أضيف بتاريخ: 04 - 11 - 2020
أضيف بتاريخ: 04 - 11 - 2020
ضربت الإنتخابات الأمريكية قبل صدور نتائجها النهائية في مقتل، هو مقتل الديمقراطية أو صورة الديمقراطية التي تكثف في ذاتها مفهوم القوة الناعمة كقوة جاذبية. هذه الإنتخابات التي ليست مجرد انتخابات رئاسية وإنما في نفس الوقت انتخابات النواب ومن ثم حكام الولايات… وانتخابات نظام الحكم برمته تقريبا وبكل مؤسساته وسلطه، عكست نهاية الريادة الأمريكية الموهومة المزعومة للديمقراطية في العالم.
إن قسمة بلد كبير وقوي كالولايات المتحدة الأمريكية إلى مجتمعين انتخابيين عميقين وحصر كل الحياة الديمقراطية في شخصين لا أكثر في أعلى سلم خيارات الملايين ودون أي برامج تذكر، يعتبر في حد ذاته انغلاقا فاشيا شاذا وغريبا، فما بالنا بحصر كل شيء فيما لا يقبل المفاضلة.
قبل أيام، وهذا لمجرد التمهيد لملاحظاتنا اللاحقة، قالت عدة مجلات غربية موزعة على عدة دول وفي كلمة واحدة عن كل وسيلة تلخص الاهتمام العالمي عبر هذه الوسائل الإعلامية الدولية، قالت ما يلي:
– ذا سباكتاتور: “الانهيار”.
– ذا غارديان ريفيو: “الهاوية”.
– الايكونوميست “القبح”.
– هاندلسبلات “الانقسام”.
– بروسبيكت “الحرب”.
– دير شترن “التدمير”.
– دير شبيغل “الشلل”.
– موستيك “الخطر”.
تيليراما “كل المخاطر”.
– الغارديان ويكلي “الفزع”.
– سوسايتي “الأوجاع”.
– فايننشال تايمز “التفكك”.
– ذا ويك “مفترق الطرق”.
كانت هذه مجرد عينات من كم هائل من الدراسات والتحليلات والمقالات والمقابلات والعناوين… أما ملاحظاتنا فهي التالية:
1- لن ينهزم ترامب ولن ينهزم بايدن، الولايات المتحدة هي التي خسرت انتخاباتها وخسرت رهان الديمقراطية وثقافتها وابجدياتها وآلياتها وأدواتها واجراءاتها وشكلياتها ومناخاتها وخطابها وسلميتها ونظافتها… وما إلى ذلك من كل الشعارات المعروفة بعيدا عن الكراهية والتمييز الإجتماعي والعنصرية بكل أنواعها والشعبوية والقطعانية والتناحر… الخ
2- لن يربح ترامب ولن يفوز بايدن، إن خسارة القوة الناعمة الثقافية والحضارية والسياسية وكل أنواع التاثير المرتبط بالفكر والعلم والفن والتكنولوجيا والقيم الأخلاقية والإنسانية… أشد هزيمة من خسارة أي حرب عسكرية
3- إن هذه الصورة الذاهبة إلى الانحطاط، مع ما يمكن أن تؤدي إليه المسارات المقبلة قضائيا وشعبيا تؤكد قطعيا فساد النظام السياسي والدستوري والديمقراطي الأمريكي الذي يجب أن ينهار ليتجدد تبسيطا أو تعقيدا
4- إن قيم “الديمقراطية في أميركا” التي تغنى بها من تغنى بها لفترة طويلة باتت شاهدا على تراجع قدرة المجتمع الأميركي على انتاج سياسات اجتماعية واقتصادية وأمنية وخارجية قابلة للاستمرار وقادرة على التماشي مع تطلعات المجتمع الأميركي المعقد مهما كان حكمنا على عقود من سياسات الولايات المتحدة ومهما كان رأينا في الثقافة السادة وأسلوب الحياة السائد هناك
5- إن فجر عالم متعدد الأقطاب يكسر الايديولوجيا الاقتصادية والمالية والتكنولوجية الصاعدة لما يسمى “رأسمالية الفاعلين” في “حكومة عالمية” و “العودة الكبرى لإعادة توظيف العالم من الصفر”، عالم متعدد الأقطاب بدأ الآن.
صلاح الداودي