أضيف بتاريخ: 07 - 10 - 2019
أضيف بتاريخ: 07 - 10 - 2019
لا نتردد في القول الواضح الصريح: لا شرف ولا مصلحة ولا خير في ربيع الصناديق.
هذه برقية استراتيجية لمن يريد تفكيكها وتعميقها:
هذه اللحظة التي تمر على تونس اليوم تكاد تكون بالحرف تسليما للحكم بواسطة جزء من الشعب لمجاميع منتقاة خالية من الإيمان بمنظومة الدولة، بمعنى ان كل ما يعنيها الوصول إلى حكم رأسه اخواني وأطرافه مجاميع شبيهة وذيوله شتات باهواء لا مركزية ولا عمق لها في كيان الدولة. وعليه، والأسباب شتى، قطعت أي توجهات وطنية وإقليمية ودولية سيادية واخرجت كل محاولات تثبيت قوة وطنية من هذا النوع في قلب المعادلة السياسية التونسية وتم الاستسلام حتى الآن لمنظومة ربيع الصناديق بعد ربيع الدم.
ذات 18 أكتوبر 2005 انطلق المسار وكان التنظيم العالمي للإخوان أداة أميركا وفرنسا وكيان العدو الصهيوني يحيط بكل الأطراف ويغرقها طوعا واكراها وبشتى الطرق في حبال الانقلاب على حركة 2011 واحباط كل مساعي الانقاذ من هذا المازق الاستراتيجي.
الاغتيالات السياسية والإرهاب كانا جزءا من تعميق هذا المازق بينما كان ما يعرف بالجهاز السري، وبالمناسبة هو ليس من حركة النهضة فقط (ولا يهمنا هنا تاريخ الإخوان في ذاته ولا وثائق زيد أو عمر وإنما تهمنا التحولات الكبرى كل هذه السنوات وما اتت به من كيانات) وإنما ما أوسع منها أي مشغلها الإقليمي والدولي ومن استوعبته ومن ساهم في انقاذها ومن ساهمت في تدميره.
تتكثف تداعيات هذا المازق الاستراتيجي اليوم في هذه الانتخابات بشقيها وتصل حد الورطة وقلب الهاوية وبشكل ممنهج يجعلك تخاصم الوهم وينتصر الوهم عليك بتحطيمك وتصنع منك الأشباح من حولك وتفتك بك بينما انت ترى أنك تهاجم الوحش وتلتف لتجنب تمثيل دور الفريسة الضحية.
لم نكن جميعا، بقدر الفطنة الكافية والقوة الكافية (وهذا ليس نقدا ذاتيا لاحدنا وإنما توصيف واقعي للواقع) ولم يكن أحد ليستطيع إيقاف موجة أكبر تأتي على حلقة هو أيضا مهدد بها. ما أدى إلى فقدان الثقة التامة في تونس مادام أبناؤها من المورطين في تسليمها.
ان اكبر دليل على ما وصلنا اليه انهاك الدولة وافراغها ونزع اي إمكانية لمن هم في “الشقق الآن” على إيقاف ما يحدث باسم الديمقراطية. وتم اختراق كل شيء حتى العظم في موجة تخمير عام استعملت فيه كل الوسائل الناعمة وخاصة الإعلامية والالكترونية زائد الأموال والوظائف السابقة والمطامع العمياء والشكليات الاجرائية التي وضعت لاحباط كل ذرة في أي مشروع وطني ولبناء أوهام هلامية على صور وهمية ركبت بالتراكم خارج البلد خاصة وداخله أيضا منذ مدد متفاوتة وبثت كالسموم الفتاكة في كل الكيانات، لا نستثني أحدا.
اننا عندما نطرح سؤال هل يمكن بعد لكيان الدولة ممثلا في رؤوس “شقفها” دون أن نسميهم أن ينقذ ما تبقى لإنقاذ التراب البريئ والرقاب البريئة، لا نناشد أحدا وإنما نذكر الغالبية الساحقة من شعب تونس التي لم تتحرك حتى الآن لا في الشوارع ولا في الصناديق، ربما لاستشعار فطري للكارثة تظهر في صيغة لا مبالاة، نذكرها انه يوجد بلد اسمه تونس وهم ينتمون اليه ولا بد هنا من طرق باب حوالي 5 ملايين تونسي لم نعرف رأيهم لا لمجرد اعتبارهم ناخبين ولكن لمجرد ان صناع هذه الهاوية يستفيدون من غيابهم أو تغييبهم.
وقبل ان يمر رحي الهاوية لمن في قلبها بالسرعة القصوى، يجدر ربما القيام بشيء ما لاستفتاء كامل الجسم الذي يعد بالملايين عصوا عصوا وبيتا بيتا على أمر ما بعد الشرح والتفصيل والتدقيق وتعليق الصناديق إلى حين.
هي حسرة وأمل، كما في صورة البرقية التي طالت.
صلاح الداودي