تفاهمات ترامب – بوتين خدعة. هذه خطة أمريكا السورية

أضيف بتاريخ: 11 - 03 - 2017

د. محمد صادق الحسيني

لا مداهنة مع الامريكيين حتى وهم يسيرون. القهقرى ، فالذئب الجريح لم يستسلم بعد …!
ومحور المقاومة المنتصر رغم تفوقه في كل الميادين لا يزال في اوج مواجهاته ، ولا تسويات او صفقات قريبة وامريكا لا تزال الشيطان الاكبر في سورية ايضا ، واليكم الوقائع والادلة :
اولا : ان المقياس الدقيق لسياسات اي دولة كانت ، سواء دولة عظمى ام دولة صغرى ، هو اُسلوب النظرة الموضوعيه المجرده لطبيعة النظام الحاكم في تلك الدوله والذي يشكل دائماً انعكاسا للنظام الاقتصادي السائد في تلك الدولة.
ثانيا : ان النظام الرأسمالي العدواني التوسعي هو الذي افرز ويفرز النظام السياسي الأميركي وأدواته التنفيذيه ، المالية والسياسية والعسكرية والامنيه …. ، ان هذا النظام لا يرتبط بشخص الرئيس او طاقمه او غير ذلك وإنما الذي يحدد سياسات واستراتيجيات ودينامية الأجهزه التنفيذيه الاميركيه ، ان ما يحدد ذلك هي الطبيعه العدوانيه الاستعماريه للسياسه الاميركيه التي هي تعبير او انعكاس لطبيعة البنيه الاقتصاديه في هذا البلد .
ثالثا : وهذا يعني ان السياسة الاميركيه لا يمكن لها ان تكون معادية لإيران وصديقة لروسيا في آن معاً كما ان من غير الممكن ان تكون هذه السياسه تقدم كافة انواع الدعم لإسرائيل لتشجيعها على التوسع والعدوان وان تكون عكس ذلك في سورية مثلا..
أو ان تكون في حالة توافق مع السياسه الروسيه العامه والاستراتيجيات الروسيه المنبثقة عنها سواء على الصعيد العالمي او على صعيد بؤر التوتر في العالم ، ومناقضة لها في كل تفاصيلها بدأً من أوكرانيا مرورا بممارسات الولايات المتحدة في أوروبا الشرقية ودول البلطيق وصولا الى الملف النووي الإيراني وحرب الابادة الصهيوسعواميركيه في اليمن وصولاً الى الحرب العالميه التي تشن ضد سورية الدولة وليس فقط ضد الحكم في سورية.
رابعا : ان أية تفاهمات بين رئيسي روسيا والولايات المتحدة ستكون بالضروره محكومة الى عوامل التأثير والتفاعل التي تنتج السياسات الاميركيه التوسعيه…
فمن يقوم بإجراء بعض التفاهمات التكتيكيه مع الرئيس الروسي حول سورية لا يمكنه ان يكون قد اقدم على ذلك نتيجة لتغير في قناعاته او مصالحه الاستراتيجيه ، بل ان هدف هذه التحركات يكمن في مكان اخر…
خامسا : ان استمرار سياسات ترامب المعاديه لإيران وموقفه من الاتفاق النووي معها واستمرار الحشد العسكري الاستراتيجي للناتو ، بقيادة الولايات المتحدة ، على حدود روسيا الغربيه ( بولندا ) والشمالية الغربيه ( البلطيق ) مضافا اليها تكثيف الوجود البحري والجوي الأميركي والناتوي في البحر الأسود لا يدل لا على تغير في أهداف السياسه التوسعيه الاميركيه ولا في أهدافها على الصعيد الدولي.
سادسا : اما اذا أضفنا الى كل ما سبق قيام الولايات المتحدة باقرار نشر منظومة صواريخ ثاد Thad في كوريا الجنوبيه وما يعنيه ذلك من تهديد مباشر للامن القومي لكل من الصين وروسيا وغيرهما من الدول المجاورة فان ذلك يسلط مزيدا من الضوء على عدوانية السياسه الاميركيه وطبيعتها التوسعيه.
سابعا: واذا ما نظرنا الى هذه العوامل بطريقة موضوعيه علمية تحليلية مبنية على القياس المنطقي فلن يقودنا ذلك الا الى النتائج التأليه :
أ ) ان التفاهمات التي يدور الحديث حولها ( ان وجدت ) بين الرئيسين بوتين وترامب لا تتعدى كونها تفاهمات لحظية “نقطية” تكتيكية لا يختلف دورها عن دور التخدير الموضعي في العمليات الجراحيه . اذ لا يعقل ان تكون هناك تفاهمات ذات معنى ولها وزنها ودورها في تنفيذ الاستراتيجيات الدولية طالما ان احد طرفي هذه التفاهمات يواصل فرض العقوبات الاقتصاديه ( الولايات المتحدة ) على الطرف الاخر ويواصل إجراءات التطويق العسكري الاستراتيجي لهذا الطرف ( روسيا ).
ب ) ان الهدف الأميركي من سياسة التفاهمات “النقطيه” والصوريه مع روسيا يتمثل أساسا في العمل على استيعاب ( بمعنى تخفيف ) ردة الفعل الروسيه على السياسات العدوانيه الاميركيه ضدها وضد حليفها .
ج) ان احدى أهداف هذه السياسه هو تقديم الإغراءات لروسيا ، في نقاط محددة لا تؤثر في موازين القوى الدولية ، بهدف منع تطور العلاقات الصينيه الروسيه الى مستوى الحلف وذلك كسبا للوقت اللازم لبناء الحضور العسكري الأميركي الاستراتيجي في بحر الصين والمحيط الهادئ وبذلك تكون الولايات المتحدة قد ضربت عصفورين بحجر واحد :
– منع قيام التحالف الاستراتيجي بين الصين وروسيا.
– بِنَاء ألقوه الاستراتيجيه الاميركيه في ساحة المواجهه المستقبليه بين القوى العظمى في ظل ظروف أفضل بالنسبة للمؤسسة العسكرية الاميركيه.اي ان الاداره الأميركية تعمل على تأمين انسحاب تدريجي بطيء وهادئ من غرب آسيا بدلاً من انسحاب تحت النار كي تتمكن من تأمين مصالحها الاستراتيجيه في هذا الجزء من العالم بعد ان تنسحب منه وكذلك تبني إمكانيات المواجهه مع الصين في ظل ظروف غير عاصفه.
ثامنا : واذا ما واصلنا التعامل مع عناصر سياسة ترامب في مواجهة دول حلف المقاومة وحماية القاعدة العسكريه الغربيه على اليابسة الفلسطينية اي الكيان الصهيوني ، فان من الضروري ان ناخذ التناقضات الكبيرة في السياسه الاميركيه الحاليّه بين كافة مراكز القوى في الولايات المتحدة ، من البنتاغون الى C I A الى البيت الأبيض الى عناصر الدولة العميقة الى غير ذلك ، بعين الاعتبار. بمعنى انه لا يمكن الوثوق بالسياسات الاميركيه ولا بأهدافها ولا باستمراريتها ولا بكونها سياسة استراتيجية لدولة عظمى وإنما يحب التعامل معها طبقا لطبيعتها؛ اي بكونها مجموعة سياسات تبدو احيانا متناقضة ولكنها تهدف في العمق لخدمة الهدف الاستعماري العدواني التوسعي لمجموعة مكونات الدولة الاميركيه بقاعدتها الاقتصاديه التوسعيه.
تاسعا : وفي هذا الإطار فإنني ارى في ما يقال عنه “تفاهمات “بين بوتين وترامب بشان سورية ، ليس اكثر من خدعة صهيوامريكية آمل ان لا يكون الطرف الروسي قد سقط في شباكها….!
اذ انني لا ارى اي تناقض بين ما يعلنه ترامب من نيته في هزيمة داعش وبين ما ترنو اليه عناصر ادارته الاخرى ، الأكثر تشددا ، تلك العناصر التي لا زالت مكلفة بهدف إسقاط الدولة الوطنية السوريه والرئيس السوري وضرب محور المقاومة من بيروت وحتى طهران…!
فإذا ما نظرنا الى الميدان السوري فإننا نلحظ غيابا تاما للبيت الأبيض الأميركي ولوزارة خارجيته بينما نرى البنتاغون وال CIA هما من ينفذان السياسة الأميركية القديمة المتجددة في الميدان السوري وبادوات فيها المزج بين القديم والجديد.
ولمزيد من التأكيد على ما ذكرناه اعلاه فهذه هي خطة ترامب السورية حسب تقارير خاصة تتداولها اوساط ميدانية متابعة :
عاشرا : حيث ان المزاوجة التي اجرتها الادارة الاميركيه ( نهاية عهد اوباما وبداية عهد ترامب ) بين أدوات الحرب على الدوله السوريه تؤّمن لهذه الادارة وربيبها الكيان الصهيوني، استمرار عمليات تدمير سورية مع مراعاة المتغيرات الدولية خاصة عنصر عدم استفزاز الطرف الروسي بشكل قد يتسبب بنتائج سلبية على السياسه الأميركية العامة .
اي ان الادارة الاميركيه قد بدأت بتغيير ادوار ومسميات بعض أدواتها في المنطقة وفي داخل سورية لا اكثر. فبدل ان تقوم تركيا اردوغان مثلاً بمواصلة سياستها الرعناء والفاشلة في سورية فقد اسند اليه دورا جديدا ، في إطار تنفيذ المخطط الصهيواميركي في سورية وضد حلف المقاومة ، وذلك :
– بتكليفه بإنشاء ما يطلق عليه ” قوات درع الفرات ” والتي هي ليست سوى عصابات من المرتزقة الذين جمعتهم تركيا والعدو الصهيوني وقامتا بتدريبهم في معسكر بعشيقه في العراق وتقوم بتمويلهم كلاً من مشيخة قطر ومملكة ال سعود.
علماً ان القوات التركيه تقوم بتدريب بين ثمانمائة وألف عنصر في معسكر بعشيقه وتلحقهم بتشكيلاتها العسكريه في سورية.
– تهدف الخطه الصهيو أميركية بالتعاون مع اداة الناتو اردوغان الى رفع عديد ” قوات درع الفرات ” الى ثمانية عشر الف مسلح بحلول شهر حزيران القادم على ان يتم تسليحهم من خلال الادارات العسكريه التركيه وبشكل غير سري على اعتبار انها قوات متوافق عليها بين الروسي والاميركي اضافة الى اذناب أميركا من اردوغان الى العدو الصهيوني الى السعوديه وقطر.
– تقوم تركيا اردوغان بتدريب وتجهيز حوالي الف ومائتي شرطي ( غير الذين تم نشرهم في منطقة اعزاز / جرابلس / في معسكرات تركيه في منطقة عنتاب السوريه المحتلة وسيتم نشرها في المناطق التي تسيطر عليها مرتزقة اردوغان مستقبلا.وسيتم تجهيزهم بالكامل من قبل الاستخبارات العسكريه التركيه وبتمويل سعودي كامل.
كما ستكون هذه ألقوه تابعة اداريا لوالي عنتاب المحتلة بينما تتولى المخابرات التركيه ادارتها ميدانيا داخل مناطق انتشارها على الاراضي السوريه الخارجة عن سيطرة الدوله الوطنيه السوريه.اي ان اردوغان لا يواصل سياسة دعم العصابات المسلحة في سورية عسكريا وماديا وإداريا وعلى صعيد الامداد ( بالذخيرة والسلاح ) فحسب ، بل انه يقوم بتغيير الواقع الاداري في المناطق السورية المختلط من قبله تحت مسمى درع الفرات…!
حادي عشر : وفي خطوة موازية لما كلّف به اردوغان فقد تم تكليف النظام الأردني بتنفيذ مخطط شبيه وفي نفس الإطار :
– اذ يقوم الاردن ومن خلال غرفة الموك ، والتي لم يتم حلها إطلاقا وهي لا زالت تعمل كالمعتاد رغم كل ما اشيع عن حلها وإغلاقها ، بتدريب عناصر ما يطلق عليه اسم “جيش سوريا الجديد” في معسكر الموقّر في الاردن وبالاشتراك مع ضباط امريكيين وبريطانيين.
وقد تم حتى الان تدريب كتيبتي قوات خاصه قوامها تسعمائة فرد ( تدريب قوات خاصه او صاعقه ) في هذا المعسكر وادخلت الى الاراضي السوريه ( منطقة درعا ) على دفعات كان اخرها بتاريخ ١٨/٢/٢٠١٧.
– كما يقوم فصيل من المدربين الأردنيين ( حوالي ثلاثين عنصراً ) وبالمشاركة مع ضباط امريكيين وبريطانيين واسرائيليين بتدريب ستمائة عنصر من “جيش سوريا الجديد” في معسكر التنف الذي تديره غرفة الموك من قاعدة قياده خلفيه في الرمثا الأردنيه.
– كذلك يشارك عددا من الضباط الأردنيين (١٤ ضابط ) في تدريب حوالي أربعمائة عنصر بين عرب واكراد في معسكر الرميلان في الشرق السوري على ان يتم الحاقهم بقوات جيش سوريا الجديد . علما ان هذه الدورة ستنتهي بتاريخ ٢٤/٣/٢٠١٧ .
ثاني عشر : ترمي الخطه الاميركيه الى حشد خليط من المرتزقة يصل عددهم الى أربعين الف رجل خلال الأشهر آلسته القادمه وذلك في قواطع العمليات في ريف حلب الشمالي الشرقي وريف حلب الشرقي بالاضافه الى أرياف دير الزُّور الجنوبيه الشرقية وصولا الى قواطع البوكمال على الحدود مع العراق.
ثالث عشر : ترمي الخطه الامريكيه الى تحشيد القوه العسكريه اللازمه لشن هجوم واسع على مواقع الجيش السوري على المحاور التاليه في حدود بداية شهر حزيران ٢٠١٧:
– المحور الاول : الغاريه / ديبين / بصرة الشام / ريف السويداء الجنوبي الغربي/
علما انه يجري العمل على تحديد قوام هذه ألقوه التي ستكلف بالتنفيذ على هذا المحور. هذا التحرك الذي سيتم بالتزامن مع تحرك اخر على محاور درعا الشمالية الغربيه تهدف الى قطع طريق درعا / دمشق وتطويق وحصار وحدات الجيش السوري في درعا تمهيدا للسيطرة على المدينه .
كما تتضمن الخطه :
– قيام سلاح الجو الاسرائيلي بتقديم الاسناد الجوي للمسلحين من خلال قصف مواقع الجيش السوري والقوات الحليفة بهدف تحييد سلاحي المدفعيه والصواريخ لتسهيل تقدم المسلحين في مناطق العمليات .
– قيام كتيبه من لواء هاغولاني بعمليات إنزال على مواقع الجيش السوري في ريف القنيطره وكذلك مواقع حزب الله ومواقع المستشارين الإيرانيين .
– قيام وحده من قوة هامتكال ( قوة العمليات الخاصه التي تعمل خلف خطوط العدو ) بعملية إنزال في منطقة خان ارنبه ويعتقد ان مهمة هذه الوحدة هي تنفيذ عملية اغتيال لضباط قياديين من ضباط الميدان لقوات الحلفاء هناك.
– قيام سلاح المدرعات الأردني ، بواقع كتيبتين من كتائب اللواء المدرع الأربعين في الجيش الأردني بالتحرك الى داخل الاراضي السوريه بحجة تأمين الحدود الأردنيه . وسيتم دخول هذه القوه المدرعه من محيط معبر نصيب. بالاضافه الى تكليف كتيبة من القوات الخاصه الأردنيه بالقيام بعمليات إغاره على أهداف محدده ( مواقع للجيش السوري والقوات الحليفة ) داخل الاراضي السوريه.
– وفي هذا الإطار فقد تم إسناد مهمة تقديم الاسناد المدفعي للقوه المدرعه الأردنيه ولوحدات القوات الخاصه الى كتيبة المدفعيه السادسة في الجيش الاردني.
ماتقدم لا يعني مطلقاً ان ترامب سينجح في اي من مخططاته ، بل اننا نعتقد بقوة بان ثمة مفاجآت تنتظره ستجعل كافة مخططاته تذروها الرياح ، لان غرفة عمليات المشهد الدمشقي المصغر لن تخدع بمقولة “التفاهمات ” ولن تسمح لجنود الشيطان الاكبر استعادة اليد العليا ، بعد ان تم جعلها تأكل حصاد الهزيمة المرة في كل ميادين غرب آسيا المقاومة ولم يبق لترامب سوى السراب …!
بعدنا طيبين قولوا الله
*ملاحظه:
وحدة همتكال هي الوحده التي نفذت عملية الانزال الفاشله في بعلبك إبان حرب تموز ٢٠٠٦