التقرير الدوري لمركز الدراسات الأمريكية والعربية

أضيف بتاريخ: 16 - 12 - 2017

         
 
المقدمة:   
       من المقرر أن يعلن الرئيس ترامب عن ملامح “إستراتيجية” أميركية جديدة، مطلع الأسبوع المقبل، بعد طول إنتظار وترقب، لناحية تضمينها المتغيرات الدولية المتسارعة من عدمها، والدروس المترتبة عليها.
         سيستعرض قسم التحليل تقرير ترامب “للإستراتيجية الوطنية الأمنية،” وما رشح منها للحظة يقود المرء للقول بأنها “وثيقة سياسية” أبعد ما تكون عن تحديد معالم سياسة أشمل؛ يرمي من ورائها الرئيس ترامب اختتام العام الجاري بوثيقة تفرض نفسها على رأس سلم أولويات الجدل والإهتمام الإعلامي، ولتفادي موجة الأزمات والملاحقات القانونية التي تقترب من نواة القرار السياسي – شخص الرئيس الأميركي.
ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث
الصواريخ العابرة للقارات
        أعادت مؤسسة هاريتاج المخاوف “التقنية” من الصواريخ العابرة للقارات المتجهة إلى الأراضي الأميركية بأن ما يفصلها عن إصابة أهدافها فترة زمنية وجيزة لا تتعدى “ثلاث وثلاثون دقيقة .. من أي مصدر في الكرة الأرضية؛ لتجنب الكارثة، إن حالفنا الحظ.” وأضاف أن “استعراض القوة والتهديد بالحرب من قبل كوريا الشمالية، فضلاً عن أماكم أخرى ملتهبة في العالم، لا نملك ترف التظاهر بأن هذا التهديد غير حقيقي.” وأضاف في ذات السياق بأن القنبلة النووية التي فجرتها الولايات المتحدة فوق أجواء هيروشيما، 1945، كانت “قوتها التدميرية تقاس بنحو 15 كيلو طن من مادة تي أن تي للمتفجرات، بينما بلغت قوة التجربة الكورية في شهر اكتوبر الماضي 250 كيلو طن.”
http://www.heritage.org/missile-defense/commentary/taking-better-shot-missile-defense
إعلان القدس
        استعرض مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية “التداعيات الإستراتيجية” للإعلان الأميركي حول القدس بأنه “سيلحق الضرر بالمصالح الإستراتيجية لكل من إسرائيل والولايات المتحدة؛ نتيجة إلحاقة خطر جدي بتلك المصالح في العالم العربي، ومنح إيران وحزب الله وروسيا الفرصة لإستغلال موجة الغضب والإنقسامات.”  وشدد على أنه “لم نكن بحاجة لسبب دنيوي لإثارة (غضب) العالم العربي .. وما كان يتعين على الرئيس ترامب القيام به لمساعدة إسرائيل هو التغاضي عن خطابه الإنتخابي وكذلك الإبتعاد عن الصقور في المشهد السياسي الإسرائيلي.”
https://www.csis.org/analysis/strategic-impact-making-jerusalem-capital-israel
       
        بينما رحبت مؤسسة هاريتاج بإعلان الرئيس ترامب الذي له ما يبرره “والدفاع التام عنه ديبلوماسياً.” وأضافت أن الإعلان “صحّح مفارقة صارخة بالتعاطي الديبلوماسي الأميركي بعدم الإعتراف الرسمي بالعاصمة المختارة من قبل دولة أخرى كاملة السيادة .. حليفتنا الأقرب والصديقة في فوضى الشرق الأوسط.” ومضى بالقول أن الإعلان “لا يمس بأي صفقة سلام مقبلة بين اسرائيل والفلسطينيين.”
http://www.heritage.org/middle-east/commentary/jerusalem-move-just-capital-idea
 
        في مقال آخر، اعتبرت مؤسسة هاريتاج قرار الرئيس ترامب بأنه “وفاء منه لوعوده الإنتخابية .. واستجابة للظلم التاريخي الذي لحق بإسرائيل وهي الدولة الوحيدة في العالم غير مسموح لها باختيار عاصمتها.” وزعمت المؤسسة أن “.. رفض عدد من دول العالم الإعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل شكل جزءاً ملازماً للحملة العالمية لنزع الشرعية عن إسرائيل.”
http://www.heritage.org/middle-east/commentary/what-trumps-decision-jerusalem-means-israel-and-the-middle-east
 
سوريا
        فنّد معهد كاتو توقعات الساسة والإعلاميين الأميركيين حول “ديمومة” داعش قائلاً “انهارت الدولة الإسلامية، بكل المقاييس تقريباً، في معقلها بسورية وفي العراق أيضاً .. لا داعش بعد اليوم.” وأوضح ان “جوقة الصحافيين والمحللين قضوا سنوات عديدة يصرّون على أن التقدم لن يحدث ابداً دون الإطاحة بنظام بشار الأسد، الذي لا يزال واقفاً.” واضاف ساخراً من “جوقة صناع القرار إذ أكدوا منذ زمن بازدهار الدولة الإسلامية في سوريا طالما بقي حكم الأسد لأن الجيش العربي السوري كان جزءأ من الآفة عينها .. حينئذ إلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامية ليس ممكناً أو مرغوب به.” وأشار المعهد الى خطل مزاعم وتوقعات الثنائي المتشدد في قيادة الحزب الجمهوري، جون ماكين وليندسي غراهام، بتأكيدهما أن “إلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامة يستدعي إلحاق الهزيمة ببشار الأسد.”
https://www.cato.org/publications/commentary/pundits-were-wrong-about-assad-islamic-state-usual-theyre-not-willing-admit
 
        لفت معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الأنظار لمصير القوات العسكرية الأميركية في سوريا “والعقبات المحتملة” أمام بقائها، بعد الإعلان الأميركي الرسمي أن تعدادها بلغ “2000 جندي مقاتل في سوريا.” وأضاف أنه إستناداً للتقارير الميدانية التي تشير إلى “.. انتهاء العمليات العسكرية التقليدية ضد داعش بشكل أساسي وتنامي القلق الدولي من إيران، نجد أننا أمام إهتمام متزايد لمستقبل الوحدات الأميركية التي يقدر تعدادها والقوات المساندة لها من قوات سوريا الديموقراطية بنحو 40,000 إلى 50,000.” وعن “العقبات” المحتملة أمام القوات الأميركية، أوضح المعهد أنها تشمل “.. توضيح طبيعة مهامها ووضعها القانوني ورسم خريطة للجغرافيا الديبلوماسية المطلوبة للحفاظ عليها.”
http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/u.s.-troop-deployment-in-syria-potential-pitfalls
 
التحليل:

نظرة أولية على
استراتيجية ترامب للأمن القومي

        بعد غياب ملحوظ عن الأضواء برز مستشار الأمن القومي هيربرت ماكماستر على منابر عدد من مراكز الأبحاث والقنوات الإعلامية، منذ مطلع الشهر الجاري، للترويج لـ “استراتيجية جديدة للأمن القومي،” من أبرز عناصرها “.. ضرورة مواجهة أميركا لروسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية؛” والتي سيعلن عنها الرئيس ترامب رسمياً يوم الإثنين، 18 كانون الأول / ديسمبر الجاري.
        وينتظر أن تحدد الإستراتيجية أبرز التهديدات العالمية التي تواجه الولايات المتحدة بـ “..الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران والإرهاب الجهادي.”
        يشار إلى أن إدارة الرئيس ترامب أعلنت مطلع العام الجاري عن انكبابها الإعداد لعناصر استراتيجية جديدة، عقيدة ترامب، بالتزامن مع بدء عمل مستشاره الجديد لشؤون الأمن القومي، ماكماستر، آذار / مارس الماضي؛ محورها التصدي لمصادر تهديد الأمن القومي الأميركي.
        اللافت هذه المرة هو تضمين ترامب وفريقه تنظيم الإخوان المسلمين إلى جانب منظمات “الإسلام المتطرف – الراديكالي،” أوضحها ماكماستر في لقاءاته بأنها “الجناح القطبي” في تنظيم الإخوان، وضرورة عدم تهيئة الظروف للعودة إلى “نموذج (الرئيس) مرسي.”
        حري بالذكر أن الإعلان الرسمي عن “وثائق” ومذكرات يرافقها حملات إعلامية محورها هو “للاستهلاك العام،” كما أثبتت التجارب المعاصرة، وأبعد ما تكون عن محطات حقيقية لسياسة خارجية تنتظر التطبيق. وما حملات التهيئة للإعلان إلا للتكامل مع قرار استصدره الكونغرس عام 1986، وصادق عليه الرئيس الأسبق رونالد ريغان، لوضع النخب السياسية والفكرية في مناخات تفكير الإدارات الجديدة ونواياها لرسم معالم سياساتها الخارجية. بل من “النادر” إعلان إدارة جديدة عن عناصر تلك الوثيقة في السنة الأولى من ولايتها الرئاسية.
        أولى محطات ماكماستر كان “منتدى ريغان للدفاع الوطني،” بالقرب من مدينة لوس انجيليس، 3 الشهر الجاري؛ مروراً بلقاء مع نظيره البريطاني مارك سيدويل، 12 ديسمبر؛ وأحدثها يوم الأربعاء، 13 الشهر الجاري، مكرراً عناصر “الإستراتيجية” مراراً بالقول أنها ستركز على حماية الأراضي الأميركية وتعزيز الرخاء والحفاظ على السلام من خلال القوة.
وأوضح أنها تتمحور حول “.. نقاط أربع: حماية المواطنين والأراضي الأميركية؛ العمل على إزدهار البلاد عبر تنمية التبادل التجاري والتوسع في الإنتاج؛ المحافظة على السلام العالمي بما يستدعي استخدام القوة لمواجهة الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية؛ ومكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط (وفق يومية وول ستريت جورنال 4 ديسمبر 2017).
        قبل الدخول في متاهات وثيقة سربت قبل الإعلان الرسمي عنها، من قبل طاقم مجلس الأمن القومي عينه، نشير الى الشكوك التي رافقتها كواجهة لإنقاذ ترامب وإدارته من هفوات ومطبات من صنع يديها.
        علقت يومية واشنطن بوست، 12 أيلول 2017، على ما رشح منها لحينئذ بالقول أن ما يتيسر يضع الإدارة أمام “خيارات ثلاث لصياغة وثيقتها: استراتيجية تقليدية؛ أو استراتيجية خاصة بترامب – أميركا أولاً؛ أو كاستراتيجية صادقة.” واستدركت بالقول أن كافة تلك الخيارات “ستأتي مخيبة للآمال .. وربما إهتدينا الى منطقة مظلمة بين (الرئيس) ترامب وماكماستر أكبر مما كنا نعتقده.”
        وحثت الصحيفة، وما تمثله من امتدادات داخل المؤسسة السياسية والعسكرية، إدارة الرئيس ترامب توخي الصدق والنزاهة  “والإقرار بأنه لا يتوفر لديها استراتيجية متماسكة للأمن القومي؛” عللت نصيحتها بما أسمته “انقسامات متعددة داخل فريق السياسة الخارجية .. فمدى إنصات الرئيس لا يتعدى مقاس ذبابة وينظر لمجمل القضايا من زاوية عقد الصفقات.”
        وفي ذات السياق المتشكك من نوايا البيت الأبيض، خلصت دراسة أجراها معهد كارنيغي، 13 ايلول 2017، الى القول أن “الإستراتيجية” المزمعة غير مجدية ولن تترك أثراً يحتذى به، إذ أن المسألة الجوهرية تكمن في قدرة الإدارة على “التوفيق بين فريقين متباينين لسياستها الخارجية – التقليديين بزعامة ماكماستر، وفريق متشدد القومية يضم كبير مستشاري الرئيس وكاتب خطاباته ستيفين ميللر.”
مضامين الوثيقة
        بالنظر الى جهود الرئيس اوباما فقد أصدر “عقيدته” في نسختها الثانية بتاريخ 6 شباط /فبراير 2015 معلناً أن الهدف هو “لرسم معالم المباديء والأولويات التي ترشد استخدام القوة الأميركية ونفوذها في العالم؛” مذكراً بالدور القيادي لبلاده “94 مرة.” ما ميّز وثيقة اوباما هو الإقرار بالتحول في “دور الولايات المتحدة من المساعد والمحفز على العمل في المؤسسات الدولية الى دور يعكس الحضور القيادي داخل تلك المؤسسات وكذلك مع الدول الأخرى ..”
        ما يستدل من “عقيدة ترامب” المقبلة هو ميل الفريق المكلف بإعدادها الى القوة العسكرية، أبرزهم مستشاره للأمن القومي هيربرت ماكماستر ونائبته (دينا سكادلو) المعروفة في أوساط شؤون الأمن القومي بترجيحها استخدام “القوة العسكرية لبسط السيطرة السياسية .. العنصر الأساسي للحرب وتحقيق الإنتصار،” كما جاء في كتابها الحرب وفن الحكم، آذار 2017. ما يعزز تلك النزعة العسكرية إدراج بند يتعلق بعسكرة الفضاء الخارجي، واستطراداً الحرب الإلكترونية، ويعيد إلى الأذهان مشروع الرئيس ريغان الخيالي “حرب النجوم.”
        وفي التفاصيل أوضح “مسؤول رفيع في البيت الأبيض” عن تلك التطلعات بالقول “ما نحن بصدده هو الإشارة إلى قدراتنا المتجددة، ليس في البعد النووي أو في الفضاء الخارجي أو حتى في البعد الإستخباراتي فحسب، بل فيما يتعلق بالقدرات المعلوماتية” بشكل أشمل “وهذا يستوجب تحديث قواتنا النووية، التي يعتبرها الرئيس على رأس مهام أولوياته إلى جانب مضاعفة الإنفاق على الدفاعات الصاروخية.”
        وأضاف لنشرة فري بيكون الإلكترونية، 15 ديسمبر، أن “عدداً من عناصر الإستراتيجية تم تبنيها من خطابات الرئيس ترامب في حملته الإنتخابية .. البنود الأربعة تعكس تصريحات الرئيس ترامب العلنية لأولوية أميركا وإزدهارها وكذلك كأكبر قوة للخير في العالم.”
        بالمقارنة، تمحورت “عقيدة” الرئيس جورج بوش الإبن، 2006، حول “نشر الديموقراطي حول العالم،” مما يستدعي سياسة إنفتاحية؛ بينما تضمنت “عقيدة أوباما” نصوصاً صريحة حول مخاطر التغير المناخي؛ أما ما يُستدل من “عقيدة ترامب” فهو الإقلاع التام عن تلك الأهداف والدفع باتجاه التحرك المنفرد للولايات المتحدة غير عابئة بالعزلة الدولية التي ترافقها، كما دلت عليه البنود الأساسية الآربعة سالفة الذكر.
        ترويج مستشار الأمن القومي للوثيقة لم يلق استحساناً من بعض ركائز النخب الفكرية والسياسية. ووصفت اسبوعية ذي أتلانتيك قوة الدفع للإدارة الأميركية  بأنها على تضاد مع القيم السابقة للرئيسين جورج بوش الإبن وباراك اوباما. عقيدة ترامب، وفق النشرة، تعتبر توفير الإزدهار للشعب الأميركي ظاهرة “ينبغي حمايتها وليس توسيع نطاقها؛ السوق الإقتصادية الدولية هي منافس وليس شريك” محتمل لتحقيق الأهداف المنصوص عليها (12 ديسمبر).
        الأستاذ الجامعي المرموق ستيفن وولت إعتبر الوثيقة تمريناً ذهنياً للنخب الفكرية ولا يعوّل كثيراً عليها “نحن معشر الأكاديميين نرحب بتلك الوثائق كونها توفر لنا الفرصة لتصويب مهاراتنا الفكرية ضد هدف ثابت.” وأوضح أن صياغة الوثيقة عادة ما توكل لفريق من النخب أو الكتبة المتعاقدين، بينما دور الرئيس في صياغتها قليل إلى معدوم. بيد أن ذلك لا ينفي القيمة المتضمنة لآلية التفكير وصنع القرار السياسي والأهداف العليا.
        بالعودة إلى “المسؤول الرفيع في البيت الأبيض” علق على دور الرئيس بأنه “منخرط بشدة لإقرار الإستراتيجية، وهو أمر غير معتاد لوضعها حيز التنفيذ في السنة الأولى للولاية الرئاسية.”
المستشار البريطاني سيدويل أكد في كلمته بصحبة ماكماستر، 12 ديسمبر، على الدور الريادي للولايات المتحدة التي “.. ستبقى زعيمة العالم الذي لا غنى عنه؛ وستستمر تلك المعادلة، إنني واثق، على امتداد القرن الحادي والعشرين.”
        العلاقة التي تربط الرئيس بمستشاره لشؤون الأمن القومي قضية بالغة الأهمية، إذ يجد المرء اعتماداً مفرطاً لبعض الرؤساء على مجلس الأمن القومي، كالرئيس ريتشارد نيكسون، بينما وضعه آخرون على الرف كالرئيس هاري ترومان. أما في حال الرئيس دونالد ترامب، فاختياره لماكماستر لم يكن برغبة ذاتية بل جاء على خلفية “استقالة” مستشاره السابق مايكل فلين. ترامب يولي أهمية أكبر لوزارة الدفاع ويصغي لوجهة نظرها فيما يتعلق بالخيارات الإستراتيجية، واستطرادا فإن ماكماستر الآتي من صفوف القيادات العسكرية المتمرسة يحظى برعاية وتأييد الرئيس.
        الإستراتيجية المسرّبة حملت عناوين عريضة لإرضاء الكونغرس بمجلسيه، بشكل أولي، ورقعة إمتداد نفوذه على النخب الفكرية والإعلامية على السواء.
        العداء لروسيا والصين كان من أبرز العناوين واللتين اعتبرهما ماكماستر “تقوضان الأوضاع العالمية السياسية والاقتصادية والأمنية، لما بعد الحرب العالمية الثانية، على حساب مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.”
أما روسيا، بشكل خاص، فاعتبرها “تشكل تهديداً للولايات المتحدة بتطويرها جيل جديد” من الأسلحة ؛ الأمر الذي أعتبر بأنه إشارة للمزاعم بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية.
واستدرك لاحقا لطلب مساعدة كلا من الصين وروسيا “.. لقطع الطريق على إيران وتأييد الجهزد العالمية للحد من انتشار الأسلحة النووية.”
        إيران وكوريا الشمالية، وفق تعريف مستشار الأمن القومي، تمضيان قدماً في “انتهاك سيادة جيرانهما، والسعي الدؤوب لامتلاك أسلحة الدمار الشامل وتصديرها لدول أخرى.”
        كما أتى ماكماستر على تجديد التعهد الأميركي “بمحاربة الإرهاب،” مستثنيا السعودية التي “دعمت بعض المجموعات المتطرفة في السابق (لكنها) التزمت بمحاربتها كما شهدنا في تأسيسها لمركز مكافحة الإرهاب في الرياض، وافتتاحه بحضور الرئيس ترامب.”
        أما “الارهاب” فيمثله “الفكر المتطرف .. ويسعى لمد جسور بين منطلقاته المتشددة والإسلام السياسي.”
        وربما هي المرة الأولى في الخطاب السياسي الأميركي الذي يذكر “تنظيم الإخوان المسلمين” بالإسم مناشدا بعدم “العودة (لدعم) نموذج مرسي.” وفي التفصيل خص ماكماستر “الجناح القطبي،” نسبة إلى سيد قطب، الذي أضحى “يهدد شركاء اساسيين لنا مثل مصر والأردن، وينشط بحرية في سوريا.”
        هل يستدل المرء على “انعطافة” في الموقف الأميركي من “الإسلام السياسي؟” ربما، لكن الثابت أن واشنطن “استفادت من دروس الماضي القريب” بعد مراهنات جدية على تسيّد وتوكيل تنظيم الإخوان في الإقليم، وما رافقه من انتكاسات وخسائر في الساحة السورية الأبرز، ودخول القوات الأميركية مباشرة أرض المعركة عوضاً عن وكلائها في التنظيمات والمجموعات المسلحة.
        إشارة ماكماستر “للمجموعات الجهادية” تدل على تبديل واشنطن لبعض أساليبها دون التخلي عن الوظيفة المرسومة أو لرعايتها التنظيمات التقليدية، كما هو الأمر مع ما صدر من تصريحات أميركية متضاربة حول دور قطر في المعادلة الجهادية؛ وتحديث مسميات جديدة لقوى تستطيع أن تخلف التشكيلات المتعددة من “داعش” ومشتقاتها، وتشغيلها في صراع  يتضمن الأراضي الروسية والصينية، حينما تنضج الظروف لذلك.
        كذلك لا يجوز إغفال حقيقة أن ميزانية الدفاع الجديدة تبلغ نحو 700 مليار دولار تستمر برصد مبالغ مماثلة لسابقاتها للعمليات الخارجية، وتقدر بنحو 66 مليار دولار، وتشمل تخصيص 500 مليون دولار لتدريب وتجهيز ما تصفه بالمعارضة السورية “المعتدلة” والحليفة لواشنطن.