أضيف بتاريخ: 03 - 10 - 2018
أضيف بتاريخ: 03 - 10 - 2018
قد يقع الكثيرون من حيث يدرون أو لا يدرون ضحايا لحملة التهويل التي يحاول رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو شنها للتغطية على عجز كيانه عن احتواء المتغيرات الاستراتيجية التي تشهدها المنطقة في ظل انجازات محور المقاومة على مختلف الساحات، قد يرى البعض أن هذا الواقع المأزوم يمكن أن يدفع نتنياهو إلى ما يحب أن يسميه العرب بسياسة الهروب إلى الأمام وهي سياسة كان يلجأ إليها العدو للتخلص من أزمة ما عبر فتح معارك تتيح له تحقيق إنجازات واحداث تغييرات تصب في مصلحته للتغطية على تلك الأزمة، وهذا السياسة باتت من الماضي لان مخاطرها وسلبياتها الان باتت اكثر بكثير من اي إنجاز قد يحققه نتنياهو على اي مستوى، وقد يرى البعض أيضا أن نتنياهو قد يحاول الاستفادة من واقع دولي واقليمي مؤات لشن ضربة عسكرية ضد لبنان بفعل الدعم الأميركي الكامل لهكذا عدوان في ظل وجود دونالد ترامب وطاقمه المؤيد بالمطلق لإسرائيل ووجود غطاء وحتى دعم واضح من بعض العرب لهذه الضربة الإسرائيلية فهل بتنا أمام عمل عسكري قريب من جانب إسرائيل؟
قد يظن البعض أن الحرب بنظر الاسرائيليين تنطلق بمجرد وجود دعم خارجي كاف، لكن من يراقب عملية صنع القرار في كيان العدو عليه أن يدرك بأن هذا الدعم لا يمكن أن يكون كافيا للذهاب نحو هذه الحرب لذا نقول إن الحرب مستبعدة جدا للأسباب التالية:
– هناك قناعة راسخة لدى المستويين السياسي والعسكري في كيان الاحتلال بأن أي حرب مقبلة يجب أن تحقق الحسم مقابل العدو، وهذا المبدأ الأساسي في النظرية العسكرية بات متعذرا بعد أربعة حروب اسرائيلية ضد لبنان وقطاع غزة اذ لم تحقق تلك الحرب اي حسم أمام المقاومة في لبنان وقطاع غزة بل إنها لم تحقق أي من الأهداف الأقل شأنا من ذلك، وجعلت المقاومة اغنى تجربة واكثر عدة وعتادا، موضوع ضرورة الحسم عبر عنه قادة الاحتلال في مناورة فيلق الشمال الذي حاكى حربا على اكثر من جبهة واعتبروه امرا ضروريا يجب أن ينتج عن أي حرب مقبلة وان حاولوا ادخال بعض التفسيرات الجديدة التي لا تضعه في إطار تحقيق الهزيمة المطلقة للعدو إنما أضعاف قدراته بشكل كبير ومنعه عن التحرك والمبادرة لفترة طويلة، فهل تستطيع اسرائيل تحقيق ذلك في الحرب المقبلة؟ التجارب السابقة تقول ان إسرائيل أثبتت عجزها عن تحقيق هذه النتيجة.
– توجد حقيقة إضافية يجب أخذها بالاعتبار في عملية تقدير الموقف لدى كيان الاحتلال وهي “من سيتخذ القرار بشن الحرب” فقد وضعت المؤسسة العسكرية بعد حرب تموز ٢٠٠٦ كرة قرار الحرب في ملعب المؤسسة السياسية حتى لا تتحمل نتائج اي إخفاق وتصبح كبش محرقة كما حصل مع القيادة العسكرية في حرب تموز التي جرى تحميلها المسؤولية الأساسية عن الفشل في الحرب، فعندما يقول غادي ايزنكوت أن الجيش الاسرائيلي جاهز بالكامل للحرب فهو بالتالي يلقي المبادرة على المستوى السياسي الذي عليه أن يتخذ القرار في هذه الحالة، وإذا عدنا الى المستوى السياسي الصهيوني وطرحنا السؤال هل يستطيع بنيامين نتنياهو اتخاذ قرار بحرب قد تحمل تداعيات خطيرة على مستقبل اسرائيل؟ فإننا ملزمون بأن نستمع إلى ما قاله رئيس الموساد السابق مئير دغان الذي كشف أن بنيامين نتنياهو من اجبن الشخصيات القيادية التي عرفتها اسرائيل في تاريخها وأنه رغم ما يحاول إظهاره عن نفسه بأنه الأقدر على قيادة اسرائيل في مواجهة التحديات فإنه سرعان ما يتراجع ويجبن عند القرارات الكبرى والخطيرة خوفا على مصير مستقبله السياسي لأن الإخفاق في الحرب والهزيمة ستطيح به بشكل مؤكد.
– نقطة جوهرية وأساسية يأخذها الاحتلال بعين الاعتبار في الحرب المقبلة وهي مدى قدرة الجبهة الداخلية الصهيونية على الصمود في الحرب المقبلة لا سيما أن تلك الحرب ستطال كل تلك الجبهة ولن تكون مختصرة على الخطوط الأمامية في ظل السيناريوهات الاسرائيلية التي تتحدث عن أن آلاف الصواريخ ستسقط يوميا على المدن والمستوطنات وستحدث دمارا غير مسبوق في البنى التحتية والمنشآت الحيوية ناهيك عن استهداف البنية العسكرية في العمق من مطارات عسكرية ومواقع قيادة ومخازن أسلحة معسكرات وغيرها وهي بالتالي ستشل العمق الصهيوني بشكل كبير وستؤثر بشكل غير مسبوق على أداء العمق العسكري للجيش الاسرائيلي، هذه القضية يحب أن توضع بالاعتبار في أي حرب مقبلة لن تتمكن فيها منظومات الدفاع الجوي على اختلافها من اعتراض الكميات الكبيرة من الصواريخ، لذا دعا الاحتلال المستوطنين الى عدم التعويل على أداء تلك المنظومات في الحرب المقبلة لأنها لن تحميهم من صواريخ حزب الله.
– كما أن الحرب المقبلة ستشمل تطورا غير مسبوق وهو اقتناع قادة العدو أن حزب الله سيقوم بالمبادرة لشن هجمات واسعة في منطقة الجليل والسيطرة على مواقع ومستوطنات هناك، وهذا يعتبر أحد الكوابيس المرعبة بنظر الإسرائيليين وهم على قناعة أن كل العوائق على الحدود مع لبنان لن تمنع الحزب من تحقيق اختراقات على طول الجبهة، وهذه المسألة حذر منها الكثير من الخبراء العسكريين الصهاينة الذين اعتبروا ان مجرد اقرار جيش الاحتلال بامكانية دخول حزب الله إلى نقاط في الشمال يمثل هزيمة مسبقة بالنسبة لإسرائيل لما سيكون لهذا الأمر من رمزية على مستوى الصراع ومن أهمية على مستوى صورة الانتصار التي سيحققها الحزب في نهاية الحرب، ولعل قرار الجيش الاسرائيلي بضرورة إخلاء المستوطنات المحاذية للحدود في بداية الحرب هو اعتراف مسبق بأن حزب الله سيدخل تلك المستوطنات أو بعضها على أقل تقدير.
– بالنسبة للخيار الجوي في المواجهة مع حزب الله فهناك سؤال كبير يطرح بقوة في أوساط العدو هو يتعلق بهامش الحرية التي سيتحرك فيها سلاح الجو، وهل يمكن أن تكون هناك سيطرة جوية إسرائيلية في الحرب المقبلة أم أن عامل التفوق الجوي سيكون محدودا في ظل احتمال دخول منظومات دفاع جوي فعالة كما هو الحال في سوريا، وهذه المسألة أن حصلت فستفقد الاحتلال اهم عوامل قوته وتفوقه على المستوى الجوي ولن يكون سلاح الجو اليد التي تسيطر بالكامل على الحركة على الأرض وهذه المسألة ستكون لها تداعياتها الكبيرة لصالح المقاومة على المستوى الميداني.
– نقطة جوهرية أخرى آثارها مفوض شكاوى الجنود في جيش الاحتلال اسحاق بريك الذي حذر من عدم جهوزية القوات البرية للحرب المقبلة وهذا يجعل الاحتلال مترددا بشكل كبير اذا اراد الزج بهذه القوات في اي مغامرة برية لأنها ستتعرض لخسائر فادحة وهذا ما سيعزز صورة الانتصار التي سيصنعها حزب الله في توجيه ضربة مؤلمة ومدمرة لهذه القوات أن تحركت على الأرض.
– يضاف على عامل عدم الجهوزية المادية للقوات البرية عدم توفر الحافزية لدى الإسرائيليين للمشاركة في هذه القوات نتيجة احتمال تعرضها لخسائر مباشرة في الأرواح وهذا يجعل هذه القوات أقل كفاءة على المستوى المعنوي مقابل مقاتلي المقاومة الذين لديهم الاستعداد للتضحية في سبيل ما يؤمنون به.
– من العوامل الإضافية التي جعلت خوض الحرب اكثر صعوبة لدى الاحتلال هو وجود منصات الغاز في البحر التي تعتبر من أهم الثروات بالنسبة للاحتلال حيث يخشى الصهاينة من استهدافها بصواريخ فعالة موجودة باعتقادهم لدى حزب الله أو بواسطة وحدات كوماندوس بحرية قد تقوم بتفجيرها، وهذا ما جعل الكيان يتخذ قرارا بوقف عمل هذه المنصات أثناء الحرب لان اصلاح اضرارها إذا أصيبت وهي تعمل ستستغرق وقتا طويلا خلافا لما يمكن أن يحصل وهي متوقفة عن العمل، وهذا يعني توقف إمدادات الغاز للكيان أثناء الحرب وتوقف بعض محطات توليد الكهرباء عن العمل ما سيدخل اجزاء واسعة من الكيان في العتمة حتى لو لم تستهدف تلك المنصات، كما أن القدرات البحرية بيد المقاومة ستكون كفيلة بمحاصرة كيان العدو بحريا مثلما تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ناهيك عن قدرة المقاومة على شل حركة سلاح البحرية الصهيونية في البحر المتوسط.
– عامل آخر يخشاه الاحتلال وهو القدرة الجوية للمقاومة في مجال الطائرات المسيرة التي ستستخدم على نطاق واسع من قبل حزب الله وفق التقديرات الصهيونية التي ترى أن هذه الطائرات قد تحقق ضربات موجعة في عمق الاحتلال أثناء الحرب.
هذه المعطيات هي خلاصة القراءة الإسرائيلية للحرب المقبلة وكثير ما يقول الصهاينة أنهم يعلمون أنهم كيف يبدأون الحرب ولا يعرفون كيف ستنتهي، هل ستذهب اسرائيل نحو الحرب مع حزب الله في ظل هذه المعطيات، المنطق يستبعد ذلك بشكل كبير جدا، الا اذا اصيب الاسرائيلي بالجنون.
حسن حجازي