“التغيير الذي صنعه ترامب في علاقات البيت الأبيض مع القدس”

أضيف بتاريخ: 09 - 12 - 2017

معاريف الأسبوع
بقلم: يانبر كوزين، معيان هاروني

علاقة الرؤساء الأمريكيين مع القدس مستمرة منذ أيام أبراهام لينكولن، الذي حلم بالقدس لتكون عاصمة لإسرائيل. الأحداث المثيرة حول هذه القضية وقعت بعد حرب الأيام الستة. ليندون جونسون – الذي شغل منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عام 1967 – لم يفرض على إسرائيل بعد حرب الأيام الستة الانسحاب من المناطق التي احتلتها، ومع ذلك أوضح بأنه سيكون لزامًا سحب جزء مستقبلًا، ودعم قرار 242 لمجلس الأمن في الأمم المتحدة.

من شغل منصب الرئيس بعده، ريتشارد نيكسون، عيّن وزير الخارجية ويليام روجرز ليكون وسيطًا في الصراع الإسرائيلي – العربي من طرفه، وبدوره اقترح عدة خطط (خطة روجرز)، وفي إطار الثانية (يونيو 1970) كان يفترض إدارة مفاوضات بين إسرائيل ومصر برعاية مبعوث الأمم المتحدة السويدي غونار يارينغ، تستند على أساس انسحاب إسرائيل من المناطق (لم يتم تحديد كلها أو جزء منها) التي احتلتها خلال حرب الأيام الستة، بحسب قرار مجلس الأمن 242، مع اعتراف متبادل من قبل جميع الأطراف بسيادة الدول، سلامتهم الإقليمية واستقلالهم السياسي واتفاقيات السلام.

وفي فترة الرئيس جيمي كارتر تم توقيع اتفاقية “كامب ديفيد” مع الرئيس المصري أنور السادات ورئيس حكومة إسرائيل مناحيم بيغن عام 1978، الذين مهدوا الطريق لتوقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في مارس 1979. قلق إسرائيل المركزي كان عدم التخلي عن سيادتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث ان الاتفاقيات كانت تشمل رسائل حول الوضع في القدس، التي أعلن فيها بيغن أن القدس لن يتم تقسيمها وستبقى عاصمة لإسرائيل. في المقابل، صرّح السادات بأن القدس العربية هي جزء من الضفة الغربية، ويجب إعادتها لسيادة عربية.

عام 1980، تحت حكومة بيغن، تم سن قانون أساسي في الكنيست ينص على أن القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل. بالإضافة لذلك، تحدد بالقانون أن القدس هي مقر رئيس الدولة، الكنيست، الحكومة والمحكمة العليا، وأن الاماكن المقدسة ستكون محفوظة من أي تدنيس وأي مساس، ومن أي أمر قد يعيق حرية وصول أبناء الأديان المختلفة للأماكن المقدسة بالنسبة لهم أو مشاعرهم تجاه هذه الأماكن.

ردًا على هذه القانون، اتخذ قرار 478 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي ينص على أن القانون الذي اتخذ في الكنيست يخرق القانون الدولي ويجب إلغاؤه. المشروع تم تمريره بغالبية الـ 14 عضو الثابتين، حيث أن الولايات المتحدة برئاسة جيمي كارتر امتنعت ولم تفرض الفيتو على القرار. فعليًا، منذ ذلك القرار، أغلب دول العالم لا تعترف بالسيادة الإسرائيلية، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم مقر الممثليات الرسمية موجودة في مدن بمنطقة المركز مثل تل أبيب وهرتسيليا، على الرغم من أن بعضها – كالولايات المتحدة مثلًا – لديها قنصلية في القدس أيضًا.

بعد عدة شهور من ذلك، دخل الرئيس رونالد ريغن البيت الأبيض، والذي أظهر نهجًا أكثر تصالحًا تجاه إسرائيل في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. عام 1982 وضع “خطة ريغن” التي كان الهدف منها استغلال ضعف منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان من أجل خلق فرصة سلام، تنسحب ضمنها إسرائيل سريعًا من لبنان، وكذلك من المناطق في الضفة الغربية، ما سيسمح للأردن بالدخول كقوة كبيرة في المنطقة.

بالنسبة للقدس، جاء في الخطة أنه يجب ان تبقى مدينة موحدة، لكن مكانتها النهائية ستتحدد من خلال مفاوضات. الخطة لم يتم تنفيذها في أعقاب استمرار حرب لبنان والرفض الإسرائيلي للانسحاب من المنطقة، وكذلك بسبب بدء الانتفاضة الأولى.

فترة رئاسة جورج بوش الأب ارتكزت بالأساس على الحرب في العراق، وتعزيز قوة الولايات المتحدة أمام الاتحاد السوفييتي. في الوقت نفسه، تحت قيادة بوش الأب تم تشكيل ضغط كبير على حكومة اسحاق شامير لوقف البناء في المستوطنات، في 1991 اجتمع مؤتمر مدريد الذي حضره أيضًا رئيس الحكومة شامير، في محادثات ما قبل المؤتمر طلبت إسرائيل عدم إدراج قضية القدس ضمن النقاشات، وبالتالي اعتبار الإجراءات التي قامت بها إسرائيل في القدس الشرقية بحكم الأمر الواقع.

دخول بيل كلينتون لمنصب رئيس الولايات المتحدة كان له التأثير الأكبر خلال تلك الفترة، كلينتون أعرب عن رغبته بجلب السلام للشرق الأوسط بالتعاون مع رئيس الحكومة اسحاق رابين ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. في اتفاق أوسلو تم التحدث لأول مرة ان وضع القدس سيتحدد في الاتفاقيات الدائمة والحديث الآن عن اتفاق مرحلي. رئيس الحكومة رابين أكد عدة مرات على أنه لن تكون هناك عودة لحدود 1967.

في أكتوبر 1995، قبل شهر من مقتل رابين، اتخذ الكونغرس القرار الذي تبناه أمس الرئيس ترامب لأول مرة كرئيس أمريكي، وهو الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وحقيقة أن الولايات المتحدة ستنقل السفارة إلى هناك. منذ ذاك القرار، يوقع كل رئيس أمريكي على تأجيل النقل تحت سلطته نصف عام.

“خارطة الطرق” كانت خطة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن والتي قدمها في عام 2002، وتتماشى خطوطها مع اتفاق أوسلو، وفي هذه الحالة ستنشأ دولة فلسطينية مؤقتة، وبعد ذلك ستتم مناقشة القضايا الساخنة، من بينها وضع القدس. حكومة أريئيل شارون تبنت الخطة، لكنها أكدت للإدارة 14 نقطة تحفظ. واحدة منهم تتعلق بالقدس، وبناءً عليها “لن يكون هناك أي تدخل من قبل السلطة الفلسطينية ومؤسساتها في القدس أو بأي قضية أخرى هي بالأساس ضمن اتفاق دائم”، هذا الإعلان، مثل عدم استعداد الأطراف للتقدم في خارطة الطرق، أدى لنهاية الخطة.

قبل دخوله لمنصبه، صرح السيناتور باراك أوباما كمرشح للحزب الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة أن القدس يجب ان تبقى للأبد عاصمة الدولة اليهودية، واحدة ودون تقسيم. وفي وقت لاحق، حين دخل للمنصب بدأ أوباما بالعمل من أجل استئناف المفاوضات وحسب تقارير مختلفة كانت خطة الولايات المتحدة هي اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية إلى جانب إسرائيل. بيان أوباما المرشح بقي مخزن في الدرج.

وقد يكون هذا هو أحد الأسباب التي أدت لإعلان ترامب أن القدس هي عاصمة إسرائيل، بعد أن امتنع كافة الرؤساء السابقين قبله خلال الـ 20 عامًا الماضية بتبني قرار الكونغرس، رغم أنهم أعلنوا عن ذلك في برنامجهم الانتخابي.