مقارنة غير متماثلة، نبيل القروي واسكوبار وقيس سعيد وبرهان غليون. الديمقراطية وصناعة التوحش الناعم

أضيف بتاريخ: 01 - 10 - 2019

انها تسير رويدا رويدا إلى الهاوية. هذا هو التوصيف الاستقراءي لما يحدث في مسار انتخابات تونس الرئاسية والتشريعية. ففي حين يرى أنصار المرشح الرئاسي للدور الثاني نبيل القروي انفسهم كما لو كانوا محتشدين وراء بابلو اسكوبار أو حتى عبد الله اوجلان يرى أنصار المرشح قيس سعيد لنفس الدور الثاني من نفس الانتخابات كما لو أنهم يقفون وراء برهان غليون أو الطيب التيزيني. نحن هنا طبعا لن نقيم مقارنة فعلية ولن ندخل في التفاصيل، بل نترك للقارىء البحث في الامر واعمال العقل فيه. ولذلك سميناها في العنوان غير متماثلة، وإنما نقصد الايحاء التهكمي بنفس أو بتشابه المالات وبتشابه الروابط بين الأسماء ومنتحلي الانتساب إلى الاوهام.

ان ما يهمنا ككل الناس هو مصير هذا المسار، فكل الناس على علم بأن كل سيناريوهات الأزمة مطروحة رئاسيا وتشريعيا وخاصة سيناريو إعادة الانتخابات. هذا ولم يحصل ان عايش التونسيون واقع مرشح في السجن محاطا بالشبهات وآخر في الاحراش المفتوحة على كل التضاريس والمناخات محاطا بموجة هلامية وصلت إدلب وطرابلس الليبية وانقرة والدوحة واحياء الجالية في باريس وبلجيكا.

في الواقع، لا أحد سوف يتمكن فعلا من حكم تونس في ظروف عادية وطبيعة ومعهودة لا رئاسيا ولا تشريعيا ولا أحد حقيقة يستطيع الحيازة على أغلبية شرعية مقبولة شكليا وشعبيا وغير قابلة للطعن. والأهم من كل ذلك، لا أحد يملك مصيره بين يديه مما يجعل البلد المثقل بالجراح والخيانات في مهب الرياح.

كررنا منذ مدة، ولن نكل ولن نمل، كررنا حقيقة مراوحة التونسيين بين الحماسة للهاوية كحماسة للاكفاءة وكحماسة للاسياسة. والعرض الموجه والمتاسس على التلاعب بالعقول متواصل…
ومع ذلك نرى انه علينا إثارة امرين على الأقل. أولا لا سيادة انتخابية وموج الصناديق تتلاطمه العواصف من كل حدب وصوب وثانيا العدالة من السيادة ومن التفاهة الكبرى اعتقاد ان العدالة تتحقق بالقضاء المستقل. العدالة سياسة محضة ولا تتحقق الا في دولة ذات سيادة. السيادة هي التي تحقق القضاء المستقل. في بعض القضايا مجرد العدالة لا تكفي. إنما السيادة تشفي الغليل.

كان الفلاسفة دوما على حق في فهمهم لمحدودية عقول رجال الاقتصاد والقانون.

صلاح الداودي