أضيف بتاريخ: 29 - 03 - 2020
أضيف بتاريخ: 29 - 03 - 2020
في الوقت الحاضر لا توجد استراتيجية لعزل العدو (فيروس كورونا) سوى التعرف عليه. وهذا لا يكون إلا بالكشف عنه وبالتالي بتكثيف وتوسيع الاختبارات؛ لا توجد استراتيجية لعزل العدو إلا بعزل من سيطر عليهم وانقاذهم وتأمين من يهددهم وانقاذ البقية من العدوى الجماعية وخلق مناطق عازلة بيننا وبينه لقطع تقدمه، هذا على مستوى استراتيجية المقاومة الصحية العامة. ولكن لننظر إلى عمق الأمور:
ان أهم سبب في انتشار كوفيد التاسع عشر وانعدام مؤشرات السيطرة عليه في الوقت الحالي هو السوق العالمية التي صنعته واحتضنته ورعته. وان سبب تفوقه حتى الآن وباكثر دقة هو تواصل مواجهة حربه على الإنسانية بنفس آليات رأس المال المعولم من حيث حركة البضائع والبشر ومن حيث النظام المالي ومن حيث التنافس والاحتكار والسيطرة في الإنتاج والأسعار والوجهات وقوانين السوق كلها ومن حيث ديناميكية وسرعة وتواصل مناخات السوق المعولمة بما فيها العقوبات والحروب وتقسيم العالم والهيمنة والتبعيات… في الأدوية وفي الأغذية وفي قطع الغيار وفي المواد الأولية وفي الأسلحة… الخ. والاخطر من كل ذلك أن هذه المنظومة المالية والاقتصادية المعولمة تحافظ داخل احشائها على بيادق الفيروس التاجي المعولم كورونا الذي وجد كل الأرضية مهيئة في رئة هذه العولمة السوقية ليفعل فعله بعد تدمير الابتكار الأعظم في تاريخ البشرية وهو أولوية الصحة والتعليم والنقل ثم البيئة ورغم الفشل الجزئي أو الافشال الممنهج بالأحرى لهذا الابتكار الانساني البديع وهو الاشتراكية بقطع النظر عن عدة جوانب محدودة ومفلسة فيها منذ البداية والتي تتعلق في الغالب بأنماط الحكم المجربة وبعدة قضايا حضاربة وثقافية أخرى وبصرف النظر أيضا عما يمكن أن نطوره الآن في نظام مشتركي عالمي ومقاوم.
لقد قال الفيلسوف والمناضل آلان باديو محقا قبل أيام:
” “أنا أولاً” القاعدة الذهبية للإيديولوجيا المعاصرة، تصبح في هذه الحالة بلا جدوى ولا توفر أي نوع من النجاة، بل على العكس يمكن أن تظهر كشريك متواطئ في إطالة غير نهائية للشر”.
وفوق ذلك، لا أنا ولا أول اذا لم أفكر واذا كنت مهدد الوجود، بل اذا كان الفكر مهددا وكل الوجود.
صلاح الداودي