أضيف بتاريخ: 21 - 08 - 2017
أضيف بتاريخ: 21 - 08 - 2017
سوف نرى ونسمع بوضوح وعما قريب الموجة البوليفارية الجديدة في مواجهة استنساخ الأزمة الخليجية ورميها في قلب أميركا الجنوبية النابض. وعما قريب، مواجهة المحاولات العدوانية الفاشلة التي لطالما دأبت عليها أميركا لتحويل هذا المكمن النفيس من العالم إلى ما يشبه المنافس الفاشل لربيع أوروبا الشرقية الفاشلة وبلدان البلطيق المتداعية منها للتوحش الأميركي وليس إلى حدائق خلفية ولى عهدها وانقضى.
جاء في كتاب بارت جونز “هوغو. قصة هوغو تشافيز من الكوخ الطيني إلى الثورة المستمرة” ما يلي:
علقت العضو الجمهوري في الكونغرس عن ولاية فلوريدا، إلينا روزليهتين، المدافعة عن قضايا الجالية الكوبية المنفية بالقول: “أميركا الجنوبية تحترق ونحن ننظر في الإتجاه الآخر. سيكون اوتو عامل إطفاء حرائق ممتاز. لم يكن ريتش عامل إطفاء الحرائق الوحيد الذي أعاده بوش إلى السلطة من بين جماعة إيران- كونترا” المخزية. كان الرجل الآخر اليوت ابرامز مساعد وزير الخارجية لشؤون أميركا الاتينية في إدارة رونالد ريغن وأحد المصممين الرئيسيين للحروب القذرة التي كانت الولايات المتحدة تشنها في أميركا الوسطى في ثمانينيات القرن الماضي، ولاعب أساسي في فضيحة إيران – كونترا. وصفه كاتب مقالات في إحدى الصحف بالسياسي العدواني الذي يرفع شعار “الموت أفضل من الشيوعية” الذي تبنته الإدارة في أميركا الوسطى، وبحالات ظهوره الغاضبة في جلسات الاستماع وبدفاعه عن فرق الموت والديكتاتوريين وانكاره وقوع المجازر والكذب بشأن نشاطات أمريكية غير قانونية هدفت إلى دعم ثوار كونترا النيكاراغويين”.
ربما تكون الفقرة طويلة، نأسف على ذلك، ولكننا نقف على الصورة ونقرب المشهد دون معالجة ولا تركيب. ومع ذلك سنذهب نحو الزاوية الأهم حسب رأينا. ” لا يجب على شركة جنرال موتورز أو شركة أي بي أم أن تتكرم علينا بلعب دورنا وترفع أعلام الوحدة والتحرر القديمة التي سقطت في ساحات القتال، كما أنه لا يمكن اليوم لخونة الأبطال الذين غدر بهم أمس أن يفدوا تضحياتهم. فهناك حمل ثقيل من العفونة لا بد من طمره في قعر البحر أثناء إعادة بناء أمريكا الاتينية”. كان ذلك من صلب المفكر الاورغواياني المرموق ادواردو غاليانو في كتابه المعنون “الشرايين المفتوحة لأمريكا الاتينية”- رغم أننا نفضل إستخدام عبارة أميركا الجنوبية – سنة 1970، كتاب لطالما تفاخر به الراحل هوغو تشافيز في عيون أميركا ممثلة وقتها، أي سنة 2009، في صفة وشخص أوباما. وكيفما كان تحديثنا للفقرة المقطتعة لوضع شركات النفط والغاز الأمريكية والبريطانية على رأس قائمة مصدر التهديد والعدوان مثلها مثل الشركات الأخرى التجارية والتكنولوجية والأمنية متعدية القاريات، نرى أن المنزع الديكولونيالي النازع للاستعمار مطبقا على الاقتصاد السياسي هو زواية النظر ومكمن المقاربة الضرورية لرؤية ما عليه الوضع الراهن ورهاناته في فنزويلا تخصيصا. ولذلك نعتبر أن الدفاع عن الجمهورية البوليفارية حاجة استراتيجية ملحة. إذ حيث يوجد حليف استراتيجي وموثوق يوجد رهان وتحد يصل إلى بذل التضحيات. وبالطبع، لا توجد ثروة لا تثير المطامع. وعليه لا توجد مقاومة خارج مرمى الاستهداف. وهذا المدار في رأس سلم الأولويات. هي كغيرها من الأقاليم الاستراتيجية ذات القيمة العالية محكوم عليها بالمقاومة مثلما هو محكوم علينا بالمقاومة من أجلها في برنامج عالمية المقاومة.
لا شك ان سعر البترول والاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية وفك الارتباط بروسيا ومن ثم بمحور المقاومة والخضوع للإدارة الرأسمالية لرأس المال وللحكم عن بعد بشكل ينتج بلدا محتلا وسلطة مستعمرة بفتح الميم، على لائحة أهداف أميركا. عندما يكون سعر البترول منهارا وتملى وجهة الاستثمار في الولايات المتحدة الترامبية حصرا ويتم دعم البنية التحتية وتمويل الشركات وخلق الوظائف ورفع الأجور في ساحة القوة العالمية الأولى لا بلدان المنبع والقناة والبحيرات والمناجم والغابات…الخ، تكون أميركا مرتاحة وراضية على الديمقراطية في كل مكان. مضافا إلى ذلك قطع الصلة ببيكين قبل كوبا وبوليفيا. ومن ثم منع التعاون مع هياكل الأقطاب البديلة بشكل أشمل بداية باخضاع مشروع فنزويلا البوليفارية لرؤى الامبراطورية المعولمة في مديات ال 2030 وال 2050 وأبعد. وبالتوازي أعمال تخريبية أخرى في الأعماق منها تدمير الحامل الإستراتيجي لقضية فلسطين الموغل تاريخيا في رحلة أهل الشام نحو فنزويلا.
لم تغفر الولايات المتحدة لل “بندقية الصغيرة” فنزويلا، بلا ترميز سلبي، تأميم بترولها تنقيبا وتكريرا وتسويقا ولا تقلد الشركة الوطنية الفنزويلية المرتبة الأولى في اقليمها ونجاح بتروفن في حيازة أسواق جديدة كثيرة. وما انتجه إتجاه الحكم الوطني المستقل، وإن نسبيا لنقل، من ارتدادات طبقة الفاسدين والمحتكرين ورأس المال الأجنبي وأصحاب المصالح والولاء الغربي من شركات مص الدماء والاغتيال الاقتصادي.
الولايات المتحدة تريد تسليط وحوش الديكتاتوريات العسكرية التابعة لها بوجوه انتقالية ماءعة عميلة مضادة للديمقراطية المقاومة وعلى شاكلة ربيع أوروبا الشرقية، تسليطها على فنزويلا.
إن للولايات المتحدة الأمريكية استراتيجية إرهاب واستعمار تقوم أول ما تقوم على هذه القوى “المعارضة المعتدلة” المعادية للإصلاحات الوطنية وللاستقلال والسيادة. ولهذا المشروع العدواني قادة من موظفي العنف ومضاربي خلق الأزمات ومن موظفي الإرهاب ومضاربي الانقلابات. إنها تريد غاسلي أقدام أكثر من ماسحي أحذية تدميرا وتفقيرا وتقتيلا. وتريد تقارير إنسانية و”ابتسامات إحصائية” و “أقنعة نمو” وتنميات بمذابح شنيعة لا نهول بها ولا نريد فيها لا قصصا للاستنزاف ولا “سردا للنهب”. بل “الشيخوخة الدموية للرأسمالية” والرذيلة الإرهابية للإمبريالية تشيان بذلك. وقياسا على “أجور إفريقية وأسعار أوروبية”، يتوهم حكم الترامبية ديمقراطية شمالية بارهاب جنوبي. غير أن فنزويلا البوليفارية ليست بدعة خليجية وانما موجة مقاومة جديدة تتطور في ذات المشروع البوليفاري الكبير بامتدادت عالمية جاهزة هذه المرة.
لقد انضافت تفاصيل جيو – استخباراتية شتى لبنية النهب المسلط على أميركا الجنوبية وهي تدخل في ظننا، بعد حمى المعادن والطاقات لازمنة طويلة متواصلة، تدخل حمى المقاومة. وهنا يميل تقديرنا بشكل قطعي صوب رؤية شبح أميركا في تغريدة وحشية لذئب متوحد.
صلاح الداودي