دونالد بلوم في تونس: صفقة التطبيع

أضيف بتاريخ: 16 - 08 - 2018

بعيدا عما تتيحه السيرة الذاتية لدونالد بلوم الذي اختاره ترامب مؤخرا ليكون سفيرا مفوضا فوق العادة في بلادنا وما تتيحه هذه السيرة من فرضيات بحث وتفكير ومن مقاربات وتوقعات واستشرافات تهم تونس والمغرب العربي والمنطقة وعلى جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية والانتخابية والأمنية والعسكرية والاستراتيجية، سنكتفي بمحاولة استقراء الدور الذي سوف يلعبه انطلاقا من منصة تونس كساحة من ساحات محاولة فرض تمرير ما يسمى صفقة القرن.

من المعروف ان القنصل العام السابق للقدس المحتلة كان أحد مهندسي اغتصاب القدس وكانت له حركية كبيرة في هذا الملف إلى جانب متابعته الحثيثة وحضوره كل اجتماعات جيسون غرينبلات وجاريد كوشنر مع المسؤولين الصهاينة والفلسطينيين منذ بداية سنة 2017 ومدارها الصفقة. ومن المعروف أيضا ان علاقته بسفير بلاده في فلسطين المحتلة فريدمان ليست بديهية، بداية بكل تفاصيل الملف الفلسطيني وخاصة موضوع الاستيطان ووصولا إلى إنهاء صلاحيات القنصلية ووضعها بالكامل ضمن اختصاصات السفارة مع مجيىء ترامب ومشروع الصفقة المذكورة وتفاقم نزع اللثام عن حقيقة الدور الأميركي في حماية كيان العدو الإسرائيلي وتعزيز تشدد النهج الصقوري التجاري الترامبي. ضمن هذا السياق، علينا ان نذكر ان دونالد بلوم من رجال أوباما وجون كيري. وهو من أنصار نهج أوسلو ومن أنصار لا خيار إلا مع خط السلطة الفلسطينية التي يعتبرها صديقا وضمانة لما يسمى حل الدولتين خاصة بعد أن بات يؤمن أن تفاصيل الصفقة لن ترضي الجميع وان بعضها سيفرض كحقائق على الأرض (يمكن في هذا الشأن ولمزيد التعرف على تبنيه لمثل هذا الخيار الإطلاع على عدة حوارات ومعطيات تتعلق به من خلال منشورات مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

هذا وتجدر الإشارة إلى ان إحدى مقومات نجاح صفقة القرن كما هو معلوم تكمن أساسا في فرض التطبيع وفي كون هذا التطبيع صمام أمام لنجاح ما يسمى حل الدولتين وكون تجريم التطبيع يعد أخطر الخيارات السياسية الشعبية أمام هذا الحل الثنائي وأهم عوامل إسقاط ما يسمى صفقة القرن. وعلى ذلك، وبالمختصر المفيد، دونالد بلوم تهديد مؤكد لتجريم التطبيع، التجربم الذي تعاديه السلطة الفلسطينية أيضا. وهو هنا لحماية حل الدولتين وتأمين الاتجاه التطبيعي ومحاولة إنجاح هذا الجانب من صفقة القرن الذي نسميه صفقة التطبيع بما يعنيه من منع لتجريم التطبيع، بل تجريم مقاومة التطبيع والتمهيد للتطبيع قبل وبعد انتخابات تونس لسنة 2019 على اعتبار انه سيساومنا على أمننا في علاقة بالملف الليبي والجزائري ويساومنا بموضوع السلطة في تونس ويساومنا بالاقتصاد والصناديق الدولية ويساومنا باتفاقية الشريك الإستراتيجي من خارج حلف الناتو لمزيد تركيع الشعب واقناعه بالركون ومزيد ارضاخ نظام الحكم المتهاون اصلا، وخاصة وتحديدا قبل سنة 2022 بمقتضى التعهدات التطبيعية التي أطلقها نظام الحكم والخاصة بالتطبيع الرياضي والثقافي تحديدا.

صلاح الداودي