.الحرب الإرهابية حرب سيادات وحرب إستراتيجيات. لنتوقف عن العماء الإستراتيجي والغباء الجيوسياسي

أضيف بتاريخ: 11 - 08 - 2016

هنالك أيضا شيء اسمه التزوير التاريخي والجغرافي وهنالك أيضا وأيضا شيء اسمه التجهيل الجيوسياسي والجيوستراتيجي. وعلينا جميعا أن نكلم الناس كشراح خرائط وكبناة خرائط مضادة وهذا ليس دور الأكاديمي والإعلامي والباحث بدرجة أولى وإنما دور القائد السياسي والميداني وعليهما أن يكلما الناس والخرائط بين اليدين.

الا يعلم الناس أجمعين في منطقتنا أن الإستعمار الغربي الذي يخوض علينا حربا بالوكالة، حربا من جيل جديد متناسبة مع الجيل الجديد من الصناعات الحربية والأجهزة التكنولوجية ومتناسقة مع الطاقات الجديدة والثروات الجديدة والخرائط الجديدة، حربا إرهابية كبرى يمثلها العدوان الصهيو-وهابي؟

الا يعلم المقهورون والمنهوبون المستعمرون المعولمون قسرا بالتقتيل والتنكيل والتذليل والتذييل أن قوى الاستكبار والاستعلاء نجحت لا فقط بالعدوان والاعتداء وإنما بنتيجة ذلك والاستعداد لذلك، وهو شغل المرتزقة والعملاء ونحب الإستعمار، وإنما نجحت أيضا بالاحتقار الذاتي والاستصغار الذاتي الذي سهل الاقتتال والانتقام وفتح مطامع الانقسام والاستقزام التي شجعت الإستعمار على الاستماتة في تجديد مخططاته والإصرار عليها وعدم التراجع عنها مهما بلغت درجات الإرهاب البنائي وامتداداته وارتداداته؟ كلا إنهم يعلمون ويتغافلون ويستسلمون.

في ذلك جانب ذاتي مرهون بعدم الارتقاء بالقوة المعنوية والروحية الهائلة لأمتنا وبمقدراتها الكبيرة والفريدة التي يقتلنا العالم المعادي من أجلها ويتقاتل من أجل الحصول عليها. وفي ذلك جانب ذاتي- موضوعي، وفي الحقيقة كل العوامل متشابكة متداخلة أي موضوعية – ذاتية في نفس الوقت، جانب السياسات العرقية والطائفية التي يريد العدوان أن يفرضها علينا تزويرا وتزييفا لتهييج غراءز الضحايا المستغفلين اذ يغطيها ويدسها دسا في السياسات الهيمنية والطغيانية.

أمام كل ذلك وفي واقع ذلك، يحق لنا أن نسأل كل من يتردد ويستهين وتهون عليه نفسه وامته، لماذا تنظر إلى خطابات أوباما مثلا في تركيا أو في القاهرة بالاهمية القصوى ولا ترى إلى خطابات قادة يتوجهون إلى شعوبهم والى أمتهم والى العالم؟ أليس ذلك مصداقا وترجمة للتدمير الذاتي؟

أفلا تتدبرون خراءطكم ؟ أفلا تتفكرون المقدرات المادية والحضارية لبلدانكم؟ أفلا تتفقهون السياسات العميقة الناعمة والصلبة للعبث بكم وبمصاءركم؟

وعلى كل ذلك نتوجه إلى كل أحبتنا واخوتنا ورفاقنا ونظراءنا في البشرية على كامل خريطة العالم العربي والإسلامي بأمر بسيط:

من ذهب إلى المدرسة يوما يستطيع أن يأخذ ورقة وقلما ويرسم وطنه داخل محيطه وعمقه الاقليميين ويبدأ في التفكير، لماذا جاؤوا؟ لماذا مروا من هناك؟ كيف دخلوا إلى هناك؟ من يقف معهم؟ ماذا يوجد هناك؟ وما الذي يريدون الحصول عليه؟ وممن يتم افتكاكه؟ من سوف يقتل؟ وكم من الوقت سيستعملونه؟ وماذا سيفعلون به؟ ماهي القوات الأجنبية؟ وأين تتمركز؟ ومن أين تريد أن تمر؟ والى أين سيتم أخذ مقدراتنا؟ ولماذا تداس مقدساتنا؟ ماهي علاقتهم التاريخية بنا؟ ومن يقف ضد ذلك في الداخل؟ ومن يقف مع المعتدي؟ كيف كانت خريطتنا؟ ماذا يوجد تحت أرضنا وفوق سمائها؟  من يخدم الشعب وماهي مصلحة الشعب ومن يحفظ حياته أمنا وحياة شاملة؟…الخ.

لكل مواطن خارطة جيوستراتيجية عن بلده أمر جد ممكن حتى يكون مواطنا واعيا ومقاوما مسؤولا. واما من صعب عليه ذلك فمن المؤكد أن قوى كثيرة ستساعده والرسالة سوف تصل.

الأوطان أيضا تعرف بالفطرة.

صلاح الداودي – نشر في السبئي جويلية 2016