أضيف بتاريخ: 23 - 04 - 2017
أضيف بتاريخ: 23 - 04 - 2017
هاأرتس
عاموس هرئيل
تشكل الجولة الاستثنائية التي أجراها حزب الله للإعلاميين عدم التزام بالقرار 1701 للأمم المتحدة، وفي ظل تصريحات قتالية تطلقها الولايات المتحدة تجاه التنظيم يبدو أن الحديث يدور عن استفزاز غير حكيم
يبدو أن الجولة الاستثنائية التي أجراها حزب الله للإعلاميين على طول الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان، يوم الخميس الماضي، هي محاولة منه للرد على الادعاءات الموجهة إليه داخل الدولة، وفي الوقت عينِه حفاظا على استعراض إخافة الجيش الإسرائيلي. بينما يتم استثمار جزء كبير من قوة الجيش في حماية نظام بشار الأسد الفتاك في سوريا، وبينما تعاني المنظمة من أزمة اقتصادية خطيرة، من المجدي بين الحين والآخر تذكير المواطنين اللبنانيين مَن هو العدو الحقيقي.
ادعى أحد عناصر الجناح العسكري التابع لحزب الله الذي أجرى الجولة للإعلاميين أن إسرائيل تخشى من قوة التنظيم لذلك تتحصن. إثباتا على ذلك عرض الحفريات المكثّفة التي أقامها الجيش الإسرائيلي على طول الحدود في السنوات الماضية. لم يحاول الجيش الإسرائيلي إخفاء هذه الحقائق التي تهدف إلى إبعاد الحرب عن الحدود الإسرائيلية. لقد عرضها في الإعلام الإسرائيلي قبل أكثر من سنة.
المنطق وراءها واضح: بما أن حزب الله عزز قدرات وحدات الكومندوز الخاصة به، قوات رضوان، في الحرب في سوريا، فمن الأفضل زيادة العقبات أمامه لمنع استغلال أية فرصة معينة قد تؤدي إلى دخول كلا الطرفين إلى حرب. عموما يبدو أن الحياة مريحة في قسم وسائل الإعلام التابع لحزب الله: طيلة سنوات، حاول حزب الله أن يظهر نشاطات الجيش الإسرائيلي بصفتها إثباتا على نوايا إسرائيل العدائية. والآن، بعد أن بات الجيش الإسرائيلي يعمل على تحصين الحدود، يشكل هذا شهادة على أن اليهود يخشون. على أية حال، من الواضح أن إسرائيل هي المذنبة.
في حين يسلط حزب الله الضوء على الحدود مع لبنان، يمكن القول إن الوضع في سوريا من جهته مختلط، في أحسن حال، رغم كونه جزءا من معسكر الداعمين لنظام الأسد، الذي أصبح المنتصر في السنة الماضية. قال ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي إنه وفق تقديراته لقد خسر حزب الله أكثر من 1.700 قتيل وأصيب 7.000 من عناصره في الحرب في سوريا. يتواجد نحو 8,000 من مقاتلي حزب الله، نحو 30% من قواته المنتظمة، بشكل منتظم في سوريا.
صحيح أن التنظيم يكسب تجربة عملياتية واسعة وهامة، ومن المرحج أن ضباطه يتعلمون كيف يديرون أطر قتالية واسعة ويستخدمون وسائل جديدة، وهذا بفضل قربهم من المرشدين الروس الذين ينشطون إلى جانب نظام الأسد وقربهم من ضباط الحرس الثوري الإيراني. ولكن بالمقابل، يعاني حزب الله أيضا من ظواهر الإرهاق. يتقدم الأسد ويستعيد سيطرته على بعض المناطق، لا سيّما بفضل المساعدة الروسية الجوية، ولكن المعركة تدور ببطء ولا ترغب أي من القوات المساعدة للنظام في تعريض مقاتليها للمشاركة في المعارك الدامية في المناطق المأهولة. تقضي قوات حزب الله وقتا طويلا في القتال وتتعرض لأضراره، ويكثر مركز القيادة المشترك المسؤول عن نشاطات نظام الأسد من إرسال هذه القوات إلى مناطق مختلفة تشهد أزمات أثناء القتال.
منذ اغتيال رئيس الأركان في حزب الله، مصطفى بدر الدين قبل نحو سنة بالقرب من دمشق، ليس هناك من يقوم بأعماله (ادعى رئيس الأركان، غادي أيزنكوت مؤخرًا أن بدر الدين قُتِل على يد زعماء حزب الله، على خلفية خلافات داخلية في الرأي في التنظيم).
لقد أجرى القائد البارز في الجيش الإسرائيلي مقارنات مثيرة للاهتمام. ذكر الجيش الإسرائيلي عام 2006 أنه كان مقتنعا أن وضعه ممتاز بعد أن نجح في التغلب على الانتفاضة الثانية ولكن اكتشف في حرب لبنان الثانية أن قدراته العملياتية ليست كافية للتحدي القادم الذي يتعرض له. العبرة واضحة: هناك فرق بين حرب حزب الله المستمرة أمام تنظيمات الثوار العنيفة في سوريا، وبين مواجهة أخرى ضد سلاح الجو، الاستخبارات، والتكنولوجيا الخاصة بالجيش الإسرائيلي.
ولكن، يبدو أن الصعوبة الكبيرة التي يتعرض لها التنظيم هي مادية. فقد قلصت إيران بشكل ملحوظ المساعدة المالية التي تنقلها إلى حزب الله. في الوقت ذاته، ازدادت تكاليف التنظيم المالية الثابتة بسبب الحاجة إلى دعم عائلات الشهداء في سوريا وجرحى الحرب السورية. في الخلفية، خرج جيل من المقاتلين القدامى الذين شاركوا في المعارك ضد الجيش الإسرائيلي في “المنطقة الأمنية” في جنوب لبنان إلى التقاعد وهم يتنظرون الحصول على دعم مالي. يدور في لبنان وفي أوساط الطائفة الشيعية ذاتها جدال مستمر حول الفائدة من مشاركة قوات حزب الله في سوريا وحول ثمن الخسائر المنوطة بها.
أثارت جولة استعراض حزب الله الاستثنائية للإعلاميين – تقليد شبيه تماما تقريبًا للجولات التي يجريها الجيش الإسرائيلي في الجانب الآخر من الحدود في أحيان قريبة – إرباكا هاما في بيروت. سارع رئيس الحكومة سعد الحريري يوم الجمعة إلى إجراء زيارة إلى جنوب لبنان مع وزير الدفاع ورئيس الأركان مشددا على أن حكومته هي السيادية في الدولة. هاجم الحريري الذي حصل على وظيفته كجزء من صفقة سياسيًّة معقدة مع حزب الله (التنظيم المشبته بمشاركته في قتل والده) بشكل مبطن الجولة الأولى. ولكن يبدو أن الضرر قد حدث.
مؤخرا، استغل مسؤولون إسرائيليّون تصريحات الرئيس ميشال عون أن حزب الله هو جزء من قوات الدفاع في لبنان للتهديد أن الجيش اللبناني قد يكون هدفا إسرائيليا في الحرب القادمة. فقد عمل حزب الله على تقويض سيادة الحكومة على طول الحدود، وفي الوقت عينه أظهر عدم التزام واضح بالقرار 1701 لمجلس الأمن، عندما أجرى لقاء بين مقاتلين مسلحين من جنوب الليطاني وهم يرتدون زيا عسكريا وبين الإعلاميين.
إسرائيليا، جاء استفزاز حزب الله غير الحكيم في وقت مناسب. في اليوم الذي جرت فيه الجولة للإعلاميين، صرحت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هالي، أثناء جلسة في مجلس الأمن أن إيران وحزب الله هما المجرمان الرئيسيان في الشرق الأوسط ووعدت أن بلادها ستعمل ضدهما. يوم الخميس، في مقابلة للشبكة الشبكة التلفزيونية، فوكس نيوز، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إنه يعتقد أن على إدارة ترامب أن “تلغي أو تغيّر” الاتّفاق النوويّ مع إيران. صحيح أن الإدارة الأمريكية الجديدة تعمل في الحلبة الدولية بنعومة ولكن تأمل حكومة نتنياهو على الأقل فيما يتعلق بمواقفها تجاه إيران وحزب الله أن تساعد الأجواء التي تسود الآن في واشنطن في دفع مصالحها قدما.