فكر تحريري: حول حمق فكرة التجسيد والتشبيه من أساسها. ضد الفقه الإرهابي.

أضيف بتاريخ: 28 - 09 - 2016

لقد وصلتنا الرسالة وأخرجنا من الجاهلية والوثنية ومن ما قبل الإسلام إلى ما بعده. والآن جاهلية متأخرة ومصطنعة تحسب أن الناس في عصر الأوثان وبلا إله ولا كتاب ولا رسل ولا تاريخ. وهي في الحقيقة تعرف ما تستخدم ومن أجل ماذا ولا علاقة لذلك بالدين على الإطلاق.

الله جل جلاله ليس الذات الإلهية. الذات الإلهية ليست الله في حد ذاته. الصورة ليست الله. والله ليس الصورة. الاغتيال إرهابي سياسي. مفهوم الألوهة أو الألوهية ليس الله. والله ليس مفهوم الألوهية. الإرهابي طاغية على الذات البشرية. طاغية على ذاته ومتطاول على ذاته البشرية. ومتطاول على الله وعلى الذات الإلهية التي جعل منها بدعة البدع. الإيمان الرباني شيء والوهم الإرهابي شيء آخر.
من يعتقد فعلا أنه يمكن تجسيد الله هو مجرد أحمق بل إن فكرة التجسيد نفسها أكثر من حمقاء ومن يصدق وهم التجسيد هذا ويجعل منه قضية هو أكثر من أحمق كالأغلبية الساحقة من الفقهاء. اما مجرد التفكير البشري في الله بالكتابة الفلسفية أو بالتفكير الديني أو بالرسم أو السينما فهو مجرد تفكير قد يعجبنا وقد لا يعجبنا روحيا وذوقيا. لهذا التفكير ارتباط بالدين ولكنه ليس الدين وليس قضية دينية محضة. الله أيضأ ليس قضية دين فحسب ولا قضية ذات ولا قضية دينية. الله هو كل شيء وفوق كل شيء وفي كل شيء وهذا كلام لا يعني أو لا يساوي الله وهو كلام لا معنى له إلا بوجود كلمة الله واسم الله الذي يملأ كلمة هو وكل وشيء، يملأ بوجوده الذي ليس في يدنا منه شيئا ولا المعنى ولا اللفظ. بل نحن به وليس هو بنا أو فينا. نحن في عالمه ولسنا مجسدين. قضية الماهية الإلهية أيضأ مجرد فكرة ادراكية. والماهية اختراع بشري. الله هو الله. وكلمة هو هنا لا تعطي أحدا منا شرعية معرفته إلا عباديا.
إننا نترجم الله ترجمة حرفية إلى أي شيء حرفي ندعيه. هنالك أفكار كبيرة حول الله وهنالك إيمان عميق بالله عند البشر ولكن، العلاقة الربانية مع الله هي الضمانة الوحيدة لعدم الإعتداء على خلقه وعدم التدخل في تمثيل وجوده أو نيابته. هذه العلاقة الربانية، هي إلى جانب الأنبياء والرسل، ثم العلماء الربانيين والمجتهدين، أقرب إلى الله منها إلى البشر. بمعنى أن الله أدرى بها ولا حق للبشر فيها إلا من جهة ترك الأمر لله . ومن يفكر لا حرج عليه في كل الحالات. ومن لا يفكر حرج على نفسه وعلى العالمين في كل الحالات.
على يقين أن التخلص من محنة الدواعش القتلة المرتزقة أعوان الإستعمار، وكل العقول الإجرامية التي تقف تحت جبة شيطانهم الموحش فتفتي وتتفقهج فتنة وتخابرا، سيكتب للأمة الإسلامية حياة جديدة واكبر قدر ممكن من وحدة غير مسبوقة وتستعيد دينها الحنيف ومناعتها الحضارية وسيادتها التاريخية وبريقها العالمي.
كل إغتيال في لحظة التقاء- عدوان بين الإخوان والأمريكان والكيان تغذية لهيجان غريزة اشتمام الدماء عند العصابات الإرهابية المسعورة.
دفع المزيد من الدواعش في الأردن وفي المنطقة وفي العالم على سوريا واليمن والعراق وليبيا ومصر وتونس والجزائر ولبنان وكل مكان هو الهدف الدائم لكل ارهابهم واغتيالاتهم واعداماتهم وعدوانهم بتكليف أميركي صهيوني خليجي تركي مقابل سلطة عميلة وتابعة ومستسلمة همجية ومصهينة للإسلام ومتاجرة بدمنا ورقابنا أوطاننا وشعوبنا لوصاية الإستعمار والاستكبار بالإرهاب والانتداب.
وعلى ذلك، علينا أيضأ في المقابل أن نقف ضد الكتابة غير المفيدة وضد سفك الحبر والزمن هدرا. فكما يوجد إعلام حربي، يوجد أيضا فكر حربي. الكلام الفارغ المستهلك الذي تجاوزته الصحف الصفراء نفسها من زمان لا يفيد في شيئ بل يدمر. المطلوب فكر تحريري، فكر إستراتيجي، إدراك نوعي، تفوق مفهومي واسلوبي، تكثيف ونفاثية عملية. المعطيات والأفكار المتوقفة المتجثثة، حتى اذا كانت كبيرة وتصلح للتدريس، عليك تركها جانبا في لحظات الفكر المقاتل بمنهج مقاوم وتدبير خاطف ومقتدر.

صلاح الداودي. منسق الهيئة العلمية لشبكة باب المغاربة للدراسات الإستراتيجية.