الايليزيه وقرن الماسونية المطل على شمال افريقيا

أضيف بتاريخ: 18 - 05 - 2017

الدكتور بلهول نسيم

مقدمة:
كل مساء من آخر أربعاء في الشهر، يلتقي على بعد رمية حجر من قصر “الإليزيه” في باريس الواقع في شارع “فوبروغ سان هونوريه” ما بين 200 و250 شخصًا من أهل المال والأعمال والسياسة وكبار الموظفين والصحافة في إطار العشاء الشهري في أحد أشهر المنتديات القائم قريبًا من دارات سفراء الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا واليابان. وليس بعيدًا من هناك في هذا الشارع الشهير استقرت أشهر الماركات الفرنسية للمجوهرات والثياب التي توفر متعة المتسوقين من الصين واليابان وروسيا وبلدان الخليج.. المكان تفوح منه رائحة السُّلطة والمال والنفوذ والنجومية والشهرة. والمناسبة، رغم دوريتها، تحاط بهالة من الأسرار، لا أحد يتحدث عما يجري داخل هذه العشاءات المنتظمة، لا لائحة متوافرة للضيوف، لا صورًا ولا ضجيجًا إعلاميًّا.
قبل أن ينتقل إلى شارع “فوبورغ سان هونوريه”، كان هذا الجمع المختار يرتاد لعشاءاته الشهرية طيلة سنوات “نادي السيارات” المطل على ساحة “الكونكورد” ومسلتها الفرعونية الشهيرة، قريبًا من فندق “كريون” بمواجه مبنى البرلمان على الضفة اليسرى لنهر السين. من هم هؤلاء؟، إنهم أعضاء “نادي القرن” {Le Club du Siècle} الذي ترنو إلى دخول هيكله عيون الطامحين بالوصول إلى منصب مرموق، أو الإنتماء إلى دائرة ذوي السلطة والجاه، أو إلى تلك المجموعة من الناس التي لها “كلمتها” في شؤون السياسة والإقتصاد والمال والفكر والصحافة والفن على أنواعه.
هم ليسوا جمعية سرية، ليس لديهم فكر معين أو فلسفة، لا هم من اليمين ولا هم من اليسار، لأنهم من اليمين واليسار والوسط، وكذلك ممن لا ينتمون إلى أحزاب. إنهم فوق الأحزاب. ربما من الحري القول إن الإنتماء الحزبي لديهم يقف عند الباب ولا يتخطاه، لا مدرسة سياسية تجمعهم، إنهم يشكلون “ناديًا” ولكنه من نوع خاص، أعضاؤه هم من تجد بعضهم في السلطة اليوم من أمثال الشاب “ماكرون”، وتجد بعضهم الآخر في السلطة غدًا، يتبادلون الأدوار ويتناوبون على المناصب، يعيشون مع بعضهم البعض، إنهم النخبة، إنهم السلطة غير الرسمية لكنها السلطة الحقيقية في فرنسا.
تأسس “نادي القرن” في العام 1944 قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، ورخص له رسميًّا في العام 1946. ورغم مرور 68 عامًا على انطلاقته، فما زالت ملامحه غامضة، يثير التساؤلات خصوصًا لدى الذين لا يجدون بابًا للدخول إليه أو لمعرفة سره. هو أنه ليس ناديًا سياسيًّا بالمعنى المتعارف عليه للكلمة، وليس ناديًا اجتماعيًّا. فقط لأن في لدنه تمتزج العلاقات الإجتماعية بالمواضيع الفكرية والسياسية، ليس رابطة لمتخرجين من مدرسة كبرى أو من منطقة معينة، لأنه يجمع كافة المناطق وكل الإختصاصات. لعل أفضل تعريف ينطبق عليه هو “نادي أصحاب النفوذ” الذي يضم وفق الأرقام المتعارف عليها حوالي 900 شخص منهم 750 عضوًا، والآخرون يدخلون في فئة “المدعوين” أي المؤهلين للتحول إلى أعضاء بعد فترة اختبار. ويشرف على النادي مجلس إدارة مؤلف من 16 عضوًا، وترأسه حاليًّا النقابية السابقة “نيكول نوتا”.
1- مجتمع مغلق يقود فرنسا من وراء ستار آل روتشيلد:
النادي “مغلق” بمعنى أنه لا يقبل أي عضو جديد إلا عن طريق “التوصية” من عضوين أحدهما يجب أن يكون من بين أعضاء مجلس الإدارة الذي يصوت على عملية القبول وفق آلية خاصة به. ولم تعرف تفاصيلها حتى كشف عنها كتاب لاقى رواجًا منقطع النظير ألفه الصحافي الفرنسي “إيمانويل راتيه”. وبحسب ما جاء فيه، فإن الإنتخاب أشبه بالطقوس السرية، إذ يعطى كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة بطاقتان للتصويت واحدة بيضاء وتعني القبول، وأخرى حمراء وتعني الرفض. ويتعين على المرشح أن يحصل على ثلثي الكرات البيضاء. وكل كرة حمراء تساوي كرتين بيضاوين، ويرفض قبول المرشح إذا صوت ضده ثلاثة أعضاء من المجلس.
المفارقة أن “نادي القرن” الذي يضم مجموعة من المشاهير تجذب بحضورها الأضواء حريص على البقاء بعيدًا عنها، فموقعه الإلكتروني {www.lesiecle.fr} شبه فارغ، إذ لا يضم سوى صورة رئيسته، وثبت بمجلس إدارته وبالرؤساء السابقين الذين تداولوا الرئاسة منذ تأسيسه، وفقرة عن الهدف من إنشائه تعود لسبعين سنة خلت. وبحسب “إيمانويل راتيه”، فإن مؤسسه “جورج بيرار- كيلين” كان ينتمي إلى جمعية ماسونية، وأن ما بين 15 إلى 30 بالمائة من أعضائه هم من الماسونيين. وينفي “راتيه” أن يكون الإنتماء إلى الديانة اليهودية أحد شروط قبول الإنتساب إلى النادي. بيد أن كثيرين يجدون أوجه شبه بين طرق الماسونية ونادي القرن خصوصًا لجهة تواجد أهل السلطة والنفوذ، وتبادل الخدمات بغض النظر عن الإنتماء السياسي أو العقائدي. ومن الإنتقادات الموجهة للنادي الشهير ما أوحى به فيلم “كلاب الحرس الجديدة” من وجود “تواطؤ” بين النخب الإقتصادية والسياسية والإعلامية، وتبادل المصالح والمنافع.
من مفارقات النادي أن رئيسته امرأة (لأول مرة في تاريخه تحتل امرأة هذا المنصب)، بينما النساء داخله يشكلن أقلية ضيقة للغاية. وخلال عقود، كانت المرأة مستبعدة من صفوف النادي الذي يضم في الوقت الحاضر وجوهًا سياسية واجتماعية ومالية وإعلامية معروفة. من الواضح أن المعالم السياسية والأيديولوجية تمحى داخل النادي، وتحل محلها أولوية الإنتساب إليه والروح “العائلية” التي تلف أعضاءه. يقول أحد قدامى الأعضاء وهو صحافي معروف أن نادي القرن هو “رابطة” غرض أصحابها، كل في مجاله، زيادة نفوذهم وتوسيع دائرة معارفهم، والبقاء قريبًا من دوائر القرار. ويضيف هذا الصحافي: “إن بعض التعيينات في المراكز العليا للإدارات لا يمكن أن تفهم إن لم نأخذ بالإعتبار وجود “نادي القرن” وما يتيحه لأعضائه من مداخل ووساطات ومنافع”. وتدل لائحة المنتسبين كما نشرها “إيمانويل راتيه” في كتابه المذكور على وجود سياسيين من الطراز الأول بين صفوفه منهم وزراء اشتراكيون سابقون وحاليون من أمثال “روبير بادينتير”{عدل}، ومارتين أوبري {شؤون اجتماعية}، وجان بيار شوفينمان “دفاع”، وأليزابيت غيغو {عدل}، وإيونيل جوسبان {رئيس حكومة}، وبرنار كوشنير “صحة وخارجية”، ومانويل فالس رئيس الحكومة السابق، وأوريلي فيلبيتي “ثقافة”، لا بل إن من بين الأسماء الواردة في الكتاب الصادر عام 2011 إسم “فرنسوا هولند”، رئيس الجمهورية السابق، وجان بيار جوييه {سكرتير عام الإليزيه}، وجاك لانغ {رئيس معهد العالم العربي}، وهوبير فيدرين “الخارجية”.
أما في معسكر اليمين فإن الأسماء اللامعة لا تقل شأنًا، وتضم الرئيس السابق “نيكولا ساركوزي”، ورؤساء حكومات أمثال “ألان جوبيه، وفرنسوا فيون” ووزراء سابقين مثل رشيدة داتي {عدل}، وفرنسوا بيرو {مرشح رئاسي سابق ووزير التعليم الأسبق}، وجانيت بوغراب {وزيرة دولة}، وفاضلة عمارة “وزيرة دولة”، وإريك بيسون {صناعة}، ولوك شاتيل “تعليم”، وجان فرنسوا كوبيه {رئيس حزب الإتحاد من أجل حركة شعبية اليميني المعارض}، وكزافيه داركوس “تعليم”، وناتالي كوسيوسكو موريزيه {مرشحة اليمين لرئاسة بلدية باريس}، والعشرات غيرهم من اليمين واليسار
2- الإنتقائية وهندسة السياسة الفرنسية المرحلية:
ما يقال عن عالم السياسة يقال مثله عن عالم الإقتصاد والمال والثقافة والإعلام والسينما والوظائف العليا، والقطاعين العام والخاص، إلى درجة أن كثيرين لا يترددون في النظر إلى “نادي القرن” على أنه “دولة داخل الدولة.. الحكومات والعهود تمر وهو باق”. وقد بلغت النقمة حدًّا دفعت بالمئات إلى التظاهر دوريًّا أمام مكان التقاء النادي في عشائه الشهري للتعبير عن غضبهم الذي كانت الشرطة تقابله بتوقيف العشرات واستخدام القوة لتفريقهم، لكن هذه الحركة الإحتجاجية بقيت قاصرة ولم تؤثر إطلاقًا لا في شهرته ولا في الرغبة الجامحة في الإنتساب إليه.
واضح أن “الإنتقائية” هي السمة الغالبة على هذا النادي من نوع خاص، وواضح أيضًا أن أعضاءه يريدون أن يعيشوا في ما بينهم، وبعيدًا عن كل ما من شأنه أن يعكر أجواءهم ومزاجاتهم فضلاً عن أنهم حريصون على المحافظة على صورته كما هي. من هم في الداخل لا يحبذون وجود أعضاء فيه من أصول مهاجرة، ولا يريدون سودًا أو سمرًا أو صفرًا أو عربًا حتى وإن كانوا من الأثرياء أو النابغين. هم من البيض ولا يريدون إلا بيضًا. أما وإن وجد من لا تنطبق عليه هذه الصفات فهو من قبيل الإستثناء، والإستثناء كما هو معروف لا يشكِّل القاعدة.
ينتسب أبناء نادي القرن إلى العائلة اليهودية القديمة ملاخ التي هربت قي القرن الخامس عشر من محاكم التفتيش الإسبانية إلى فرنسا ومن ثم إلى سالونيك. وفي اليونان قاد أبناء هذه العائلة الحركة الصهيونية بإخلاص وفي الوقت الحالي أصبح آل ملاخ قادة عالميين للحركة الصهيونية. فلقد أكدت سابقا جريدة لوفيغارو في مقالة22 أكتوبر عام2007 أن ساركوزي عمل سابقاً ومازال يعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية حيث تم تجنيده عام1983 وأصبح جاسوساً من المستوى الرفيع لصالح المخابرات الإسرائيلية. كما كان لساركوزي علاقات وطيدة أيضاً بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية واعتبر مرشحهم. وقد أظهر الصحفي تيري ميسان أن “مشروع ساركوزي” كرئيس كان مصمماً بأدق تفاصيله من قبل المخابرات الأمريكية التي أطلقت كل مخزونها الغني لإنجاحه.
فلقد عين ساركوزي صديقه جاك أتالي مستشاراً له وأتالي أحد أيديولوجي العولمة وعضو المنظمات الماسونية الرئيسية الثلاثة : – نادي بيلديربيرغ – اللجنة الثلاثية – مجلس العلاقات الدولية. وهو من تلاميذ “بريجنسكي”. أما أعمدة حكمه السياسية:
– كلود غيان : السكرتير الأول لقصر الإليزيه.
– فرانسوا بيرول : نائب السكرتير الأول لقصر الإليزيه.
– جان دافيد ليفيت : مستشار الشؤون السياسية.
– آلان بوير : مسؤول الإستخبارات السرية.
قاد كلود غيان الحملة الإنتخابية لساركوزي وكان الذراع الأيمن لشارل باسكوا صديق ساركوزي .شغل شارل باسكوا هذا منصب وزير الداخلية عام 1990 دون مراعاة ماضيه المريب بعلاقاته الوثيقة مع إسرائيل وأصبح ضابط شرف للموساد. ولعل عمالته مع ساركوزي لهذه الوكالة الإسرائيلية جعلت من صداقتهما أكثر متانة. وعندما نشأ صراع في حزب الديغوليين بين أصوليي الحزب والجناح اليميني الذي يضم رجال المال والبنوك المرتبطين بآل روتشيلد قدم باسكوا وساركوزي الشاب حينها دعمهما لجناح آل روتشيلد وخانا جاك شيراك.
الشخصية الثانية في أعمدة ساركوزي مدير بنك روتشيلد فرانسوا بيرول. وتربط ساركوزي بآل روتشيلد علاقات وثيقة جداً فإدوارد روتشيلد صديق قديم لساركوزي وهو مالك مشارك لبنك Rotshild & Cie
Banque وقد اتحدت بنوك آل روتشيلد في لندن وباريس مشكلة شركة Concordia BVوهي تسيطر على النشاط المصرفي في فرنسا وكامل أوروبا.
الشخصية الثالثة جان داؤود ليفيت مستشار الشؤون السياسية، إبن المدير السابق للوكالة اليهودية. كان سفيراً بفرنسا في الأمم المتحدة قبل أن يعزله جاك شيراك بحجة أنه قريب أكثر من اللازم لبوش.
الشخصية الرابعة آلان بوير ويلقب بالكاردينال الرمادي. الشخصية الأكثر غموضاً والأكثر إثارة. وقد كلف بمنصب مدير الإستخبارات الفرنسية. وبوير هذا حفيد الرابي الأول ليون، وكان يحتل مرتبة المعلم الأعظم في المحفل الماسوني الفرنسي “الشرق الأعظم الفرنسي” وكان الشخصية الثانية في وكالة الأمن القومي الأمريكية في أوروبا. وهي الوكالة الأكثر سرية في وكالات الإستخبارات الأمريكية وتختص بالإستطلاع الإلكتروني ومحاربة التجسس.
حتى تكتمل لوحة الحاشية الخاصة بساركوزي لابد من ذكر الوزيرين :
الأول وزير خارجيته برنارد كوشنير. وكوشنير هذا من يهود البلطيق بدأت شهرته من إنشاء منظمة “أطباء بلا حدود”. وهو أحد واضعي مقولة “التدخل الإنساني” المستخدمة كغطاء للحروب العدوانية لأمريكا والناتو. وكان من مؤيدي التدخل المسلح في البوسنه وكوسوفو والعراق. وقد شارك في العمليات ضد الإتحاد السوفييتي في أفغانستان في صف واحد مع أسامة بن لادن والإخوة كرزاي بتكليف من “بريجنسكي”. كما شغل منصب الممثل الأعلى للأمم المتحدة في كوسوفو من 1999 حتى 2001 وقد يتراءى أن لا رابط بين أفغانستان وكوسوفو البعيدتين جغرافيا. إن حميد كرزاي الأخ الأصغر للرئيس الأفغاني واحد من أكبر تجار المخدرات في أفغانستان التي أصبحت بعد الإجتياح الأمريكي لها من أعظم منتجي الهيرويين في العالم ويتم نقل الهيرويين المنتج في أفغانستان على الطائرات العسكرية الأمريكية إلى كوسوفو ومنها إلى الدول الأوروبية عن طريق المافيا الألبانية التي يتزعمها عطا تاتشي .الشيء الهام أن كوشنير يرتبط بصداقة متينة قديمة بكل من زعيمي مافيا المخدرات كرزاي وتاتشي !.
الوزير الثاني كريستين لاغارد، التي شغلت منصب وزير الإقتصاد والمالية. اكتسبت لاغارد سمعتها أثناء عملها في أمريكا حيث أدارت شركة المحاماة بيكير وماكينزي ذات الشهرة الواسعة. ومعروف عن هذه الشركة بأنها الممول الرئيسي لفرع مجلس العلاقات الدولية في شيكاغو. كما تعاونت لاغارد مع “بريجنسكي” في مركز ديك تشيني للدراسات الإستراتيجية الدولية وأدارت معه عملية الخصخصة في بولونيا. ونتيجة لغضب الماسونية العالمية فقد كرسي الرئاسة في فرنسا عندما أخطأ في خطاب له في الفاتيكان لتعريف العلمانية.
3- ماكرون.. الرأسمال الماسوني المسيطر على فرنسا:
في إطار حرب إقتصادية عالمية تخوضها قوى الماسونية للسيطرة على العروش والمناصب الكبرى، عن طريق عناصر النفوذ المالي في بلاد العالم، كسب مؤخرا النظام العالمي الجديد (New World Order) ورموزه الماسون اليهود “آل روتشيلد” وأعوانهم ، فرنسا كبيدق هام في منظومة الحكم العالمي المنتظرة . وفيم أصبح “ديفيد روتشيلد ” رئيس مجموعة روتشيلد المالية الماسونية ، حاكما من وراء الستار لفرنسا. فقد أصبح أحد موظفيه المدعو “إيمانويل ماكرون” رئيسا لفرنسا !!.
جاء هذا في مفاجأة مدوية بطلها مصرفي شاب لم يكن معروفا على نطاق واسع قبل أقل من ثلاث سنوات، لكنه نموذج لصناعة النجم السياسي من لا شيء، مع اختيار شخصية ذات ماضي مشبوه على المستوى الشخصي والعائلي والإقتصادي.. لتتصدر الساحة السياسية في وقت ضئيل جدا.
ماكرون هو أحد النجوم السوداء الصاعدة في مجموعة روتشيلد الماسونية في فرنسا، وقد أبرم صفقات وصلت قيمتها عشرة مليارات دولار لصالحها .
بالطبع تم الدفع به في دهاليز السياسة من بوابة رأس المال الماسوني المسيطر على فرنسا حيث انضم لطاقم موظفي قصر الإليزيه عام 2012، ثم فجأة أصبح وزير الإقتصاد في حكومة الرئيس فرانسوا أولاند السابقة.. رغم أنها كانت حكومة اشتراكية!.. انتقد ماكرون – رمز الرأسمالية الماسونية – المبادئ الإجتماعية الراسخة في فرنسا على طريق سحق الطبقات الوسطى والدنيا، وطالب بإنهاء التأمينات علي الموظفين والتوظيف مدى الحياة في الحكومة.
أما علي صعيد السياسة الدولية: يمثل ماكرون – باعتباره عضوا في عصابة روتشيلد الماسونية – عنصرا فاعلا بشكل سلبي خاصة في أوروبا والشرق الأوسط . فلقد تعهد ماكرون بتوقيع اتفاقات مالية تخدم مصالح أصدقاء الماسونية العالمية في قطر والسعودية . حيث قال نصا خلال حملته الرئاسية: “ستكون لدي مطالب كثيرة نحو قطر والسعودية، في مجالات السياسة الدولية والتمويل”. وهو – مثل أنظمة قطر وتركيا وغيرها من عملاء الدجال الماسوني الأكبر روتشيلد، يتدخل في الشأن السوري متكلما بلسان الشعب السوري دون تفويض قائلا: “للشعب السوري عدو واحد، هو الأسد” في نوايا واضحة للعداء ضد العرب وحقوقهم وحرياتهم في اختيار حكامهم دون تدخل خارجي.
4- السياسة الفرنسية الجديدة تجاه شمال أفريقيا:
تعرف الساحة الإعلامية والسياسية والثقافية العربية والإسلامية مواجهات حادة بين فصائل الصحوة الإسلامية وتياراتها من جهة وفصائل العلمانيين والحداثيين الرافضين لكل مظهر من مظاهر التدين التي تنخرط في الشأن العام، وعلى طول العالم العربي والإسلامي، بل حتى في ديار الغرب نفسه تتجمع فئات قليلة العدد كبيرة العدة من الرافضين المنكرين للبعد الإسلامي في المجتمعات الإسلامية أو للحضور الإسلامي في الغرب، وتتركز المواجهات حول قضايا مركزية مثل الإسلام والشأن العام، والمرأة والتربية والتعليم والتطبيع مع الصهاينة، وحول هذه القضايا وقع تحالف غريب بين اليساريين والماسونيين للوقوف صفاً واحداً ضد عودة المسلمين إلى الإلتزام الديني في شؤون حياتهم الخاصة والعامة.
فلقد صدرت عدة كتب ومؤلفات وتحقيقات ومقالات عن الماسونية في كل بقاع الدنيا، غير أن أبلغها شهادات أعضاء سابقين في المحافل الماسونية، ومنها كتاب “إخواني الأحبة: تاريخ وانحراف الماسونية” للكاتب الفرنسي بيير ماريون (دار فلاماريون – منشورات” قرأت” وثائق. رقم6424 – الطبعة الأولى 2001). وبيير ماريون ولد عام 1921م، وأصبح رئيس مصلحة التجسس الفرنسي عام 1981م، وخبير في العلاقات الدولية والإستعلامات. قضى 48 عاماً بين المحافل الماسونية. الفصل العاشر من كتابه المذكور بعنوان “إنحراف وهرطقة” (من ص207-222) يستعرض فيه أشكال الإنحرافات والبدع المخالفة للمألوف في سجل الماسونية عبر التاريخ الماضي. الواقع الحالي الذي كان الرجل شاهداً عليه في كل من فرنسا وإيطاليا، مثل: الإختلاسات المالية غير القانونية فيما يعرف ب”قضية شيلير ماريشال”، وتحويلات مالية في عدة محاكم تجارية بمدينة غرونوبل ومدن أخرى. إختلاسات وتحويلات تورط فيها أعضاء بارزون من المحافل الفرنسية كـ”الأخ” م. جيوردانيغو المدعو “مارسيل السلاطة” ذو الموقع الهام في المحفل الأعلى. وقد أدت الفضائح المالية بعدد من المسؤولين والأعضاء البارزين في الماسونية الفرنسية إلى تقديم استقالاتهم من عضوية المنظمة الماسونية. ففي عام 1995م استقال أعضاء من المديرية العامة والمعلم الأكبر إيتيين دايي الرجل الثاني في محفل فرنسا للمشرق، والأمير ألكسندر اليوغوسلافي.
ومن القضايا التي تورط فيها الماسونيون الفرنسيون قضية الشركة النفطية الفرنسية “أ. إيل. إيف”، حيث تبين أن أعضاء من المحافل الماسونية تدخلوا لتوزيع مبالغ مالية فلكية لبعض الأسماء . ومن الكتب الهامة التي تكشف الجوانب الخفية للماسونية الفرنسية، التحقيق الذي أنجزه في عامين الصحافيان غزلان أوتينهايمر (وقد عمل في أسبوعية ليكسبريس ومؤسسة أخرى (ورونو لوكادر) ويعمل في يومية ليبيراسيون)، ونشراه بعنوان (الإخوة الأخفياء)، وهو كتاب يكشف بجمعه لعدد من الحجج والوثائق عن “الإمبراطورية الخفية للبنائين الأحرار التي توشك أن تصبح تهديدا للديمقراطية”. الفصل السابع من الكتاب يحمل عنواناً دالاً: “في ظل الدولة”، حيث يكشف الصحافيان المحققان أن الماسونية الفرنسية استطاعت أن تغرس أعضاءها في أهم المواقع الحساسة للدولة، وضرب الصحافيان لذلك مثلاً بالسيد مورس أولريش أقرب المستشارين للرئيس الفرنسي جاك شيراك في قصر الإيليزيه، والذي كان على رأس قناة “أنتين 1” من 1978 إلى 1981، وأكد الصحافيان أن هذا الرجل يعرف كل الأسرار الدقيقة للماسونية الفرنسية وإن تظاهر بمعرفته السطحية عندما سئل عن ذلك. ثم ساق الصحافيان عددا من الأسماء والمعطيات التي تؤكد وجود عدد من أعضاء التنظيم الماسوني إلى جوار كل من (الرئيس الأسبق) فرانسوا ميتران قد كان يسارياً، و(الرئيس السابق) جاك شيراك وهو يميني. ولا يتوقف الأمر عند هذين الرئيسين، بل يتعداه إلى أغلب رؤساء فرنسا في الجمهورية الخامسة باستثناء الزعيم التاريخي ديغول. ويمتد التأثير بعد ذلك نحو القارة الأفريقية خاصة المستعمرات الفرنسية السابقة الواقعة تحت النفوذ الفرنكوفوني، من المغرب إلى إيران: كشف “أنطوان سفير” كاتب ورئيس تحرير مجلة “دفاتر الشرق” ـ عن بعض الحقائق حول النشاط الماسوني بالعالم الإسلامي ابتداء من المغرب إلى إيران وتركيا واليمن. جاء ذلك في مقالة أجرتها معه الأسبوعية الفرنسية “ليكسبريس” يوم 29 ماي 2003م، ومجلة “دفاتر الشرق” فصلية تأسست عام 1985م على يد أنطوان سفير، وخصصت أحد أعدادها لتحقيق عن الماسونية في بلاد الإسلام، وتهتم بدراسة ومتابعة التطورات والتحولات بالعالم الإسلامي، وهي شديدة التعلق والولاء بالفرنكوفونية وتعدها من “آخر المجالات المفضلة للحرية”. ولم يتردد أنطوان سفير في الكشف عن التحالف والتعاون القائمين بين الماسونية وتيارات اليسار بالعالم الإسلامي، معتبراً أن أهم خصوصية للماسونيين بدرجة أساسية هي انتماؤهم لليسار، لأن اليسار في العالم الإسلامي ـ حسب أنطوان سفير ـ هو وحده الذي يسعى إلى تحريك الأشياء والأوضاع، في حين أن اليمين يملك السلطة ويقدم تنازلات كثيرة للإسلاميين.
وأكد “سفير” أن الماسونيين لا يقبلون مثل تلك التنازلات التي قدمها السادات وغيره للإسلاميين بخصوص المرأة واعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً للتشريع، ولذلك تعد الحركات الإسلامية التجديدية والأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية العدو الأول عند الماسونيين قبل الأنظمة السياسية اليمينية. ومن الحقائق التي قدر أنطوان سفير والماسونيون أن الوقت قد حان للكشف عنها، المعركة السياسية والفكرية والإعلامية مع الحركات الإسلامية، خاصة علمنة الإسلام وفصله عن الشأن العام والشأن السياسي، وسحب البساط من تحت التيارات الإسلامية الإحيائية بصناعة وتلميع مفكرين ومثقفين وإعلاميين تقف الماسونية وراءهم، وتقدم لهم الدعم والسند على طول العالم الإسلامي وعرضه، بل وفي العالم الغربي أيضاً. ومما أعلنه “سفير” في هذا السياق قوله: “إن في سوريا مثلاً يوجد حالياً حركة حقيقية للإصلاح تقول بكل وضوح: إن الإسلام يجب أن يتوقف في سنة 622م (أي في عصر النبوة فحسب)، ويجب أن ينحصر في علاقة الإنسان بخالقه، وإن هذه الحركة بدأت تعرف النجاح، لأن كتاب (قراءة جديدة للقرآن) لمحمد شمرور بيعت منه300000 نسخة، ثم قال: إن رجلين مثل محمد شحرور وزياد حافظ متأثران بالأفكار الماسونية. وفي سياق التعريف بالماسونيين الذين امتلكوا الجرأة والشجاعة على انتقاد الإسلام ورفضه وإنكاره، أو قبول بعض منه ولفظ الآخر، ذكر أنطوان سفير أن الماسونيين اللبنانيين هم أول من أدان “مرض الإسلام” (إسم لكتاب التونسي عبد الوهاب مديب)، وذلك ما لم يحدث حتى في أوروبا غداة أحداث 11 سبتمبر حسب أنطوان سفير.
أهم القضايا ذات الأولوية عند الماسونيين في العالم الإسلامي هي العلمانية والتعليم وإصلاح الدولة والمرأة والدفاع عن الإجهاض وحق منع الحمل والتخطيط العائلي، والتطبيع مع “إسرائيل”. ومن الإنجازات التي حققها الماسونيون في هذه الأجندة إدخال التخطيط العائلي عن طريق منظمة الأمم المتحدة، وتنظيم لقاءات حوارية بين “الإسرائيليين” والعرب في بعض العواصم الغربية مثل باريس ولندن عن طريق نسيج جمعوي. ومن الجمعيات المغربية التي قامت بهذا الأمر جمعية “هوية وحوار” بالمغرب وفق ما ذكره أنطوان سفير.
ذكر أنطوان سفير أن الماسونيين يتجذرون في الوظائف الليبرالية مثل الطب والمحاماة والقضاء والتعليم، وخاصة الخاص منه، والوظائف السامية. ومن الأسماء التي كشف عنها أنطوان سفير موسى برانس (المحامي اللبناني الشهير) أستاذ ومعلم كميل شمعون (رئيس الجمهورية اللبنانية بين عامي 1952- 1958م)، وأسرة آل الصلح، خاصة سمير الصلح أحد آباء الإستقلال والوزير الأول لكميل شمعون، وأمين الجميل ومصطفى طلاس. وعلى خارطة العالم الإسلامي تنتشر الماسونية بدرجات متفاوتة في الهيئات والمنظمات والأحزاب الحاكمة أو المعارضة.
كما وينشط الماسونيون المغاربة في سرية كبيرة، ولا يظهرون من أمرهم إلا ما تسمح به الأوقات والأحداث، وحسب الموقع الإلكتروني الخاص بهم، فإنهم يعلنون عن تشبثهم بالملكية المغربية والولاء لها، كما يلتزمون بتجنب كل ما من شأنه الإخلال بالأمن العام واستقرار المغرب. ولا يمكن الحصول إلا على معلومات شحيحة عن أنشطتهم وتحركاتهم. ومن الأشياء التي يكشفون عنها بعض الأنشطة السفرية إلى البلدان الغربية مثل توجه “المعلم الأكبر إلى الولايات المتحدة خلال شهر يونيو 2004 م لربط “صلات الصداقة والتعارف الأخوي”.
وأثناء الزلزال الذي ضرب إقليم الحسيمة قاموا بجمع تبرعات عبر مختلف فروع التنظيم بالعالم وصلت إلى 300000 أورو، إلى جانب مساعدات عينية بعين المكان. وبعد مرور حوالي أربع سنوات على التأسيس الذي تم في شهر جوان 2000م، يستعد الفرع الماسوني المغربي لعقد الجمع العام السنوي في شهر أكتوبر 2017م، وبهذه المناسبة يخبرنا الموقع أن الماسونيين المغاربة في طريقهم لإنشاء معبد في باريس وآخر في المغرب، كما يخبر بأن التنظيم سينشئ وحدة صحية متنقلة بين ربوع المغرب تتكون من طبيب ومساعدين. بالإضافة إلى اللقاءات الراتبة، يعقد الماسونيون المغاربة جمعاً سنوياً عاماً، ويتلقون نشرة داخلية حول الأنشطة التي يقومون بها تسمى “الربط البنائي” التي صدر منها خمسة أعداد الثاني فيها مكر. في نشرة جانفي 2004م تقرير عن أول جمع عام ضم كل الأعضاء وتم في فندق” روايال منصور”، حيث قدم التقرير الأدبي من لدن (نائب المعلم الأكبر) رشيد مكوار والتقرير المالي من لدن شكيب حفياني، ثم ألقى (المعلم الأكبر) بوشعيب الكوهي كلمة في الحاضرين دعاهم فيها إلى التعبئة والعمل بحذر وتؤدة، وقال فيها: “في ولايتي الثانية هذه (يقصد سنة 2003م) سأتخذ لها هدف الإستمرارية في الجودة… يجب أن نوسع ونقوي عددنا باستقبال إخوان جدد، ويجب علينا إيقاظ الفروع في الأماكن التي تبرر ذلك مثل التجذر الجغرافي والشروط الديمغرافية. أفكر على سبيل المثال في مراكش والرباط وفاس والجديدة، وهذا التطور المتحكم فيه لا بد أن يكون في نمو متزايد.
الوجود الماسوني بالمغرب والعالم العربي والإسلامي ارتبط بالاستعمار وجاء محمولاً على ظهر شركاته ومقاولاته، وبالرجوع إلى أنطون سفير يخبرنا أن المستعمرين الفرنسيين عملوا على إنشاء تنظيم ماسوني بالمغرب، وما أن حل الفرنسيون به حتى تناسلت المحافل الماسونية بدءاً بتونس والجزائر ثم المغرب، واضطروا أخيراً تحت ضغط التحولات والسعي نحو الإستقلال إلى إغلاق المحفل المغربي ليعودوا من جديد في حلة جديدة سنة 2000م، لكن المحفل المغربي بقي مرتبطاً بالمركز الفرنسي وتابعاً له.