أضيف بتاريخ: 13 - 03 - 2018
أضيف بتاريخ: 13 - 03 - 2018
تغيرت التوازنات في الخارطة العامة للسياسة الدولية. مما أحدث رعبا لدى القوى المتضادة مع منطقة الشرق الأوسط أساسا، حيث أضحت الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل وفق حاجيات مصالحها التي تقتضي فرض الأمر الواقع من مدخل الاستقرار في المنطقة. انطلق فرض الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط منذ مشروع كوندوليزا رايس في مرحلة حكم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن لمحاولة تكريس القدرة على الهيمنة والانتصار على العالم وفرض الشروط على حلفاء أساسيين في أوروبا وآسيا. اختارت الإدارة الأمريكية الاعتماد على تنفيذ برنامجها الأمني والسياسي في منطقة الشرق الأوسط والذي يشمل مجموعة من الأولويات الضرورية للارتباط الأمريكي في المنطقة. ولكن ذلك لم يعد كافياً في إحداث التغيير المطلوب في المنطقة. فهي لا ترغب في محاربة التهديدات التي تواجهها فقط ولكن رغبتها تشمل أيضاً تغيير الديناميكيات الإقليمية التي تأتي بمثل هذه التهديدات. فكان عليها أن تتابع الركائز الإضافية في سياستها المتعلقة بدول الشرق الأوسط.
فيما يتعلق بالإطار النظري للإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، تم توظيف نظرية القوة في الإستراتيجية التي تقوم على السلوك الإستراتيجي الأمريكي الفعلي في هذه المنطقة، حيث يبرز هدف الإدارة الأمريكية الذي تسعى لتحقيقه في ضوء المصالح الحيوية لها في هذه المنطقة لما تتمتع به من مميزات إستراتيجية. تنبع كافة المصالح والأهداف الأمريكية من هدفها الرئيسي المتمثل قي ضمان وتأكيد الهيمنة على العالم بأسره وفرض امركة باقي الهويات. وتجري عملية صنع القرار وبناء هذه الأهداف من خلال المؤسسة المسؤولة عن صنع الإستراتيجية الأمريكية التي يمكن تقسيمها إلى: مؤسسة الرئيس – الكونجرس – مجلس الأمن القومي – وزارة الدفاع – المؤسسات الأمنية – وزارة الخارجية.
تمثل الإدارة الأمريكية الوجه البيروقراطي بامتياز داخل النظام المؤسساتي للدولة الأمريكية، حيث نجد مؤسسة بنك الأكزيم بنك (Eximbank)، البنك الأمريكي المتخصص في تمويل الصادرات، البنك الذي تهدد مجموعة من أعضاء الكونغرس بغلقه رغم أن كل الدول الكبرى المصدرة تمتلك مؤسسات مماثلة تدعم صادرتها. قدمت الصين للولايات المتحدة خلال السنتين الأخيرتين قروضا للتصدير بقيمة 670 مليار دولار، بينما قدم الإكزيم بنك 570 مليار دولار منذ سنة 1934، وهي السنة التي تأسس فيها على يد الرئيس فرنكلين روزفلت.
مثل التعصب الأيديولوجي للكونغرس وانعدام الكفاءة الإدارية في وزارة المالية الأمريكية السبب الذي أدى إلى حرمان الولايات المتحدة من أداة هامة للتأثير في سياسات أمريكا الجنوبية، التي تعتبر حسب تأكيدات المسؤولين الأمريكيين “أولوية مطلقة للبيت الأبيض”.
هذا وتمارس الأحزاب الكبرى عرقلة ممنهجة ضد كل اتفاق للتبادل الحر مع دول أخرى وتمتنع عن تمويل المؤسسات الدولية. ولذا، فإن الولايات المتحدة في المستقبل لن تكون في وارد مسك زمام الأمور في النظام الاقتصادي العالمي.
ان الخطر الذي يهدد التفوق الأمريكي في العالم لا يأتي من بكين (الصين المنافس الصريح للولايات المتحدة الأمريكية)، بل يقبع في العاصمة واشنطن، في داخل الكونغرس الذي أصبحت خلافاته الداخلية وحساباته الايديولوجية تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي.
سيف سالم