أضيف بتاريخ: 25 - 04 - 2017
أضيف بتاريخ: 25 - 04 - 2017
المرصد الجزائري:
يعتبر الكيان الصهيوني الجزائرَ في مقدمة الدول التي تمثل تهديداً كامناً بالنسبة له على الرغم من المسافة البعيدة التي تفصل بينهما.
في الواقع، مازالت بلاد المغرب العربي، والتي تمتلك أحد أقوى الجيوش في أفريقيا والعالم العربي الإسلامي، من تاريخها معاديةً وبشدة للكيان الإسرائيلي الإجرامي الذي لم ينس مشاركتها إلى جانب مصر وسوريا خلال حرب يوم الغفران في عام 1973.
تعد الجزائر واحدة من قلائل الدول العربية التي لم تقم علاقات دبلوماسية أو تجارية مع الكيان الصهيوني، بينما العلاقات التاريخية العميقة والصداقة كانت مع فلسطين. نشأ الشعب الجزائري على ثقافة قوية مناهضة للاستعمار، وقد أظهر دائماً تضامنه الثابت مع الشعب الفلسطيني الذي إحتضن قادته لا سيما في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. وفي الجزائر أيضاً أعلِنُت دولة فلسطين عن طريق القائد ياسر عرفات أمام المجلس الوطني الفلسطيني في عام 1988، ولم يكن لها علاقة بالعقود السوداء التي تلت وأدمت البلاد…
ومن الأسباب الأخرى التي أثارت غضب تل أبيب هي العلاقات الممتازة بين الجزائر وأعضاء محور المقاومة، وأيضاً رفض الجزائر تقديم الدعم والمشاركة في المؤامرات الأمريكية الصهيونية الرامية إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط.
في الحقيقة وبغض النظر عن موقفها من الأزمة السورية، عارضت الجزائر التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية السورية، ورفضت أيضاً المشاركة في الائتلاف السعودي ضد الشعب اليمني واعتبار حزب الله كمنظمة إرهابية.
وبالإضافة إلى ذلك علاقاتها الجيدة مع طهران وخاصة فيما يتعلق بالسياسات النفطية، حيث أن البلدين في نفس الاتجاه.
في السنوات الأخيرة تم إبرام عقود عدة مشاريع بين البلدين رغبةً منهم في مساعدة بعضهم البعض كي لا يغرقوا في الضغوط الاقتصادية التي تفرضها المملكة العربية السعودية وحلفاؤها عليهم. وفي هذا الصدد فقد تم التوقيع رسمياً على برنامج تعاوني تنفيذي بين البلدين على مستوى الوزارات، وذلك فيما يتعلق بمجالات الشباب والرياضة والتعليم والتدريب المهني والثقافة والأشغال العامة فضلاً عن التعليم العالي والبحث العلمي.
فالمصلحة الاستراتيجية لهذا التقارب الجديد بين الجزائر وإيران تلزمهم بالبقاء في مواجهة التحالفات الدولية التي تحيط بهم جغرافياً وسياسياً.
كثيرا ما أعربت إسرائيل عن قلقها إزاء تعزيز الجزائر لترسانتها العسكرية وقيامها بتحديث جيشها، والدليل على ذلك النظرة الجدية من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تجاه “الجسر الجوي” الشهير الذي نظّمته السلطات الجزائرية في عام 2009 لنقل عدة آلاف من مشجعي المنتخب الوطني لكرة القدم في غضون ثلاثة أيام إلى أم درمان في السودان دون وقوع أي حوادث. وفي الوقت نفسه أشارت أيضاً صحيفة جيروزاليم بوست على أنه “لابد من أخذ الحذر من دولة قادرة على نقل الكثير من الناس في ثلاثة أيام” وهذا دليل قوي على كفاءته الكبيرة في مجال النقل والإمداد.
يمتلك الجيش الجزائري معدات عسكرية متقدمة، وذلك يعزو للمورِّد التاريخي للأسلحة، روسيا، مما يسبب قلقاً لدى العدو الصّهيوني.
في عام 2009، أبلغت تل أبيب الجزائر عبر وسطاء أمريكيّين بالقلق المتزايد إزاء القوة البحرية الجزائرية، وأنها تُعتبر خطراً على “الأمن الدّاخلي الإسرائيلي”. ومن هنا كانت حاجة إسرائيل لضمانات الأمن البحرية التجاريّة، والتي تشكّل إحدى رئتيها، حيث أن 60 إلى 70 % من التجارة الخارجية الإسرائيلية تمرّ عبر مضيق جبل طارق، وتلك الممرات الملاحيّة تقع على بعد أقل من 100 ميل بحري من القواعد العسكريّة الجزائريّة، وفي هذا السّياق، تم الإمساك بعملاء للموساد وهم يتجسّسون في ألمانيا حين بنى حوض تصنيع السّفن مدمّرتين Meko A200 لصالح البحريّة الجزائرية.
في الواقع، إنّ الكيان الصهيوني نشطٌ جدّاً في التّجسس العسكري على الجزائر، ومن المعروف بأنّ الدّولة المجرمة تتجسّس على قواعد الجيش الجزائري عبر القمر الصّناعي Eros B، كما نذكر معدّات التّجسس التي وُجدت منذ بضعة أشهر على متن طائرة قطريّة، واحدة من الأتباع الرئيسيّين للكيان الصّهيونيّ في المنطقة.
وفي هذا السّياق من عدم الثقة بالجزائر، التي ترفض بعناد الإنصياع لجدول الأعمال الصّهيوني، يجب إجراء تحليل لمواقف الكارثة برنار هنري ليفيBHL، وهو يحفر القبر لليبيا حيث قدّم دعماً قويّاً لحركة الماك، وهي حركة انفصاليّة تدعو لإستقلال منطقة القبائل، وبالتالي التّشكيك في وحدة الأراضي الجزائريّة. دعم هذه الفكرة الفيلسوف الفرنسي التابع للموساد، الأمر الذي هدد الوحدة الوطنيّة الجزائريّة ودعا للتّقسيم الاجتماعي والعرقي، ودعا كذلك للحرب الأهليّة في ذلك البلد. تلك لم تكن محاولته الأولى حيث عبّر في عام 2012 عن أمله بـ “ربيع” إسرائيلي للجزائر.
العميل BHL يعبّر عن موقف الكيان الصّهيونيّ، والذي هدّد الجزائر في آذار/مارس 2013 في مقال في جريدة هآريتس اليوميّة بسبب موقفها من الأزمة السّوريّة، معتبراً بأنّ بلدان المغرب العربي ستكسب انعدام الأمن والإستقرار.
تُستخدم أيضاً البطاقة الجهاديّة كوسيلة ضغط وزعزعة استقرار ضد بلد تحيط بها الجماعات التّكفيريّة التي تعمل في منطقة السّاحل وليبيا. تمّ ضبط العديد من الأسلحة على الحدود، مما يدلّ على أنّ أمراً ما بدأ الإعداد له.
الإستقرار، الجيش القوي، الموارد الهائلة من النفط والغاز، السياسة الخارجية المستقلة وغير المرتبطة بإسرائيل: كل هذه الأمور تجعل من الجزائر بلداً يُهاب، وهدفاً للكيان الصّهيونيّ، أكثر من مجاورتها ليبيا الجريحة.
وفي الواقع فإنّ لبلد المليون ونصف شهيد أصول هامّة: القرب التّاريخي مع روسيا، جالية كبيرة جداً في فرنسا الأمر الذي يمثّل قوّةً مزعجةً، جيش وطني مجهز جيّداً، والنّاس الوطنيّون المعادون للصّهيونيّة، والسّلوك الشّجاع، والذي أثبت بالفعل للمستعمر الفرنسي خلال العقد الأسود في التّسعينيات بأنّه لا يُتنبّأ به، وعلى الرّغم من الواقع الدّاخلي الهش، فّإنه قادر على إحباط المؤامرات الصّهيونيّة التي تحاك ضدّه كما فعل سابقاً.