رسالة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل: من أجل تغيير بحجم تقرير المصير

أضيف بتاريخ: 24 - 04 - 2019

لا توجد في الحقيقة مؤسسات انقاذ قوية تحمي الوطن في الحالات القصوى وتحظى بثقة أوسع فئات الشعب (فيما عدا حماية الحدود والارواح بقدرات ذاتية أو بالتعاون مع الجوار). والحقيقة ان تونس مهددة فعلا في واقع تعثر الإدراك الشعبي الواسع (بتقصير كبير طبعا من الدولة وكل نخبها) بضرورة التغيير والعمل الشاق على تنفيذه رغم ان الأمل في الاستفاقة بشروط موضوعية معينة (يتحملها المسؤولون عن الإنقاذ لا المفسدون)، لن يفقد.

الحقيقة أيضا ان العمل متواصل على محاولات تحطيم قلعة الاتحاد العام التونسي للشغل الضمانة الأوحد لتعديل الأمور عند حافة الهاوية ولا استثناء إلا لقلة من هذا الدور الخبيث الاوطني والمبرمج من حكومات ومؤسسات وسلط وأصحاب نفوذ واعلام واحزاب والخ وموجه من الخارج أيضا بنسبة كبيرة اقلها في إتجاهات سياسات العمالة التي يراد فرضها من خلال الوكلاء المحليين على البلد وشعبه.

والادهى والامر اننا لا نلاحظ عملا جديا من بعض المعارضة الوطنية على المضي نحو خيار ما يكون الاتحاد جزءا منه باي شكل من الأشكال. فلا التكوين الذي باشره الاتحاد لنشر مراقبين للانتخابات سيكفي ولا إطلاق برنامج اقتصادي واجتماعي يكون بمثابة البوصلة سيكفي ولا أي اسلوب آخر سيؤتي أكله حسب ظننا المتواضع.

ولذا نرى أنه يمكن بل يجدر بالاتحاد العمل على ما يلي:

1- أن يقدم الاتحاد العام التونسي للشغل للبلد وللشعب (وضمنيا للقوى السياسية التي تقبل بذلك)، أن يقدم شخصيات بمميزات كفاءية مؤكدة تكون قادرة اذا ما اختارها الشعب على تأمين حقائب وزارية تغطي الوزارات الاستراتيجية الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتربوية والتعليمية وتطلق برنامجا وطنيا شاملا للاصلاحات الوطنية البديلة بديمقراطية معمقة وبخطط تعرض على الشعب مسبقا في صيغة رؤى وبرامج تنفيذية وتختبر جدواها في نقاشات مفتوحة على عموم الشعب وتختبر أيضا مؤهلات المرشحين الذاتية بشكل علني ومفتوح قبل أن تتفاقم ظواهر “كاريزما الاكفاءة ” و”كاريزما الشعبوية” و”كاريزما الاسياسة” “وحماس الشعب اللاارادي للهاوية”.

2- أن يقدم الاتحاد مرشحين نواب لضمان إنقاذ بعض الجهات المظلومة والمدمرة ذات الأولوية وذات التأثير في قاطرة التغيير الوطني على خلفية مقاييس علمية تترجم في مصالح وطنية ملحة يقتنع بها الشعب وعلى أرضية مشاريع تفصيلية أيضا وعلى أن يساهم هؤلاء النواب لاحقا إذا ما نجحوا في ضبط خط السير الضروري في عمل الولاة وعمل البلديات وكل المجالس الأخرى المنتخبة ومساعدة الهيئات الدستورية على إيجاد المناخ والتوازن القادر على اضطلاع هذه الهيئات بمسؤولياتها والمساعدة على تغيير وجه البلد. واذا ما استحال ذلك، فالتفكير على الأقل في بناء صيغة جامعة للتفاهم، من خلال كتلة وطنية اجتماعية، على تقاسم هدف وحيد هو تصعيد رئاسة برلمان ولجان برلمانية قادرة على تهيئة ظروف المشروع الوطني المطلوب وتسييره بتوازنات ما تدرس مسبقا ولاحقا بعناية بما في ذلك رهاناتها واثمانها.

3- العمل على بذل قصارى العناية من أجل تركيز مشاريع التعديل والمؤسسات التالية:

* الاستفتاء على الخيارات الاقتصادية والمالية الكبرى بعد الانتخابات في صيغة دستور اقتصادي مصغر.
* الاستفتاء على مبادىء فوق دستورية عليا تتعلق بالعقيدة الوطنية السيادية والتحريرية.
* تركيز مجلس أعلى للإصلاح الديني والتربوي يؤسس للوحدة والتعاون والترشيد والتقريب والتحكيم وحفظ أركان الحضارة الإسلامية الرحمانية والإنسانية فوق كل اعتبار سياسي صغير وانتخابي ضيق.
* تركيز مجلس وطني أعلى للشؤون الاستراتيجية وشؤون الحكم.

4- ان يعمل على مشروع وطني وحدوي لتقديم مرشح وحيد لرئاسة الجمهورية من بين عموم الذين يريدون الترشح وعلى قاعدة رؤية لاطلاق المشروع الوطني التحرري الاجتماعي والسيادي في شكل هيئة رئاسية تؤسس لميثاق رءاسي مسبق يعرض على الناخبين يتم فيه تقاسم المهام والأدوار في قضايا الأمن القومي والدفاع والسياسة الخارجية وكل مقتضيات الديبلوماسية والعلاقات الدولية.

وبقية التعديل تأتي بالروح العامة التي سوف تعم البلد بمثل هذه الخطوات اذا تحقق منها شيء وبانعكاساتها الايجابية التي سوف تحصل، إذا حصل قرار ما في هذا الاتجاه أو بصيغ أخرى ضمن هذه الفكرة. هذا ويدرك الكل الجسامة والصعوبات وقوة الجسور واكلافها الشاقة لشق طريق نقل هذه الصرخة إلى بر الأمان، ولكن القناعة هي القناعة: الوطن أو العدم.
وعلى الله التوكل وهمم الرجال وبقية الخير في شعبنا المنهوب والمهدور.

صلاح الداودي.