فقاعة قيس سعيد، الوجه الآخر “الناعم” للمنظومة الصامتة

أضيف بتاريخ: 21 - 09 - 2019

توجب التذكير منذ البداية، لا القروي ولا من يليه في الترتيب يعنينا. وتوجب القول بعدها: لا سلطان للهلاميات علينا والشعب ليس مقولة هراء ومحض هواء وليس سلطانا هلاميا وإنما جماعة وطنية وذات وطنية جماعية ومصدر شرعية سيادية ومجتمع وديموغرافيا وروح معنوية وعلاقات اجتماعية وعلاقات إنتاج وقيم وقوانين ومصير ووو. وتوجب القول أيضا واخيرا: من لا يعرف الطب يظن انها فضيلة و المرشح قيس سعيد الذي نعرفة حولوه إلى خرافة ساهم هو في النفخ فيها بصورة الخيمة الفارغة البسيطة والهروب إلى الفراغ المركب أو الحلقات المفرغة المتداخلة. واما مقولة التخلص من المنظومة القائمة الفاشلة فهذه اتت من صلب نضالات واطروحات المعارضة الوطنية وليس من غيرها. وللتذكير أيضا فإن اطروحة الشعب يريد إسقاط النظام هي اطروحتنا في بطحاء محمد علي قبل 14 جانفي وهي تحويل لمقولة بعض الأحزاب الشعب يريد التداول على السلطة إلى الشعب يريد إسقاط النظام وهي ليست في النمطية الشعرية للشابي أصلا وانما لقباني ولمطر والتي كذب باسمها الكثيرون وزيفها وزيف التاريخ العديد من الناشطين والمجموعات وواصلناها حتى ما بعد قيام المجلس التاسيسي لما كنا في حركة عصيان ثم هيئات العمل الثوري. لكل ذلك سنوضح ما يلي:

1- يعتبر قيس سعيد من وجوه المنظومة الأولى حيث ولما كانت الآلاف في الشوارع أفتى على القناة الوطنية الأولى مثل غيره بضرورة الانتقال إلى الفصل 57 من الدستور التونسي السابق بما يتيح لفؤاد المبزع تولي مهام رئاسة الجمهورية وبما يعني انتقال السلطة داخل قصر قرطاج وإغلاق قوس الانتفاضة. من لا يعرف ذلك عليه التحقق منه وبالتالي فإن اقصوصة الثورية الأولى والبكر والأصلية والخ مجرد اقصوصة خيالية غير موجودة.

2- كان قيس سعيد بعد ذلك دون أن ننفي تغيره مختلفا مع بقية أساتذة القانون الدستوري في مسألة النظام الانتخابي الذي على أساسه يتم انتخاب مجلس تأسيسي وليست مشكلته الحقيقية المجلس التاسيسي هذا وكان يعتبر يوم المصادقة على النظام الانتخابي على القائمات يوما اسود بينما كان يوجد نوع ثالث نتبناه هو نظام القائمات الوطنية على الجمهورية كدائرة واحدة واعتماد الكوتا للاحزاب الوطنية المعارضة والمنظمات والجهات من النساء والرجال والشباب مع تمثيل عائلات الشهداء. وكنا اختلفنا لما التقينا على قناة الجزيرة في تونس في تقييم ما حصل في تونس الذي كنا نعتبر انه حركة ثورية وبالأحرى عصيان اجتماعي مواطني تم الانقلاب عليه وما كان يجب حصره في قصر قرطاج وتعطيل مساره ومهماته والاساس عدم حصره في الجوانب الشكلية الدستورية مهما كانت.

3- في خصوص المبادئ الدستورية الأساسية كان يوجد توجه نحو تحديد سقف أقصى لرأس المال الخاص وسقف أعلى للتداين الخارجي وتجريم التطبيع والتجسس والتهريب وتجريم التكفير… الخ ولم نسمع له وقتها أي دفع جاد نحو هذا من 2011 إلى 2013 ولا اي شغل حقيقي حول كبريات القضايا الوطنية هذه.

4- لما كنا ننادي بالتاسيس الشامل واعتبار كل المرحلة تأسيسية وعدم الاعتراف بالانتقال الملون والموجه من رعاة الانتقال الأجانب وكنا نوزع المقترحات في القصبة الأولى والثانية لإعادة تأسيس كل شيء بما في ذلك المؤسسات المالية والجيش لم نسمع أي صوت في هذا المغزى وللتذكير أيضا فإن شعار شغل حرية كرامة وطنية بزع بريقه بعيد سنة 2000 في كلية 9 افريل بالذات لما كنا نؤسس حركة المعطلين عن العمل وهو جانب من عملنا وخاص بتلك الحركة ومن صميم تاريخ تونس الذي يعود لمرحلة الاستعمار الفرنسي ولا علاقة له بهلاميات ما بعد 2011.

5- في خصوص النظام السياسي كنا وكان جمع من المهتمين منذ سنة 2000 ومنذ صدور كتاب طوني ناغري الإمبراطورية، كنا ننشر في كل الاطر بما في ذلك الصحافة الإلكترونية والورقية ونقصد الحوار المتمدن وجريدة الشعب ما يفيد فكرة جمهورية الجماهير كواقعة ما بعد انتخابية وما بعد ديمقراطية غربية ليبراالية تقليدية وفردانية واستعمارية وكان كل همنا التاسيس الذاتي والقاعدي والمقاوم في كل الأبعاد وليس الشكلي فحسب وكنا حتى نشرنا نصوصا تدعو لانتخاب الحكومة مباشرة من الشعب بعدة شروط وتفصيلات وان تكون مؤسسة الرئاسة في شكل مجلس وكنا مقتنعين تمام الاقتناع قبل عشر سنوات من 2010 بضرورة البناء من تحت إلى فوق أو من أسفل إلى أعلى وكان آخر همنا الترويج للقضاء على الأحزاب أو القضاء على البرلمان واختلفنا في ذلك مع العديد مع ان الطرح يوحي بذلك ومع اننا فعلا في تلك المرحلة رأينا عبثية المواصلة في نظام التمثيل غير الشعبي وغير الديمقراطي وعدم نجاعة المعارضة والتي نحن منها وإنما خارج الاحزاب رغم كل تضحياتها أمام الاستبداد المشط والمزاج الدولي الداعم للاستبداد وكما تغير تغيرنا وكما أخطأنا في عدة امور أخطأ أيضا ولكن هذه الفقاعات التي وصلنا إليها خارح المعقول تماما صراحة.

6- كنا بمعية جمعية مواطنة وبحضور الأستاذة نجاة اليعقوبي المحامية والأستاذ أيوب الغدامسي المحامي وغيرنا اقترحنا على قيس سعيد مباشرة بعد مازق اغتيال الشهيد الحاج محمد البراهمي التقدم بمبادرة بعنوان هيئة وطنية تأسيسية عامة تعديلية أو بديلة لإعادة النظر في عدة أمور دستورية والمساعدة على مخرج سياسي للبلد وتوصلنا إلى ضرورة عقد ندوة صحافية ودعوة الأطراف الداعمة لنا… وفي اليوم الموالي تبخر كل الأمر بدعوى الخوف من الاغتيال.

7- كنا أول من نشر نصوصا في جريدة الصحافة وفي الشروق وفي الحوار المتمدن وجريدة الشعب في ضرورة تجاوز وإنهاء موضوع العلمانوية والإسلاموية والشيوعوية… الخ واعتبرنا الإسلام دين الشعب واعتباره مشتركا مدنيا واحدا ببن الناس وعلى هذا الأساس يتم تدقيق الفصل الأول من الدستور التونسي.

هذه بعض الملاحظات فقط حتى لا نطيل التفاصيل ولا نطيل التحليل وحتى نؤكد لمن يجهل مسارات الأمور من البدايات وحقيقة الطروحات الأخرى منذ البداية ان صناعة الروايات صناعة للاوهام بملاءكتها ووحوشها. وايضا كي يلجم بعض الهلاميين أنفسهم أمام المصالح الوطنية العليا وينظروا إلى ما يستحق النقاش ونعني البرامج التي تصلح أو لا تصلح لبلد دفع إلى الفشل ويدفع دولا أخرى إلى مزيد الفشل خاصة إذا استشرفنا بروفات عديدة، وهذا كلام تداولناه مع المقربين هذه الأيام بشكل خاص، ونقصد ليبيا والجزائر ومصر وسوريا.

ترى هل يدرك قومي حقيقة ان الدولة شيء والنظام شيء والمجتمع شيء والشعب الهلامي، وفي الحقيقة نسبة منه فقط شيء آخر تماما؟ وهل يدرك هؤلاء ان الدولة أيضا إلى جانب الدستور مؤسسات دستورية مثل الهيئات الخاصة بالقضاء والخاصة بحقوق الإنسان والخاصة بالفساد والمتعلقة بالانتخابات والمتعلقة بالاتصال… وصولا إلى المحكمة الدستورية؟ من المؤكد ان الإدراك موجود بنسب متفاوتة ولكن الإدراك المتيقظ صعب وسط التخمرات الشعبوية.

هل يدرك هؤلاء ان الدولة أيضا منظمات وطنية ومؤسسات مالية ومؤسسات إدارية وانتاجية وشركات وطنية وقيادة جيوش وقضايا أمن قومي وعلاقات جهوية وإقليمية ودولية وقوانين وعلاقات أممية…؟

ليت قومي يعقلون كون اسقاط منظومة الظلم والفساد والتبعية والتطبيع شيء وافراز الهواء الخلب أمر آخر.

صلاح الداودي