أضيف بتاريخ: 04 - 08 - 2018
أضيف بتاريخ: 04 - 08 - 2018
أكد “قانون يهودية الدولة” الذي صادق عليه كنيست العدو الإسرائيلي، القانون العنصري وباجماع عالمي بما فيه من داخل الكيان وكذلك حلفاء الكيان، وكما هو بين على وجه الخصوص في بنديه الخامس والسادس، أكد على التطبيع على انه صهيونية وانتشار صهيوني خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة التي يسيطر عليها الكيان وتعاملا معه واعترافا به على معنى الاعتراف بالكيان كيهودية دولة أمة قومية عبرية عنصرية هذه المرة، أي كتنظيم صهيوني عسكري – أمني وهوياتي- لغوي وتاريخي- مستقبلي ودولتي- دولي وسياسي- ديبلوماسي وقطري- قومي …الخ، يحق له الامتداد في المنطقة العربية والإسلامية كحركة قومية صهيونية كما كان واشتغل دوما. وثبت هذا الهدف الأخطر والأكثر تهديدا في البند السابع الذي ينص على “التواصل مع الشعب اليهودي في الشتات: تعمل الدولة بقوة على تعزيز أواصر الصلة بين إسرائيل واليهود في الشتات. تساعد الدولة اليهود الذين يعانون المحن أو الأسر في أنحاء العالم.”).
يرفع هذا البند بالذات وتحت أي ذريعة أو غطاء تعموي أي لبس عن حقيقة التوجيه الخارجي المملى من طرف رعاة ما يمسى الانتقال إلى الديمقراطية وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي. كما ويرفع وهم الخداع نهائيا عن المطبعين المتذاكين قولا واحدا ويعري ميولات وتواطؤ نخب الاستعمار التي تستعملها البنوك الدولية كشروط لقبول الوصاية على طلاب التبعية والعبودية الارادية. وبالتالي لم يعد من الممكن البتة الفصل بين يهودية الكيان والصهيونية ولا يمكن أبدا فصل هذا الكيان عن الصهيونية ولا فصل بين يهود الدولة ويهود الشتات الموالين للدولة والبيئة الحاضنة لمصالحها وللمطبعين في الخارج، أي في المحيط الإقليمي والدولي.
قد تعني يهودية الدولة بهذا المعنى خيبر والبتراء وجربة…الخ. وقد تعني سعودية الدولة وبحرينية الدولة وقطرية الدولة حتى لا نقول يهودية المغرب ويهودية الإمارات…وهكذا بمعنى يهودية دولة الأردن ويهودية دولة تونس… وهلمج. ومؤخرا جدا يهودية العراق وعراقية اليهود في إشارة إلى تغني الاعلام العبري بنزول المدعو جمال الضاري ابن حارث الضاري ضيفا على كيان العدو الإسرائيلي.
عند هذه الحدود، من الواضح جدا ان قانون يهودية الدولة هو الأساس القانوني لصفقة القرن والقاعدة التشريعية الشاملة لحق التطبيع كما يراه الصهاينة وزبانيتهم من المطبعين في كل مكان. وربطا بذلك تعمل عدة دول أو لنقل بعض مكلفي بعض الدول بالمهمات القذرة، تعمل على تحضير أسس قانونية ومناخات ثقافوية وسياسية رديفة وممهدة لنفس الهدف الإستراتيجي الا وهو تصفية قضية فلسطين والحق العربي والاسلامي والإنساني العالمي، باختصار، في تحرير فلسطين.
في هذا الإطار نفهم مطالبة الصهاينة ومن والاهم بالاعتراف ب”دولة إسرائيل” مقابل تحسين ظروف حياتهم المعيشية، وكذا دول التبعية والتطبيع التي تسارع إلى إجراء “الاصلاحات” – الاستباحات وإمضاء الاتفاقيات وإطلاق التعهدات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والرياضية والثقافية وملائمة تشريعات حرياتها الجديدة لتيسير ظروف الانتداب المريح عن طريق المشغلين الموجهين والمانحين الدوليين والاقليميين ظنا منها ان سنة 2022 على أقصى تقدير سيكون كل شيء قد تم وأصبح التطبيع أمرا طبيعيا.
في هذا الإطار أيضا نفهم السعي المحموم المشبوه يقينا لما يسمى تقرير المدعوة لجنة الحريات الفردية والمساواة في تونس (من الصفحة 83 إلى الصفحة 86) لإلغاء الفصل 14 من قانون الجمعيات من مرسوم 24 سبتمبر 2011 المنظم لعمل هذه الجمعيات بدعوى أكثر من تافهة وهي التدخل في شؤون الغير، كما لو ان أهداف الجمعيات طبقا لانظمتها الأساسية أهداف من دون نتائج وكما لو ان القوانين تتيح حقوقا دون حقوق. يقول سيء الذكر المسمى تقريرا بشكل وقح جدا انه “يمكن استغلال هذا الحق للتدخل في الحياة الخاصة والاختيارات الفردية للغير.” ويضرب كامثلة على ذلك قضايا التطبيع مثل قضية وكالة الأسفار وقضايا عروض الأفلام والمسرحيات (وهي بالمناسبة أعمال تطبيعية خيانية عدائية لا وطنية تمنع وتتم مقاطعتها على مدار مدى كل تاريخ تونس منذ أيام الثعالبي لنفس الأسباب ويتم تبريرها عند شرذمة مبرريها بنفس المبررات، وأهم مثال على ذلك فيلم “الأرض الموعودة”). وهناك يمكن العودة لمقالنا المنشور في الميادين نت بتاريخ 2 مارس 2018 تحت عنوان “حين كانت تونس قبل الاستقلال مع فلسطين”. ويمكن على نحو جازم الربط ما بين دستور واحد جوان 1959 ووثيقة الحال، وثيقة 1 جوان 2018 (وكاننا امام تدارك او تصحيح تاريخي أو حتى انتقام راهن) لتشريع التطبيع بعد أكثر من 60 سنة وخاصة بعد 2011 وفتح ثغرة تسمح بالتعامل مع العدو الإسرائيلي باسم تقرير الحريات الليبرالية الفردية والأكاديمية والثقافية والهوياتية…الخ. تدعي هذه اللجنة بشكل همجي ومروع من الصلف والعدوانية ومن الوقاحة والحقد المثير للاشمئزاز المزدري لكرامة وضمير وعقيدة اغلبية التونسيين الساحقة ان في ذلك ضجيج اعلامي وتدعي بشكل فاشي استعلائي وهو في الحقيقة استعماري انبطاحي كون ذلك هرسلة لصورة الحريات، بالطبع عند أرباب هذا الغرب الاستعماري المحتل لبعض العقول والقلوب.
هذا وتدعو لإلغاء الفقرة 2 من الفصل 37 م.ا.ح من مرسوم 16 فيفري 2016 الذي أضاف هذه الفقرة إلى هذا الفصل وتهذي بدولة تطبيع أو حتى دولة أفراد أو دولة استباحات فردية بمعنى دولة مطبعين وخونة وعملاء تؤسس لاولوية الحق الفردي المطلق السائب على أولوية الحق الوطني السيادي العام والجماعي المقيد لسلوك الأفراد في كل ظرف وفي أدق التفاصيل حيال قضايا الأمن القومي للبلد والجماعة الوطنية بل حيال أهم قضاياه وقضايانا بعامة وقضية الإنسانية جمعاء على مدى العصور ومستقبلا. تحاول هذه اللجنة وهذا التقرير بشكل يائس بائس ناعم تمرير ما لم يمر بالعدوان والحرب وملايين الشهداء وتنخرط في جوقة مساعي أعداء الإنسانية تغيير مفاهيم المقاومة والحقوق والاجىء على سبيل المثال كما تسعى الإدارة الامريكية وتغيير واقع المقاومة وحقيقة الاحتلال وتعمل على فرض التطبيع على شعوبنا وعلى أحرار العالم بالخدع السمجة السوداء الظلامية والظالمة لكل مسارات الاستقلال والتحرر والصفقات الإرهابية الإجرامية المتواصلة (وهنا يمكن تطبيق ادعاءاتها حول الحقوق الفردية على الإرهاب وتمجيد الاستعمار)، ولكن، هيهات، لا مستقبل لتونس التي يريدونها في محور الإرهاب والتبعية والتطبيع الذي عانت منه ومن دعاته وتعاني الويلات.
صلاح الداودي