أضيف بتاريخ: 25 - 04 - 2017
أضيف بتاريخ: 25 - 04 - 2017
لا شك ان تواصل التعويم للعملة التونسية سيتحول إلى تعميم للفوضى. لا شك أن استراتيجية عولمة التوحش الإرهابي هي نفسها خطة وبرنامج التعويم الإرهابي الذي يعتمده الناهب الاستعماري في منظومة الإرهاب الاقتصادي التي يفرضها علينا عن طريق وكلائه المحليين من الحاكمين ومن المارقين عن القانون.
في واقع الأمر، الأصح أنه يجري دعم العملات الأجنبية أكثر من اضعاف وتدمير العملات المحلية. يجري دعم الدولار مقابل الحط من الدينار. ونحن بالفعل في واقع حرب عملات ممنهجة وشاملة وتمس عدة بلدان منها تونس. الغاية من هذه الحرب هي تعطيل صعود هذه الدول من الهشاشة والفشل وشبه التفكك وانتاج وتسويق نموذج خاضع كليا وتابع كليا للرأسمالية المعولمة الأكثر فسادا. كما يهدف ذلك إلى رهن كل محاولة لتغيير الخيارات الاقتصادية وتغيير الوجهة الإقتصادية ومنع تعطيل ومحاولة منع صعود اقطاب جديدة صاعدة في العالم لكسر الأحادية القطبية وفرض تعددية قد تجذب هذه الدول نحو تنويع علاقاتها الاقتصادية الاستراتيجية.
كل من يراقب الوضع الاقتصادي والمالي ويقرأ الإملاءات في علاقتها بالنتائج يلاحظ بشكل مباشر إننا نسير نحو تخريب سوق الصرف ونحو انهيار قيمة العملة التونسية أو سعر صرفها. وبالتالي انخفاض احتياطي العملة الصعبة. هذا دون التراكم الحتمي المتزايد لحجم الديون من ناحية تزايدها ومن ناحية عدم القدرة على سدادها ومن ناحية مزيد التعويل على استجلابها.
اما تفاقم عجز الميزانية وتعميق اختلال الميزان التجاري واستحالة تمويل وتنفيذ مشاريع مبرمجة أو غير مبرمجة، وكل ذلك مترابط بالتأكيد بما سبق، فسيحول ارتفاع تكلفة التوريد من الخارج والإنتاج المحلي إلى ارتفاع الأسعار أو التضخم وإضعاف المقدرة الشرائية وتشجيع الفساد والتهرب والتهريب من ناحية أولى وتراجع التصدير وتدني التنافسية وأزمة السيولة من ناحية ثانية.
وبالنتيجة فإن البنية الاقتصادية التونسية الأساسية مهددة في كل القطاعات والتداعيات الاجتماعية المعيشية حتمية في كل المستويات من الاستهلاك إلى مجرد الرغبة في العمل، دون أن نتحدث عن حق الحلم بالشغل.
لن نحلل هنا التداعيات السياسية والاجتماعية والأمنية ولن نأتي على بقية الاصلاحات – المفاسد. ولكننا نؤكد أن مزيد تشتيت الجهود حول عدة ملفات وطمس الاهم وهو هذا، سيغرق البلد في الفوضى اذا ما لم يتم وقف النزيف والإنقاذ. الغرق فيه تعويم عميق وفيه نقطة لا عودة. انه الاستعمار المعمق الذي يحولنا إلى أهم المستعمرات المتميزة.
صلاح الداودي