّم عملاء حكومة أوباما من بينهم: نائب الرئيس جو بايدن، جون كيري و المستشارة لذا الأمن الوطني سوزان رايس.

أكدت من جهتها، الجريدة التي لم تتزحزح كالعادة عن سياستها التحريرية (الإيكونومست)، و التي تنتمي للفاينانشيل تايمز، و الذي ينتمي هو أيضا لمجمع بيرسون، مجمع يسيطر على بنك بلاك روك، إحدى أكبر البنوك المستثمرة في العالم موّجهة من طرف لاري فلينك ذات الجنسية المزدوجة إسرائيلية ـ أمريكية ، أنّ معظم اللاجئين السوريين، الذين يبلغ عددهم ثلاث ملايين، يتوقعون” ضياع بلادهم” .

بحيث تسيطر حكومة بشار الأسد على 25٪ من الأراضي السورية ومعظم باقي الأراضي في يد الخلافة الجهادية للدولة الإسلامية (بما في ذلك العاصمة الرّقة التي هي اليوم تحت سيطرة قوات دولية من المرتزقة تُسترشد) . ومع ذلك، هناك جزء صغير في أراضي شمال شرق البلاد على الحدود مع تركيا، لا يزال في أيدي الأكراد السوريين الذين أصبحت المدينة الشهيدة كوباني رمزا لهم، حيث استخدمت الدولة الإسلامية الأسلحة الكيميائية ، و”الغريب” هو أن لم تكشف آلة الدعاية للولايات المتحدة وإسرائيل (والمساءة تسميتها الحصبرة ) عن هذا الحدث.

هناك مقاطعات أخرى، في حلب، في ضواحي دمشق ومرتفعات الجولان (حيث يلعب إسرائيل بطاقة جبهة النصرة)، والتي هي في أيدي تحالفات غريبة معمّدة من قبل “الغرب” من بينها: الجيش السوري الحرّ، جبهة النصرة، تنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية.

تتقدم خطة البلقنة، التي وضعها الإسرائيليين يعنون ويعلون، بسرعة كبيرة فضلا لهذا البلاء و هو خلافة الدولة الإسلامية، التي تمتد مخالبها إلى المغرب العربي (الجزء الغربي من العالم العربي و شمال افريقيا) فيما يخص البلقنة والتي هي مستوحاة من نموذج ليبيا.

ألا يشكل جهاديين الدولة الإسلامية أداة لتقسيم بدقة العالم العربي، وفقا لخطط وضعها العملاء الإسرائيليون يعنون و يعلون، خطط يمتد نطاقها حتى إلى اليمن؟

كما قد توحي التأكيدات الساذجة، التي لا تعتبر سمة الحيلة الأنجلو سكسونية ـ الإسرائيلية، يبدو أن الطائرات الأمريكية”كانت قد أخطأت” في إيصال الأسلحة إلى الأكراد السوريين المحاصرين في كوباني منذ وقوع الأسلحة في أيدي الجهاديين للدولة الإسلامية. يا ترى!

لا أحد، ولا حتى يعنون و يعلون، الجهاديين للدولة الإسلامية أو الخبراء الاستراتيجيين الأمريكيين (“فرقة بريجنسكي / رايس / بيترز / كلارك / رايت”) ، يدرك خيانة خطط البلقنة، أفضل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العنيد الذي يمارس سياسته الخاصة بشأن الأكراد، وهي مجموعة تدعمها إسرائيل ومنظمة حلف شمال الأطلسي، الذي تمثل 15-25٪ من سكان تركيا، بلد في حالة انهيار اليوم. وادّعا أردوغان أنّهم خلفاء “لورانس العربي ” إشارة إلى الجاسوس البريطاني السابق، متّهما إيّاهم بأنهم أبطال ذوي خبرة كبيرة في البلقنة.

إنّ إسرائيل في استعداد لشّن حربه لمرة أخرى ضد حزب الله في لبنان، حزب الله الذي هو أيضا في استعداد للحرب بحماس، في حين، تقوم آلة الدعاية لتل أبيب على مستوى استراتيجي أعلى، بتنفيذ استراتيجية البلقنة من قبل معهد أبحاث الشرق الأوسط للإعلام (الميمري). فضلا للتقدم السريع لجهاديين الدولة الإسلامية، قد يتمكن هذا المركز، الذي يوجد مقره في واشنطن، و الذي أسّسه يغال كارمون، جاسوس عسكري إسرائيلي، وميراف وورمسر، وهي امرأة من المعهد هدسون المتعلق بحزب الليكود المتعصّب الصّهيوني، بتطوير قضية “النظام الجديد في الشرق الأوسط” وفقا لأربعة مجالات التي ليست مفيدة إلا ل “الإسرائيل الكبير”. هذه المجالات الأربعة هي:
1) النزاع النووي مع إيران (التي ليس لها الحق في امتلاك الأسلحة النووية على عكس للإسرائيليين “المختارين”)؛
2) الصراع العربي الإسرائيلي (الموقوف)؛
3) العملية التركية-الكردية (انهيار تركيا وتوسيع ” كردستان العظيم “؟) و
4) الصراع بين الشيعة و السنة (إثارة حرب دينية لمرة أخرى ” لمدة 30 عاما”؟).

سوف أترك جانبا، لأسباب جمالية، الاتّهام الخطير للغاية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي صرح : “إنّ الولايات المتحدة تروج الإرهاب بتمويل الجهاديين للدولة الإسلامية” .

فهل بلقنة “الشرق الأوسط الكبير” و “النظام الجديد” الذي ينتج عنها، ليسا نتيجة لخطة يعنون و يعلون، خطة معزّزة من طرف “صيغة بريجنسكي / رايس / بيترز / كلارك / رايت” و بفضل تقدم الجهاديين العرائس أيضا؟

ألفردو خليفة رحمة