شؤون صهيونية. لمحة عن إغتيال الشهيد الزواري. من هم المجاديف وكيف غير المهاجمون الإسرائيليون صورهم؟

أضيف بتاريخ: 26 - 02 - 2017

26 فيفري2017

معاريف الأسبوع

ألون بن دافيد

المواطنون في خدمة المخابرات

قبل سبع سنوات كشفت شرطة دبي تفاصيل المشاركين في عملية اغتيال عضو حماس محمود المبحوح، أمام العالم كله تم عرض جوازات السفر التي استخدمها المغتالون الكثر، وكل دولة أمكنها الاستيضاح متى زارها حملة هذه الجوازات وأين كانوا ومن التقوا. اغتيال المبحوح كان معلمًا أرشد العالم إلى ان المنفذين الذين قاموا بعمل رائع في القرن الـ 20 لم يعودوا مناسبين بعد لعالم التقنية الشفاف في القرن الـ 21.

بعد ذلك بسبع سنوات بدى ان العبر قد استخلصت من دبي، ففي ديسمبر اغتيل في مدينة صفاقس التونسية مهندس الطائرات غير المأهولة التابع لحماس محمد الزواري، الشرطة التونسية أوقفت حوالي عشرة مشتبهين، جميعهم تعاونوا مع المغتالين لكن عن غير قصد، فقد استأجروا سيارات واشتروا هواتف نقالة لصالح شركة إنتاج أوروبية، من بين الموقوفين صحفية تونسية – هنغارية تم استئجارها من قبل شركة إنتاج لصناعة فيلم عن الزواري. حسب توصية “الزبائن” فقد التقته مرتين، وحددت موعدًا للقاء ثالث، لكنها لم تظهر في هذا اللقاء، بدلًا منها جاء مغتالان أطلقا عليه حوالي 20 رصاصة، تحقيق الشرطة التونسية كشف الجوازات التي استخدمها المهاجمون، لكنها كانت جوازات لا يمكن ربطها بأي عمل آخر.

استخدام المواطنين أو ما يوصف بلغة الاستخبارات بـ “المجاديف” (اللسان الأحمق) يمكن الأجهزة المخابراتية من العمل أيضًا في العالم المصور والانترنت العصري، عملية الاغتيال في ماليزيا التي راح ضحيتها كيم جونغ نام، الأخ غير الشقيق لحاكم كوريا الشمالية، هو نموذج ممتاز لهذا الاستخدام، شابتان (فيتنامية وإندونيسية) طلب منهما طاقم إنتاج برنامج تلفزيوني المشاركة في برنامج ممتد، أخذتا إلى مراكز شراء، حيث تدربتا على مواطنين أبرياء إحداهن كانت تقف في الداخل وتجذب انتباه الضحية، والثانية كانت تفاجئه من الخلف وتلف وجهه بيديها، بعد أن تأهلتا أحضرتا إلى المطار في كوالالمبور، وطلب إليهما تنفيذ التمرين على كيم جونغ نام الذي وقف في طابور طويل للتسجيل للسفر. هذه المرة لم يلفا الضحية فحسب، وإنما نثروا أو ربما دهنوا سمًا على وجهه. من غير الواضح إذا ما كنّ فهمن ما قمن به، إحداهنّ على الأقل سارعت إلى غسل كفيها بعد الفعلة، لكن جونغ نام مات قبل أن يصل إلى المشفى. الشرطة الماليزية أوقفت الشابتان ومشتبه آخر من كوريا الشمالية. أربعة أعضاء آخرين من الخلية نجحوا بالفرار من البلد، وثلاثة لم يفلحوا، فسارعوا إلى اللجوء في مبنى سفارة كورية الشمالية، تخطيط العملية كان ألمعيًا، أما التنفيذ فكان أقل نجاحًا.

إسرائيل كانت قد تعلمت الدرس قبل حوالي عشرين عامًا في عمان، وهي حذرة اليوم من عمليات التسميم في الأماكن العامة والمصورة، العمليات الإسرائيلية تبدو اليوم أكثر تعقيدًا، وعلى الأغلب تضم تخصصات مختلفة: مخابرات آدمية وانترنت ومخابرات تقنية، بل وتعاون مع دول أخرى. أحد الأمور البارزة التي تظهر في عمليات معركة ما بين الحربين هو انه عندما تنسج إسرائيل أفضل المواهب والموارد من أجل تحقيق هدف ما، فإن أي شيء لا يمكنه إيقافها.

لكن المهم هو اختيار الهدف الذي نسخر له الموارد بشكل جيد، رئيس الأركان قال هذا الأسبوع ان إسرائيل أنفقت 2.5 مليار شيكل على تطوير استجابة تقنية للأنفاق، إذًا قبل ان نكرس أنفسنا لبهجة تنفيس تقرير مراقب الدولة، ونشعر بالحرج بسبب مستوى فشلنا في معالجة الأنفاق، علينا أن نتوقف وأن نفكر كم علينا أن ننفق أيضًا على هذه الحكاية.

هل يجب علينا فعلًا ان نرهن قطعًا ضخمة من الميزانية الأمنية على معالجة المدى تحت الأرضي؟ دون أن نفكر قليلًا في الخطر المنعكس عن الأنفاق ممنوع ان نجعله يستهلك كل شيء. نواجه الكثير من التهديدات والتحديات الأخرى التي ستتضرر قدرتنا على مواجهتها في حال استثمرنا كل الأموال تحت الأرض.

ملاحظة: الآراء والألفاظ الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها، ولا تعبّر عن رأي شبكة باب المغاربة للدراسات الإستراتيجية.