خاص/ الثورة في الشؤون العسكرية الأمريكية ومخاطر مجاراة العقيدة العسكرية الانتحارية الكورية. مداخلة د. بلهول نسيم الباحث والمستشار بهيئة الدفاع الجزائرية

أضيف بتاريخ: 30 - 04 - 2017

في حصة “العالم اليوم” والتي بثت على قناة CGTN الصينية الناطقة باللغة الإنجليزية والتي شارك فيها كل من العقيد كيوبيينغ من الكلية الحربية الصينية والجنرال أون أوشييبا من قسم الدراسات الآسيوية بهيئة الدفاع الكورية الجنوبية والدكتور بلهول نسيم الباحث والمستشار بهيئة الدفاع الجزائرية، استوقفنا تدخل الدكتور بلهول الذي أشار إلى مخاطر مجاراة الماكنة العسكرية الأمريكية لعقيدة الموت العسكرية الكورية الشمالية.. حيث اعتبر أن العقيدة العسكرية الكورية هي من أحد أهم العقائد العسكرية الشرقية والتي ترتكز على أسس ثابتة وراسخة، ويعود السبب في ذلك إلى قدمها وتطورها عبر المراحل العديدة التي مرت بها من خلال نشأتها، حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن . ومن أهم الأمور التي تحددها العقيدة العسكرية لكوريا الشمالية حسب الدكتور بلهول :إتجاه بناء القوات المسلحة وأي الأنواع لها الأفضلية والحجم الأكبر وذلك يرتبط بموقع الدولة الكورية الجغرافي والأهداف المخططة للدولة الكورية من خلال العقيــدة العسكرية فعلى سبيل المثال كانت كوريا الشمالية توجه الإنتباه الأكبر عند بناء القوات المسلحة إلى القوات الجوية حسب مؤسس عقيدتها الجنرال كون أول جي، ولكن نجد أنه بعد الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي حدث تحول في بنية القوات المسلحة الكورية، فأصبحت القوات المسلحة الكورية مؤلفة من نوعين رئيسين هما القوات البرية والتي كانت تعد مليــون ونصف مقاتل ثم قوات الإنتحاريين التي كانت تعد ثلاثة ملايين مقاتل. ليقف بعد ذلك الدكتور على أهم أنواع القوات المسلحة في كوريا الشمالية، من: القوات الصاروخية الإستراتيجية ، قوات الدفاع الجوي، القوات الجوية، القوات البحرية، وقوات الإنتحاريين (الإنغماسيين). وفي سؤال وجه له عن طبيعة المرتكزات الجديدة للعقيدة العسكرية الكورية، اعتبر الدكتور بلهول نسيم أن القوات المسلحة الكورية ترتكز على عدة بنود ونقاط رئيسية هامة منها :التركيز على المناورة الدفاعية التي تشكل أساس العقيدة القتالية الكورية على المستوى الإستراتيجي والتعرضية على المستوى التعبوي. كما ويبنى الدفاع الكوري العميق بنوعيه الثابت والمتحرك عن المناطق الإستراتيجية لإيقاع أكبر خسائر في صفوف العدو المهاجم. بالإضافة إلى القيام بهجمات معاكسة تعرضية على المستويين العملياتي والتعبوي .بذل الجهود لتحقيق التفوق النوعي للقوات المسلحة الكورية بهدف تعويض فارق التفوق الكمي والنوعي للتحديات .غرس روح التضحية والفداء والمقاومة المستميتة التي هي روح العمل القتالي المستمدة من العقيدة العسكرية الكورية. الإحتفاظ باحتياط إستراتيجي ذي قابلية حركة ومرونة عالية .التخطيط المركزي والتنفيذ اللامركزي لمواجهة الأمور غير المتوقعة .تكديس احتياجات القوات المسلحة الإدارية في مناطق العمل حتى لا تتأثر من قطع خطوط المواصلات
واعتبر الدكتور بلهول في معرض حديثة عن أصول العقيدة العسكرية الكورية الشمالية، أن القوات المسلحة الكورية انتهجت النهج الإنتحاري كعقيدة قتالية حتى الموت. وظلت هذه العقيدة مهيمنة على الفكر والممارسة في كوريا الشمالية، حتى قيام الحرب الكورية وتحقيقها لطفرة في الأشياء المادية العسكرية وتمكنت من إقامة أول دولة ذات عقيدة وأفكار جامدة ثابتة انتحارية. تأسس على ذلك تطورات كبيرة انتابت العديد من مجالات الحياة وأصبحت العقيدة العسكرية الكورية الشمالية سابقاً تعرف بأنها هي منظومة من المبادئ ووجهات نظر التراكم الروحاني للموروث العسكري الحضاري الشرقي، حول قضايا جوهر خوض الحرب وطبيعتها والطرق التي يمكن أن يفرضها الأعداء على الكينونات الشرقية الكبرى وكذلك البناء العسكري وإعداد القوات المسلحة والبلاد من أجل سحق المعتدي . واعتبر الدكتور بلهول أن الأفكار العملية والنظرية كافة للعقيدة الكورية الشمالية تنطلق من الإطار الفكري الذي ارتضته الدولة طيلة العقود الماضية من سيطرة الجسد الشيوعي داخل النظام اللغز، وحتى أواخر الثمانينات من القرن المنصرم، حيث أخذت تتهاوى قواعد هذا الجسد في الفضاءات الجيوشيوعية الأخرى حتى وصل به الأمر في النهاية إلى أن أصبح غريباً محروماً مطارداً ممنوعاً في عقر داره، بقس ثابتا شامخا في كوريا الشمالية.
وإلى جانب المصادر الأرواحية للعقيدة العسكرية الكورية الشمالية، اعتبر الدكتور بلهول نسيم في استفسار من الجنرال الكوري الجنوبي، أن العقيدة العسكرية الكورية تقوم في أساسها على مجموعة من القوانين والقواعد المادية والتاريخية والجدلية والنظرية الماركسية حول الحرب والجيش واستنتاجات العلم العسكري، ومن هنا خلص أن العقيدة العسكرية لكوريا الشمالية تقوم على الأفكار التقدمية العادلة التي تقضي الدفاع عن الإنجازات والمكاسب للكادحين وعن السلام وأمن الشعوب . كما وتركز العقيدة العسكرية الكورية أيضاً على وضع حد للحرب وليس العمل من أجلها وفي الوقت ذاته تعمل على بناء قوات مسلحة قادرة على الوقوف في وجه المعتدين. واعتبر الدكتور أنه من بين أسباب بناء عقيدة عسكرية كورية مغلقة، هو كون أن العقيدة الكورية كانت منصبة على العمل وبأفضلية أولى العمل الجاد لحماية المكتسبات الثورية التي ما زالت في طور الولادة حديثة العهد وتحقيق استقلال أول دولة في العالم للعمال والفلاحين وفي نفس الوقت العمل أيضاً من أجل سلامة حدود الدولة من أخطار الإعتداءات الخارجية المهددة للثورة والدولة ومكتسباتها وترافق ذلك مع استمرار العمل للبناء الإقتصادي والإجتماعي للدولة الجديدة في فكرها وأسلوبها وتنظيمها. إذ تم، حسب الدكتور، خلال المرحلة الجديدة من بدايات القرن الحادي والعشرين، وضع الأسس المتقدمة للفن العسكري الكوري والعلم العسكري بوجه عام، ومن ثم تشكيل جيش من نوع جديد وتعزيزه لم يكن ألوفاً من قبل في العالم وهو (الجيش الذكي) وفقاً للأسس النظرية المستندة لآراء الجنرال كون لييوان أون حينذاك، وقد تمكن الجيش والأسطول من سحق قوى الثورة المضادة داخلياً وخارجياً، وبالتالي ترسيخ جذور الوجود القوي لتلك الدولة الــتي تمكنت من الإستمرار طيلة عقود طويلة صامدة وراسخة في وجه الهجمات المباشرة وغير المباشرة من خلال الهجوم الإعلامي والإقتصادي والفكري الذي كانت تشنــه الدوائر الإمبريالية ضد الدولة والفكر الكوري الشرقي والهجمات العسكرية والحرب الباردة الجديدة المتجددة وغير ذل . ولقد تم وضع عقيدة عسكرية كورية جديدة سنة 2011 موحدة انطلاقاً من الواقع الكوري المبني على النقاط الثلاث التالية، حسب الدكتور بلهول،: على أساس التطور الواضح والدقيق لطبيعة الحرب المقبلة .على الإعتبارات الصحيحة والدقيقة لتك القوى والوسائط التي ستكون في حوزة الأعداء المتوقعين .والذاتية على ضوء الإمكانات والموارد، معتبرا في نفس الوقت أن للعقيدة القتالية الكورية العديدة من الميزات تؤهلها لمواجهة الكتل العسكرية للمجتمعات الما بعد صناعية، وهذا من خلال تركيز القوات المسلحة الكورية على الإستمرار في العمل الجاد والدؤوب لتطوير آلتها وتحديثها لتكون على قدم المساواة أو تفوق الآلة الحربية للمركبات العسكرية الغربية، فهي تعمل، حسب الدكتور، وبشكل مستمر على :الإهتمام الكبير بتحديث البنية التنظيمية للقوات المسلحة وتطويرها .إيجاد التناسب الأفضل بين أنواع القوات وصنوفها تبعاً للحاجة .إستكمال القوات بالقوى الحية .العمل الدائم على التدريب وإعداد الكوادر القتالية اللازمة .تحديث أجهزة القيادة والإتصال وأنظمتها وأليتها .الإعداد الإقتصادي المستمر للبلاد وتوفر الظروف والشروط الملائمة لانتقال البلاد من حالة السلم إلى الحرب .وتطوير طرق خوض الصراع المسلح وتعديلها وفق المستجدات الطارئة على الساحة من حيث الأسلحة والأفكار.
شبكة باب المغاربة