أضيف بتاريخ: 12 - 08 - 2018
أضيف بتاريخ: 12 - 08 - 2018
سجلت الليرة التركية اليوم الأحد 12 اوت 2018 انهيارا حادا حيث شهدت أدنى مستوى لها أمام الدولار منذ عام 2001، في أحدث حلقة من مسلسل الانهيار الكبير العملة، الذي يمكن تفسيره بشكل رئيسي إلى سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان القريبة والبعيدة.
الأسباب القريبة والبعيدة لانهيار الليرة التركية :
الأسباب القريبة :
سجلت العملة التركية 7.24 ليرة للدولار الواحد، نتيجة مخاوف المستثمرين المتعلقة بمحاولة أردوغان التدخل في الشأن الاقتصادي، وتفاقم الأزمة بين أنقرة وواشنطن في علاقة بالقس الأمريكي برونسون الذي احتجزته السلطات الأمريكية بسبب شبهات الإرهاب والجوسسة لمدة قصيرة قبل أن تطلق سراحه تحت التهديد شديد اللهجة من دونالد ترامب الاسبوع الفارط مما ساهم في فقدان الليرة التركية ل 20 في المئة من قيمتها أمام الدولار.
وهوت الليرة، الجمعة، لتصل إلى 6 مقابل العملة الأميركية، بعد تصريحات للرئيس التركي طلب فيها من مواطنيه دعم العملة الوطنية ببيع الدولار وشراء الليرة، وبتأثير أيضا من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع الرسوم على واردات الألمنيوم والصلب من أنقرة.
وفقدت العملة التركية 70 في المئة من قيمتها منذ بداية العام، رافعة كلفة البضائع بالنسبة للمواطنين الأتراك، كما اهتزت ثقة المستثمرين في البلاد.
وبدأت رحلة انحدار الليرة التركية من عام 2016، بعد محاولة الانقلاب، وانتهت السنة بتراجع للعملة أمام الدولار وصل إلى 3.53. وفي العام 2017، واصلت الليرة انحدارها إذ وصلت إلى 3.81 مقابل الدولار.
ويرد خبراء انهيار الليرة لأسباب عدة، أبرزها أجواء الشك التي تسود الاقتصاد التركي وتقلق المستثمرين، نتيجة الضغوط التي يمارسها أردوغان على البنك المركزي لعدم رفع أسعار الفائدة من أجل الاستمرار في تغذية النمو الاقتصادي خدمة لأجنداته أجندات حزبه العدالة والتنمية قبل الانتخابات القادمة في نوفمبر 2018 وهو ما يؤدي دائما الى نمو اقتصادي ظرفي ومغشوش قد يحقق بعض الفائدة المؤقتة لكن غالبا ما تكون له عواقب وخيمة في المدة القادمة وهو ما وقع فيه الإقتصاد التركي المفتوح والمرتبط خاصة باقتصاديات الولايات المتحدة الأمريكية والأتحاد الأوروبي ومرتهن لمواقف تركيا السياسية من هذه القوى وارتباطاتها في المنطقة حيث أثرت الأزمة الأخيرة بين امريكا وتركيا مباشرة على الاقتصاد التركي خاصة بعد قرار ترامب ترفيع الأداءات على الحديد والصلب التي تستوردها أمريكا من تركيا.
هذه القرارات السياسية المرتجلة والخادمة لحزب العدالة والتنمية على حساب مصالح الشعب التركي وخاصة تعيينه لصهره وزيرا للمالية في الآونة الأخيرة جعل الاعتقاد يسود بأن البنك المركزي غير مستقل،كما قوّضت تصريحاته توقعات المستثمرين بإقدام المركزي على رفع الفائدة.
الأسباب البعيدة :
في علاقة بالأسباب البعيدة فهي تتعلق أساسا بالسياسات التركية الخارجية خاصة في المنطقة العربية في ظل استعادة بعض الاقتصاديات العربية لعافيتها خاصة مصر وسوريا التي استفادت تركيا مباشرة من الحرب الدائرة على أراضيها منذ سبع سنوات خاصة بعد سيطرة الإرهابيين حلفاء تركيا على منابع النفط والغاز وبيع هذه الفصائل الغاز السوري بأثمان بخسة لتركيا وبواسطة مباشرة من بلال أردوغان نجل الرئيس التركي وهو ما ساهم في إنهيار اسعار الطاقة وتضرر الدول المنتجة لها هذا بالإضافة إلى إستعادة الجيش العربي السوري لمناطق حدودية مهمة واستراتيجية مع تركيا خاصة بعد تحرير حلب.
انعكاس إنهيار الليرة التركية اقتصاديا وسياسيا على تونس :
الانعكاسات الاقتصادية :
بطبيعة الحال هذا الانهيار في الليرة التركية لن يمر مرور الكرام على الوضع الاقتصادي والسياسي في تونس خاصة في ظل العلاقات الإقتصادية الكبيرة بين البلدين والتي تعود خاصة الى 2005 قبل أن تشهد انفتاحا أكبر خاصة في فترة حكم الترويكا التي سهلت اجتياح البضائع التركية للأسواق التونسية مما أدى إلى خلل كبير في الموازنات الاقتصادية نظرا لعدم تكافئ الصادرات والواردات مما أدى الى فقدان 400 ألف موطن شغل وبطبيعة الحال ستكون لهذه الازمة عواقب وخيمة في صورة عدم اسراع حكومة الشاهد لإيجاد الحلول عبر إعادة الاتفاقات التونسية التركية لأجل إحداث نوع من الموازنة وهو ما نستبعده من قبل الشاهد وحكومته.
الانعكاسات السياسية :
اما سياسيا فإن ارتباط حركة النهضة عضويا وفكريا بتركيا سيؤثر مباشرة في هذه الحركة خاصة مع التمويلات الكبيرة التي تتلقاها هذه الحركة من حزب العدالة والتنمية واتكاءها عليها سياسيا وإعلاميا وهو ما يفسر دعوة قيادات الإخوان مؤخرا وخاصة أبو يعرب المرزوقي التونسيين إلى إيداع أموال الزكاة في المصارف التركية قبل إعادتها لتونس وهو ما يعكس حجم الأزمة التركية وانعكاسها مباشرة على تونس.
إن هذا التأثير والتأثر في علاقة بالاقتصاد التركي مرده ارتباط هذت القطر بأمريكا والغرب بصفة عامة وارتباط تونس بتركيا وهذا ما يطرح مسألة السيادة الوطنية بالنسبة لكل قطر ودورها في تحديد الأوضاع الداخلية من جميع النواحي.
محمد ذويب