أضيف بتاريخ: 24 - 09 - 2018
أضيف بتاريخ: 24 - 09 - 2018
لدينا انطباع ان رئيس الجمهورية معاقب ومجمد من طرف الثنائي الأميركي والأوروبي ومحفلهما الماسوني الأعلى لا لاسباب دستورية وإنما لأسباب سياسية (عرقلته الجزئية لإصلاحات الاستعمار وعدم مسايرته لدعم محور الإرهاب وموضوع القدس والتطبيع وقبله موضوع حزب الله وموضوع السعودية والإمارات وموضوع مجالس الامم المتحدة وإيران وعلاقته بالنهضة تحجيما وبالاتحاد تفهما وميله إلى الإمساك بخيارات الامن القومي…الخ. رغم صفرية مواقفه في بعض هذه الملفات ورمزية بعضها الاخر.) وان أكبر دليل على ذلك انه لا يتصور مخرجا فعليا بعد انتخابات 2019 إلا بدستور جديد معدل.
يعطي رئيس الجمهورية الانطباع ان التمرد والعجز والانهيار أمر واقع. يعطي الانطباع أنه عاجز. يعطي الانطباع ان الأولوية عند الاستعمار الأميركي والأوروبي هي مواصلة تنفيذ سياسات الاستعمار الأمنية والاقتصادية في أسرع وقت بأدوات النهضة والشاهد رئيس الحكومة الحالي. ويعطي الانطباع ان المعركة التي يتحمل الجزء الأكبر من مسؤوليتها لم تنته وان له عودة.
كنا قبل حوار اليوم وتصريحات الرئيس قد وضعنا الإطار التالي:
نظن أن ما يريده الاستعمار ليس أقل ولا أكثر من أحزاب استعمار. وكلما اتجه مركز ثقل التوجيه نحو الداخل لا الخارج ولو طفيفا دفع أعوانه نحو ثنائية: اما بخطابين متنافرين واما بازدواجية في الخطاب. ينطبق أيضا على المعارضة بالتالي، عندما تتم محاولة جذبها بين بين وجلب من تبقى في الحكم من أطرافه إلى الحضيرة هي نفسها بسياسة شد الأطراف وضرب الشقوق بعضها ببعض حتى الاستواء – الاستسلام وعدم التفكير في النظر إلى الداخل. ونسأل: هل ينتهي السبسي أم يعود من جديد؟ هل رفع الغرب عنه الغطاء مقابل خطة هذا الغرب الاقتصادية في تونس؟ وماهي الأوراق المحلية والدولية التي سيستعملها السبسي اذا قرر البقاء؟ أم سنشهد تمرد الشاهد والغنوشي بأكثر وضوح (مع الكتلة المستقيلة من النداء والمتجمعة حول بقايا شقوق أخرى)؟
رأينا ان السبسي مطالب إذا اراد بقاء الحكم كما يريد، مطالب بابعاد الشاهد بأي طريقة وبالعمل مع الغنوشي على تحقيق ذلك. اما إذا انصاع (اي السبسي) إلى الأمر الواقع فذلك يعني ان أمرا خطيرا يجري بصفة التمرد على الخيارات الأمنية والعسكرية للبلد التي تعمل على التخلص من التأثير الحزبي لائتلاف الحكم بالذات مقابل سلوك الشاهد ومن معه في تسريع وتيرة تنفيذ إملاءات الاستعمار الاقتصادية والتي ستتوضح في الأسابيع القادمة. ونرجح ان السبسي لن يستسلم وربما يأتي بالاتحاد وغيره إلى خطته. وهنا نسأل: ما هو ثمن بقاء الشاهد بدعم نهضاوي؟
نرى ان الحذر واجب من متعهد زمرة الطابور الخامس الجديد يوسف الشاهد وطابوره كتلة ما يسمى الائتلاف التي تترجم بطريقة أخرى كتلة دعم التوافق مع كتلة النهضة، اذا لم ينتفض السبسي على الغنوشي. ان أخطر ما في الأمر على تونس رهن مؤسساتها السيادية في هذه الحال بالذات وهي الحالة المصطنعة الأسهل بالنسبة إلى الاستعمار. هذا إذا التفت شعب تونس إلى بلده ومصيره وأخذ موقفا من عموم من حكم تونس وخاصة نظام الحكم الحالي بكل مؤسساته وهي كلها الخطر الأكبر اليوم وغدا.
واليوم وبعد الحوار نرى ما يلي:
أظهر الرئيس رباطة جاش واستقلالية (عن الخارج) ورغبة في الحلحلة والوحدة مع نكهة قوة وثبات ولجوء إلى احترام الدستور وإن لم يكن، فنهاية مرحلة تتطلب وضعا آخر ما بعد 2019 ودستورا آخر إذا أرادت الشعب وعاود وانتخب أو رحل؛ (نقول أظهر وليس تثبت مع اننا نميل على نسبة من الحق فيما اظهر). أصلا، الحديث عن الدستور أو الدستور القادم في التجارب دليل انعدام الحيلة والميزان وربما التمرد أو التجريد من السلطة أو حتى الانقلاب أو محاولته عقابا وتجميدا وربما تلويحا بقلب الأمور من جديد والبقاء والعودة.
أراد فك الحصار. ذهب الحوار إلى الزاوية. بسط يده إلى جزء من حزبه والاتحاد ومن يقبل. وخاطب الدولة قاصدا قوى في الدولة أهمها حسبما نفهم الدفاع والداخلية. لا يمكن أن يكون هو الذي صنع ما يقوم به الشاهد ومن معه ومن يدفعه ولا النهصة ومن يدفعها. يحضر لمعادلة ما وإذا استحالت استسلم. هذا خطابه الثاني في نفس التمشي ولم يتغير شيء إلا إلى الأسوأ. لم يجد في القوى وفي الأحزاب وفي المجتمع وفي الإعلام من ينجح في ايقاف النزيف رغم انه اوعز وانتظر. وهذا أخطر واضعي وضع تمر به تونس منذ 2011.
ولذا لا يجب أن نستخف بوضع السبسي وبخطابه ولا نلجأ إلى فورات الرأس ولا إلى المقولات النظرية البالية والعبارات الأيديولوجية والسياسية والفلسفية لاختلاق جمل تحليلية ومعادلات صفراء مسقطة وغير واقعية وتبسيطية ولا تقدم أجوبة للواقع. يجب أن يفكك رئيسيا سؤال: قيود وحدود السبسي التي تعبر عن أزمة نظام الحكم الوجودية. واجوبة: مخارجها. وهل لديه هو نفسه الرئيس، هل لديه حيل وأدوات لتغيير المعادلة ومع من وفي أي مرحلة وما قرار الساحة الوطنية التكتيكي والإستراتيجي؟
صلاح الداودي